الأربعاء، أغسطس 04، 2010

زواج المحلل - ملاحق المقال

الطَلْقةُ المَنْصورَةُ في وَطْئ نِكَاحِ مُحَلِّلِ اٌلْمُطَلَّقَةِ المَقْهُورَةِ

ملحق رقم 1

آراء المذاهب الأربعة في نكاح المحلل

من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة لمؤلفه السيد عبد الرحمن الجزيري

إذا طلق امرأته ثلاثا فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ولا يلزم أن يكون الزوج الثاني ناويا معاشرتها دائما بل تحل للأول إذا جامعها الثاني قاصدا ( 1 ) تحليلها للزوج الأول ويقال له : المحلل وإنما تحل للأول بشروط مفصلة في المذاهب

1 ) المالكية و الحنابلة - قالوا : إذا تزوجها بقصد التحليل فإنها لا تحل للأول مطلقا . وكان النكاح الثاني باطلا

( 2 ) الحنفية - قالوا : إذا تزوجها الثاني بقصد تحليلها للأول فإنه يصح بشروط :

الأول : أن يعقد عليها الزوج الثاني عقدا صحيحا فإذا كان العقد فاسدا لعدم استيفائه الشروط المتقدمة فإنها لا تحل وكذا إذا كان العقد الثاني موقوفا على إجازة الغير كما إذا عقد عليها عبد مملوك ووطئها قبل إجازة سيده فإنها لا تحل .

الثاني : أن يدخل عليها الزوج الثاني ويجامعها . أما مجرد العقد بدون جماع فإنه لا يحلل بالإجماع ، ونقل عن سعيد بن المسيب أنه قال : تحل بمجرد العقد ولكن هذا القول لم يعمل به أحد من الأئمة مطلقا ومن أفتى به فعليه لعنة الله والملائكة ولو قضى به القاضي فلا ينفذ قضاؤه . ولا يشترط في الزوج الثاني أن يكون عاقلا بل إذا وطئها مجنون فإنها تحل وكذا إذا وطئها نائم لا يشعر أو مغمى عليه وكذا إذا كانت هي نائمة أو مغمى عليها ولكن في ذلك خلافا . فبعضهم يشترط اللذة من الجانبين كما هو ظاهر الحديث وعلى هذا فالمغمى عليه والنائم الذي لا يلتذ لا يحلل بخلاف المجنون فإنه يلتذ بلا كلام أما من يقول : يكفي مجرد الإيلاج فإنه يقول : بالحل مطلقا ولكن الظاهر هو الأول عملا بالحديث إلا أن تحمل اللذة على مجرد الإيلاج وكذا لا يشترط أن يكون بالغا بل يكفي في تحليلها أن يكون مراهقا بحيث تتحرك آلته ويشتهي النساء وكذا لا يشترط أن يكون الزوج الثاني مسلما إذا كان يحلل ذمية طلقها مسلم فلو كان المسلم متزوجا ذمية ثم طلقها ثلاث مرات وتزوجت ذميا ثم طلقها حلت للأول ويشترط أن يكون الوطء بلا حائل كثيف فلو لف خرقة على ذكره وأولج فإنه لا يصح إلا إذا كانت رقيقة لا تمنع الحرارة كالكيس المعروف بالكبود فإنه يصح

الشرط الثالث : أن يكون وطء الزوج موجبا للغسل بحيث تغيب الحشفة في داخل الفرج على المعتمد ولا يشترط الإنزال لما علمت أنه يكفي في التحليل أن يكون الزوج الثاني مراهقا وكذا لا يشترط أن يكون الوطء جائزا فإذا وطئها وهي حائض أو نفساء أو محرما بالنسك فإنها تحل للأول

الشرط الرابع : أن تنقضي عدتها من الزوج الثاني فلا تحل للأول إلا إذا انقضت عدتها كما أنه لا يصح للزوج الثاني أن يعقد عليها إلا إذا انقضت عدتها من الأول كما تقدم في قولنا : أنه يشترط أن يكون العقد صحيحا إذ لو كانت في العدة لم يكن العقد عليها صحيحا

الشرط الخامس : تيقن وقوع الوطء في المحل فلو وطئ صغيرة لا يوطأ مثلها فإنها لا تحل ومثل ذلك ما إذا وطئ مفضاة - وهي ما اختلط قبلها بدبرها - فإنها لا تحل للأول إلا إذا حملت من الثاني إذ لا يمكن الجزم بأنها وطئها في القبل إلا بالحمل ومثل ذلك ما إذا تزوجها مجبوب - وهو مقطوع الذكر - فإنها لا تحل للأول إلا إذا حملت من المجبوب وذلك لأن المجبوب يمكن أن يساحقها بأن يضع محل القطع على فرجها - كما تفعل المرأة مع المرأة - ثم ينزل فإذا حملت من هذا الإنزال . فإنها تحل للأول أما إذا تزوجها خصي - وهو مقطوع الأنثيين - ثم أولج فيها تحل وكذا إذا تزوجها شيخ كبير يكون عنده نوع انتشار فإنه يكفي أما إذا كانت آلته كالخرقة لا انتشار لها ولا يمكن إدخالها إلا بيده فقيل : تحل به لأن المدار إلى دخول الحشفة وقيل : لا تحل ولكن الظاهر أن ذلك الإدخال إذا تلذذ به وتلذذت به حلت كما هو ظاهر حديث " حتى تذوقي عسيلته و يذوق عسيلتك " وإلا فلا

وبعد فهل يجوز لرجل أن يتزوج مطلقة الغير ويطأها بقصد تحليلها لمطلقها أو لا ؟ والجواب : أنه يجوز ذلك بل ويكون له عليه أجره بشروط:

أولها : أن يقصد الإصلاح بين الزوجين لا مجرد قضاء الشهوة . فإن قصد الشهوة فقط كره له ذلك . ولكنها تحل للأول

ثانيها : أن لا ينصب نفسه لذلك بحيث يعرف بين الناس ويشتهر بأنه يحلل المطلقات فمن كان كذلك كان عمله هذا مكروها تحريما

ثالثها : أن لا يشترط على ذلك العمل أجرا فإن فعل كان عمله محرما ويحمل على هذا حديث " لعن الله المحلل والمحلل له " لأنه باشتراطه الأجر كان عاصيا يستحق اللعن العام وإنما كان عاصيا بذلك لأنه أشبه آخذ الأجرة على عسب التيس فمن كان عنده حمار أو غيره من ذكور الحيوانات وطلبه منه آخر لينزو على حمارة أو غيرها ليحبلها فإنه يحرم عليه أن يأخذ على ذلك أجرا . فإذا أخذ الإنسان أجرا على وطء المرأة كان كالحمار الذي يطلب صاحبه أجرا على مائه

رابعها : أن لا يشترط التحليل . كأن يقول : تزوجتك على أن أحللك فإذا قال ذلك بطل الشرط وصح العقد على المعتمد . فإذا وطئها حلت للأول ولكن مع كراهة التحريم . ويظهر أن علة ذلك هي مخالفة ظاهر الحديث لأن لعن المحلل والمحلل هو الذي يثبت له هذا الوصف في العقد بأن يشترط التحليل . وقد علمت أنهم حملوه أيضا على ما إذا اشترط أجرا يأخذه في نظير القيام بهذا العمل ولا مانع من حمل الحديث على الأمرين فإن من يشترط أجرا على التحليل بمثابة التصريح بالتحليل وكلاهما عليه أنه أتى هذا العمل لغرض دنيء تنبو عنه المروءة فيستحق أن يكون من الملعونين

وقد نقل بعضهم عن أبي حنيفة أنه قال : إن شرط التحليل يصح ويلزم به بحيث لو امتنع عن طلاقها يجبره القاضي ولكن المحققون من الحنفية قالوا : إن هذا ضعيف لا ينبغي التعويل عليه لأن قواعد المذهب تأباه وذلك لأن النكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة بل يبطل الشرط مع صحة العقد ومما لا شك فيه أن شرط التحليل ليس من مقتضى العقد فيجب بطلانه وصحة العقد وهذا هو المعتمد من المذهب وإذا أقت العقد بوقت بطل العقد كما سيأتي في مبحث النكاح المؤقت

فإذا خافت المرأة أن لا يطلقها فإنه يمكنها أن تقول له : زوجتك نفسي على أن يكون أمر طلاقي بيدي . فيقول لها : قبلت على ذلك . وفي هذه الحالة يصح العقد . ويكون لها الحق في تطليق نفسها متى أرادت وهذا إنما يصح إذا قالت له المرأة هذا . أما إذا قال لها : تزوجتك على أن يكون أمرك بيدك . فإن النكاح يصح ويلغو الشرط

والحاصل أن التحليل إذا سلم من هذه المحظورات وكان مقصودا به الصلح بين الرجل ومطلقته فإنه جائز . ولصاحبه أجر الذي يصلح بين الزوجين أما إذا كان لغرض من الأغراض السابقة فإنه يكون مكروها تحريما ويكون إثمه على كل من اشترك فيه سواء كان الزوج الثاني أو المطلق أو المرأة ولكن العقد يكون صحيحا متى كان مستوفيا لشروطه الأخرى وتحل للأول بالوطء على الوجه المشروع

المالكية - قالوا : من تزوج امرأة طلقها غيره ثلاثا بنية إحلالها له كان العقد فاسدا لا يثبت بالدخول . بل يفرق بينهما قبل البناء وبعده لكن إن تزوجها بشرط التحليل فإن العقد يفسخ بغير طلاق لعدم وجود عقد أصلا وكذا إذا لم يشترط التحليل ولكن أقر به بعد العقد فإنه يفسخ بطلاق أما إذا أقر بشرط التحليل قبل العقد ثم عقد عليها فإنه يفسخ بدون طلاق كما إذا اشترط التحليل في العقد . وبعضهم يقول : إنه يفرق بينهما بطلقة بائنة مطلقا أما نية المطلق ونية المطلقة بأن نويا التزوج بالثاني لمجرد التحليل للأول فإنها لا قيمة لها وذلك لأن الزوج الثاني هو الذي بيده الطلاق فإذا نوى التحليل فقد ترك شرطا أساسيا يبنى عليه الزواج . وهو دوام المعاشرة المقصودة من الزواج فإذا تزوج امرأة بنية التحليل ودخل بها فإنها لا تحل للأول ويلزم الزوج الثاني المهر الذي سماه لها بالدخول بها بلا خلاف أما إذا اشترط التحليل في العقد فإنه يكون لها المهر المسمى بالدخول بها على الأصح وكذا إذا تزوجها بنية التحليل وبنية إمساكها إن أعجبته فإن النكاح يكون فاسدا كالأول ولا تحل لمطلقها بالوطء فلا تحل المبتوتة لمطلقها إلا إذا تزوجت رجلا آخر لم ينو إحلالها لمطلقها بشروط :

أحدها : أن يكون الزوج الثاني بالغا . ثانيها أن يولج في قبلها حشفة ذكره أو قدرها ممن ليست له حشفة فلا تحل بما دون ذلك فإذا أولج في دبرها فإنها لا تحل ويشترط أن يكون الذكر منتشرا سواء كان الانتشار قبل الإيلاج أو بعده فلو أدخل بدون انتشار ثم انتشر بعد الإدخال فإنه يصح ولا يلزم أن يكون الانتشار كاملا ولا بد أن يكون الإيلاج في داخل الفرج لا في هوائه الخارج وأن لا يلف على الذكر خرقة كثيفة أما الخرقة الرقيقة التي لا تمنع الحرارة ففيها خلاف ولكن الظاهر أنها تكفي وقد يمثل للخرقة الخفيفة في زماننا هذا بالكيس الرقيق الذي يستعمل حذرا من الحمل ويسمى - الكبود - فلو لبسه تحل ولا يشترط الإنزال وما نقل في كتب الحنفية من أن المالكية يشترطون الإنزال غير صحيح

وتحل إذا أولج فيها الخصى - وهو المقطوع الانثيين دون الذكر - بشرط أن تعلم به حال الوطء لأنها إذا علمت ورضيت لزم النكاح أما إذا لم تعلم كان النكاح معيبا قابلا للفسخ فلا يترتب عليه التحليل

ثالثها : أن يكون مسلما فلو طلق مسلم زوجته الكتابية ثلاثا ثم تزوجها كتابي وفارقها فإنها لا تحل لزوجها المسلم خلافا للحنفية

رابعها : أن لا يقوم بهما مانع شرعي يمنع الوطء كأن تكون المرأة حائضا . أو نفساء . ولو بعد انقطاعهما مع عدم الغسل أو يكونا صائمين أو أحدهما صائما صيام رمضان أو النذر المعين أو يكونا محرمين بالنسك أو أحدهما فإن الوطء في هذه الأحوال لا يحلها وبعضهم يقول : إن الوطء في هذه الأحوال يحلها لمطلقها الأول أما الوطء حال صيام التطوع وقضاء الفرض والنذر غير المعين فإنه يحلها اتفاقا

خامسها : أن لا ينكر الوطء أو ينكره أحدهما فإذا أنكر الزوج الوطء فإنها لا تحل وكذا إذا أنكرت هي

سادسها : أن لا تكون صغيرة غير مطيقة للوطء

سابعها : أن تعلم الزوجة بالوطء وتشعر به فلو كانت نائمة أو مغمى عليها أو كانت مجنونة لا تدرك فإنها لا تحل للأول أما علم الزوج بالوطء فإنه ليس بشرط على المعتمد فإذا وطئها نائم لا يشعر أو مجنون . فإنه يحللها للأول

الشافعية - قالوا : إذا تزوج رجل مطلقة غيره ثلاثا بنية إحلالها له فإنه يصح بشروط :

الشرط الأول : أن يعقد عليها الثاني عقدا صحيحا فإذا كان العقد فاسدا أو جامعها بشبهة أو زنا فإنها لا تحل لأن الله تعالى قال : { فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره } ولا يخفى أن المراد به النكاح الصحيح حتما

الشرط الثاني : أن لا يشترط التحليل لفظا في العقد فإذا قال : تزوجت فلانة بشرط إحلالها لمطلقها أو قال تزوجتها على أنني إذا وطئتها طلقت أو بانت بطل العقد ولا تحل للأول بوطئها بناء على هذا العقد الفاسد أما إذا تزوجها بدون شرط و في نيته الطلاق لتعود إلى زوجها فإنه مكروه

الشرط الثالث : أن يكون الزوج الثاني من يتصور منه ذوق اللذة بأن يشتهي الوقاع وإن كان صبيا فلا يشترط أن يكون بالغا كما لا يشترط إنزال المني وكذا لا يشترط أن يكون عاقلا فلو وطئها مجنون بعقد صحيح فإنها تحل للأول ولا يشترط أيضا أن يكون مسلما إذا كانت الزوجة ذمية فلو طلقها المسلم وتزوجت ذميا وفارقها بعد الوطء فإنها تحل للأول وكذا لا يشترط أن يكون حرا فلو تزوجت عبدا وأجازه مولاه صح ولا يشترط أيضا أن تكون الزوجة غير مطيقة للوطء . فلو كانت صغيرة لا يجامع مثلها فإنها تحل بإدخال الحشفة بالعقد الصحيح بخلاف الغلام الصغير الذي لا يعرف لذة الجماع ولا يمكن لمثله أن يجامع النساء . فإنه لا يحلل . والفرق بين الحالتين أن الغرض من وطء المطلقة ثلاثا من زوج آخر إنما هو التنفير من إيقاع الطلاق بهذه الصورة . وهذا التنفير يحصل بمس الصغيرة وإدخال الحشفة فيها . ولا يشترط أيضا ذوق العسيلة . بل المراد بها في حديث " حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " نفس الوطء لأنه مظنة اللذة غالبا

الشرط الرابع : أن يكون الوطء في داخل الفرج . بحيث تغيب الحشفة فيما وراء البكارة . بحيث لو كانت بكرا وأولج بدون أن يفضها ويزيل بكارتها فإنه لا يكفي لأن المطلوب أن تغيب الحشفة فيما بعد البكارة وقيل : يكفي ذلك . فإذا وطئها في دبرها فإنها لا تحل طبعا وكذا إذا أدخلت منيه بواسطة غير الإيلاج فإنها لا تحل به فإذا وطئها مجبوب بأن ساحقها وأنزل منيه فيها فإنها لا تحل أما إذا وطئها خصي - وهو مقطوع الانثيين - فإنها تحل

الشرط الخامس : أن يكون منتصبا فإذا لم يكن كذلك وأولج ذكره بأصبعه فإنها لا تحل ولا يشترط أن يكون الانتشار كاملا كما لا يشترط أن يكون بدون حائل فلو وضع خرقة على ذكره وأولج فإنه يصح ومن باب أولى إذا وضع كيسا رقيقا - كبودا - فإنه يصح به التحليل وكذا لا يشترط أن يكون الوطء غير ممنوع بسبب حيض أو نفاس أو إحرام بالنسك . أو غير ذلك

خاتمة في سقوط التحليل بفساد العقد الأول : إذا تزوج الرجل امرأة بعقد فاسد في مذهب الشافعي كأن تزوجها بحضرة شاهدين فاسقين أو زوجها ولي فاسق و دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ثم طلقها ثلاثا فهل له أن يجد عليها العقد بدون محلل لأن العقد الأول كان فاسدا لا يترتب عليه طلاق أولا ؟ إن المفتى به في مذهب الشافعية هو أنها لا تحل له بدون محلل ولا يصح الإفتاء بفساد العقد الأول لأجل إسقاط التحليل نعم إذا اختل شرط من شروط العقد الأول كأن تزوجها بحضرة فاسقين أو بدون ولي . وثبت ذلك بإقرارهما أو ببينة فإنه يترتب على ذلك أن يحكم القاضي بما هو من حقهما لا من حق الله تعالى كما إذا كان المسمى لها من المهر أقل من مهر المثل وأرادت أن تأخذ مهر المثل بدعوى أن النكاح فاسد وثبت ذلك فإن لها هذا الحق وكذا إذا طلقها ثلاثا قبل الدخول . وأقام بينة على فساد العقد تخلصا من نصف المهر الذي تستحقه بالطلاق قبل الدخول فإن القاضي يحكم له بذلك ومتى ثبت ذلك وحكم به حاكم فإنه يسقط به التحليل تبعا فله أن يجدد عليها العقد بدون محلل في الصورتين . أما تحليلها بعد تطليقها ثلاثا فإنه حق الله تعالى . فإذا أقرا بفساد العقد أو أقاما بينة على فساده لتحل له بدون محلل فإنها لا تسمع نعم إذا قامت بينة من تلقاء نفسها حسبة فإنها تسمع بشرط أن تكون هناك حاجة لسماعها وصورة ذلك : يتزوج رجل امرأة بعقد فاسد ثم يطلقها ثلاثا وهو يعاشرها ولم تعلم البينة بالطلاق ثلاثا وظنت أنه يعاشرها بحكم الزوجية فشهدت عند القاضي بأنه عقد باطلا لا يصح له معاشرتها بناء عليه فيفسخ القاضي العقد وبذلك يصح له أن يجدد عقدا عليها بدون محلل وقد يصور ذلك أيضا بأن يطلق امرأته المعقود عليها عقدا فاسدا ثلاثا قبل الدخول بها ثم يخالط أمها مخالطة المحارم فتشهد بينة الحسبة أنه لا يجوز له معاشرة هذه الأم معاشرة المحارم لأنه عقد على بنتها عقدا فاسدا فلم تكن محرما له فيقضي القاضي بعدم صحة النكاح فيسقط التحليل

وحاصل ذلك أنه لا يصح قضاء الحكم بسقوط المحلل بناء على كون العقد فاسدا ولكن يصح لهما بذلك باطنا فإذا علم الحاكم بهما فرق بينهما لا فرق في ذلك بين أن يقلد مذهبا آخر عند العقد أو لا

وبعض علماء الشافعية يرى أنه إذا عقد عقدا فاسدا في مذهب الشافعي ولكن قلد فيه أبا حنيفة مثلا كما إذا عقد بغير ولي أو بحضرة فاسقين مقلدا في ذلك أبا حنيفة أو لم يقلد أحدا ولكن حكم بصحة العقد حاكم حنفي ثم طلقها ثلاثا فإنه لا يسقط المحلل بحال أما إذا كان العقد واقعا بين العوام الذين لا يعرفون شرائط ولا أحكام فلم يقلدوا ولم يحكم حاكم بصحة العقد ثم طلقها ثلاثا فله تجديد العقد بدون محلل ديانة لا قضاء

الحنابلة - قالوا : إذا تزوج شخص مطلقة الغير ثلاثا بقصد إحلالها لزوجها الأول أو صرح بهذا الشرط في العقد إن اتفق عليه مع الزوجة أو مع وليها قبل العقد ولم يرجعا عنه فقد بطل النكاح ولا تحل للأول بحال . لما رواه ابن ماجة من أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ألا أخبركم بالتيس المستعار ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : هو المحلل . لعن الله المحلل والمحلل له " فلا تحل المطلقة ثلاثا إلا إذا تزوجت آخر بشروط :

الأول : أن يكون العقد الثاني صحيحا خاليا من كل شرط ومن نية الطلاق

الثاني : أن يطأها الزوج الثاني في قبلها . فلا يكفي العقد . ولا الخلوة . ولا المباشرة بل لا بد من إيلاج الحشفة كلها في داخل الفرج . ولا تحل بإدخالها في الدبر كما لا تحل بوطء شبهة . أو وطء في ملك يمين أو وطء في نكاح فاسد

الثالث : أن يكون منتشرا فلا تحل بإيلاج ما ليس بمنتصب

الرابع : أن تكون خالية من موانع الوطء فلا تحل إذا وطئها في حيض . أو نفاس . أو صوم فرض أو احرام أما إذا وطئها في وقت لا يحل فيه وطؤها كما إذا وطئها في ضيق وقت صلاة أو في مسجد فإنها تحل وإن كان لا يجوز له ذلك

ولا يشترط أن يكون الزوج الثاني بالغا بل يكفي أن يكون مراهقا . ولم يبلغ عشر سنين كما لا يشترط الإنزال طبعا ويترتب على الوطء بهذا العقد الفاسد ثبوت النسب والمهر المسمى ان سمى لها مهرا وإلا فمهر المثل وتجب به العدة ولا يثبت به إحصان ولا حل للزوج الأول )

 

ملحق رقم 2

إستغلال الخلاف بين المذاهب الأربعة

يستطيع المسلم السني أن يختار ما يناسب أغراضه من المذاهب الأربعة. وعلى سبيل المثال، يستطيع المسلم الحنبلي إن يلجأ لإستخدام قانون المحلل المتبع في المذهب الحنفي مع أن المذهب الحنبلي يمنع استخدام هذا القانون بنية استرجاع الزوجة. ما يلي فتوى لأحد أشهر الحنابلة المعاصرين حول هذا الموضوع.

عرض المسألة بعنوان : قضية الخلاف بين المذاهب الأربعة

السؤال

هل يجوز لمن كن يلتزم مذهبًا معينًا في عباداته أن يعدل عنه ويتمسك بمذهب آخر متى شاء‏؟‏ أم أنه يلزم المسلم أن يتمسك بمذهب واحد حتى الممات‏؟‏ وهل بين المذاهب الأربعة فرق في كيفية أداء الصلوات أم لا‏؟‏ وما هي كيفية الصلاة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم‏؟‏

الجواب

قضية التمذهب بمذهب هذه فيها تفصيل‏:‏ الإنسان الذي عنده الاستطاعة لمعرفة الحكم من الأدلة واستنباط الحكم من الأدلة هذا لا يجوز له التمذهب بمذهب بل عليه أن يأخذ الحكم من الدليل إذا كان عنده الاستطاعة والمقدرة على ذلك، ولكن هذا نادر في الناس لأن هذا منصب المجتهدين من أهل العلم الذين بلغوا رتبة الاجتهاد، أما من لم يكن كذلك لا يستطيع أخذ الأحكام من الأدلة، وهذا هو الكثير والغالب على أحوال الناس لا سيما في هذه الأزمان المتأخرة، فإن هذا لا حرج عليه أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة، وأن يقلد أحد المذاهب الأربعة، لكن ليس تقليدًا أعمى بأن يأخذ كل ما في المذهب من خطأ وصواب، بل عليه أن يأخذ من المذهب ما لم يتضح أنه مخالف للدليل، أما إذا اتضح أن هذا القول في المذهب مخالف للدليل فلا يجوز للمسلم أن يأخذ به، بل عليه أن يأخذ ما قام عليه الدليل ولو من مذهب آخر، فترك المذهب إلى مذهب آخر هذا إن كان طلبًا للدليل لمن يحسن ذلك، فهذا أمر طيب، بل هذا الواجب؛ لأن اتباع الدليل هو الواجب

أما إذا كان الأخذ بمذهب في بعض الأحيان وبمذهب آخر في الحين الآخر، وهكذا ينتقل الإنسان من باب التشهي ومن باب طلب الرخص، فهذا لا يجوز يعني ما وافق هواه من أقوال أهل العلم أخذ به ولو كان خلاف الدليل، وما خالف هواه تركه ولو كان هو الذي يدل عليه الدليل هذا متبع لهواه، والعياذ بالله، فالتنقل من مذهب إلى مذهب بدافع التشهي وطلب الأسهل والرخص هذا لا يجوز، أما الانتقال من مذهب إلى مذهب طلبًا للدليل وفرارًا من القول الذي لا دليل عليه أو القول الخاطئ فهذا أمر مرغوب ومطلوب من المسلم، والله تعالى أعلم‏.‏ وأما قضية الخلاف بين المذاهب الأربعة في الصلاة، فالمذاهب الأربعة – والحمد لله – متفقة على كثير من أحكام الصلاة في الجملة، وإنما الخلاف في بعض الجزئيات في الصلاة، فالخلاف إنما هو في جزئيات من الصلاة، منهم من يراها مثلاً مشروعة ومنهم من لا يراها مشروعة، ومنهم من يراها واجبة ومنهم من يراها مستحبة وهكذا، فالخلاف إنما هو في جزئيات في الصلاة أما أحكام الصلاة في الجملة فهذه لا خلاف فيها، والحمد لله

وأما صفة الصلاة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه معلومة من سنته عليه الصلاة والسلام، وهي محفوظة ومشروحة في كتب السنة فعلى السائل وغيره من المسلمين أن يراجعوا ذلك، لا سيما الرجوع إلى كتاب ‏"‏زاد المعاد‏"‏ لابن القيم فإنه تحرى بيان الصفة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها وشرحها من أول الصلاة إلى آخرها، وكذلك في رسالته المسماة »الصلاة« فإنه عقد بابًا لبيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها حتى كأنك تشاهده عليه الصلاة والسلام، فعلى المسلم أن يرجع إلى هذه الكتب‏.‏

المفتي : صالح بن فوزان الفوزان

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528605486

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الزواج بنية التحليل حرام، وإثمه كبير، واختلف الفقهاء حول صحته مع الإثم أو بطلانه، والراجح البطلان ، سواء صرح بهذا أو أضمره، وهو نوع من التحايل الذي نهينا عنه شرعا.

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

المقصود بزواج التحليل هو زواج المطلقة ثلاثًا لِتَحلَّ لزوجها الأول، وهو أمرمشروع دَلَّ عليه الكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) ثم قال في الآية التي تليها ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) (سورة البقرة : 229، 230) قال العلماء: المعنى فإن طلقها للمرةالثالثة. قال القرطبي: وهذا مُجمع عليه لا خلاف فيه. وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "إذا طَلَّقَ الرجل امرأته ثلاثًا لا تَحِلُّ له حتى تنكح زوجًا غيره ويذوق كل واحد منهما عسيلة صاحبه" رواه الأئمة واللفظ للدارقطني عن عائشة. وحتى يكون زواج التحليل مُحَقِّقًا للغرض منه لابد فيه من أمرين أساسين، أولهما أن يكون العقد صحيحًا، والثاني أن يكون معه دخول صحيح ، فإذا اختل واحد منهما لم يكن مشروعًا، ولتوضيح ذلك نقول:

1- حتى يكون العقد صحيحًا لابد من استيفاء الأركان والشروط المعروفة في كل زواج، وزاد العلماء عليه أن يكون خاليًا من نِيَّةِ التحليل، ونية التحليل لها حالتان.

أ ـ الحالة الأولى أن يُصرح بها في العقد، كأن يقول: تزوجتك على أن أُحللك لزوجك، وهو باطل لا تترتب عليه آثاره عند جمهور الفقهاء: مالك والشافعي وأحمد وعده ابن القيم من الكبائر لا فرق بين أن يكون اشتراط ذلك بالقول أوالتواطؤ "زاد المعاد ج 4 ص 6" وذلك لأحاديث ، منها ما رواه الترمذي عن ابن مسعود وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجة وأحمد عن ابن عباس، والحاكم وصححه "لَعَنَ رسول الله المُحَلِّلَ والمحلَّلَ له" وما رواه ابن ماجة والحاكم من حديث عقبة بنعامر أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ألا أُخبركم بالتَّيْسِ المعار" ؟قالوا: بلى يا رسول الله، قال "هو المحلِّل ، لعن الله المحلِّل والمحلَّل له".

وأما أهل الرأي "أبو حنيفة وأصحابه" فقال أبو حنيفة وزفر:يَصِحُّ العقد ويُحلها للأول، لأن الشرط الفاسد يُلغي ويَصح العقد، وقال محمد: إن العقد صحيح مع هذا الشرط، لأن الشرط يلغى ولكن هذا العقد لا يُحلها للأول، وقال أبويوسف: العقد باطل ـ كرأي الجمهور ـ ولا يُحلها للأول. هذا، وحكى الماوردي عن الشافعي أنه إن شَرَطَ التحليل قبل العقد صَحَّ النكاح وأحلها للأول، وإن شرطاه في العقد بطل النكاح ولم يُحلها للأول، وهذا قول الشافعي " تفسير القرطبي ج 3 ص 150".

ب ـ الحالةالثانية ألا يصرح بِنِيَّةِ التحليل في العقد وإن كان أمرًا معروفًا بين الناس أوعلى الأقل بين الأطراف الثلاثة، المطلِّق والمطلقة والمحلِّل، قال مالك: العقد غير صحيح ولا تحل للأول، لأن العبرة في الأحكام بالنيات، وكذلك قال أحمد بن حنبل ، جاءفي "المغني" لابن قدامة الحنبلي أن نكاح المحلل باطل إنْ شَرَطَ أنه إذا أَحَلَّهَا فلا نكاح بينهما، وإن نَوَي التحليل من غير شرط فالنكاح باطل، وفي قولٍ: إنْ شَرَطَ عليه التطليق قبل العقد ولم يذكره في العقد ولم يَنْوِهِ فالعقد صحيح.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: ينعقد صحيحًا مع الإثم، ويترتب عليه حِلُّهَا للأول بعد الدخول والطلاق وانتهاء العِدَّةِ، لأن العبرة في الأحكام بالظاهر، وأما الشافعي فله قولان، القول الأول هو القديم كقول مالك وأحمد، والقول الثاني وهو الجديد كقول أبي حنيفة وأصحابه.

2ـ أما الشرط الثاني وهو الدخول الصحيح، فهو أمر متفق عليه بين الأئمة الأربعة وجمهور العلماء،ولا يكتفي فيه بمجرد الخلوة حتى لو كانت صحيحة، بل لابد فيه من اللقاء الجنسيِّ، والدليل على ذلك ما رواه البخاري وغيره عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ لما طَلَّقَ رفاعة القرظي امرأته فثبت طلاقها تزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تشكو إليه أن عبد الرحمن ضعيف في الناحية الجنسية، فتبسم الرسول وقال: "لَعَلَّكِ تُريدين أن تَرجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تَذُوقيعُسيلته ويَذوق عُسيلتك".

وجاء في سنن النسائي عن عائشة ـرضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "العُسيلة: الجِماع ولو لم يُنزل". وجاء في سنن النسائي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : سُئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الرجل يطلق امرأته ثلاثًا، فيتزوجها الرجل فَيَغْلِقَ الباب ويُرخي الستر، ثم يُطلقها قبل أن يدخل بها، فقال : "لا تَحِلُّ للأول حتى يُجامعها الآخر".

وتَشَدَّدَ الحسن البصري فلم يكتفِ بمجرد الجماع، بل اشترط أن يكون معه إنزال للنص في الحديث على ذَوْقِ العسيلة، ولكن الجمهور اكتفوا بمجرد الجماع، بناء على تفسير الرسول للعسيلة،بالجماع ولو لم ينزل. ولم يخالف في شرط الدخول بالزوجة إلا سعيد بن المسيب من كبار التابعين وسعيد بن جبير وبعض الخوارج، وقولهم مرفوض بدليل الأحاديث السابقة. وعدم تحقيقه لحكمة التشريع.

والحكمة من اشتراط المحلِّل وتأكيد دخوله بالمرأة باللقاء الجنسي، التنفير من الطلاق الثلاث، وتنبيه الزوج إلى التَّرَيُّثِ في استعمال حق الطلاق الذي جعله الله على مرات، ومراعاة للشعور بالغيرة على أن يَحِلَّ محله رجل آخر في التمتع بزوجته. هذه هي الآراء في زواج التحليل وماشرط فيه لتترتب عليه آثاره، وقد حَمَلَ بعض العلماء عليه حملة عنيفة بصورة تجعله كأنه غير مشروع، دون مراعاة لبعض الظروف الضاغطة التي يتحقق بها يُسْرُ الإسلام،والحق هو التمسك بما اتفق عليه العلماء، مع ترك الحرية للاختيار فيما اختلفوا فيه.

وقد رأينا بعد هذا العرض الاتفاق على وجوب صحة الزواج،ووجوب المعاشرة الجنسية، ورأينا الاختلاف في نِيَّةِ التحليل أو التصريح به واشتراطه في العقد، فعند أبي حنيفة أن نية التحليل ـ شُرِطَتْ أم لم تُشرط ـ لاتمنع من صحة العقد ولا حِلَّ المرأة لزوجها الأول، وعند الشافعي قولان في عدم الاشتراط، قول كمالك وأحمد بالمنع، وقول كأبي حنيفة بالجواز، وتُحمل الأثار الواردة في التنفير منه على الكراهة ، وفي المسائل الخلافية لا يُفرض رَأْيٌ من الآراء، إلاباختيار وَلِيِّ الأمر، والعمل في مصر على رأي أبي حنيفة وهو الجواز، لأنه الراجح في المذهب، ولا مانع من اختيار أي رأي من الآراء وبخاصة عند اقتضاء المصلحة.

والله أعلم

"الفتاوى من أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام (2/141-144) المكتبة التوفيقية ـ القاهرة ـ مصر."

 

ملحق رقم 3

بعض الأحاديث الصحيحة عن أسباب نزول آية المحلل

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ :جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسَةٌ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ جِلْبَابِهَا فَسَمِعَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَوْلَهَا وَهُوَ بِالْبَابِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ قَالَتْ فَقَالَ خَالِدٌ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَنْهَى هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا وَاللَّهِ مَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّبَسُّمِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ فَصَارَ سُنَّةً بَعْدُ/البخاري باب التبسم والضحك

 

حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ حَدَّثَنَا وَقَالَ حَرْمَلَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ فَجَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ إِلَّا مِثْلُ الْهُدْبَةِ وَأَخَذَتْ بِهُدْبَةٍ مِنْ جِلْبَابِهَا قَالَ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَاحِكًا فَقَالَ لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ قَالَ فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ فَجَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ/صحيح مسلم

 

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ

أَنَّ الْغُمَيْصَاءَ أَوْ الرُّمَيْصَاءَ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْتَكِي زَوْجَهَا أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هِيَ كَاذِبَةٌ وَهُوَ يَصِلُ إِلَيْهَا وَلَكِنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ ذَلِكَ حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ/ سنن النسائي

إسم الزوجة هنا الرميصاء أو الغميصاء ويبدو أن هذا لقب لها.

 

حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ مِنْهُمْ فَطَلَّقَهَا فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَتِي هَذِهِ فَقَالَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ أَوْ يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ

 

ملحق رقم 4

شرح آية زواج المحلل من تفسير الرازي

فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)

إذا ثبت هذا فنقول : إذا قلنا نكح فلان زوجته ، فالناكح متأخر عن المفهوم من الزوجية ، والزوجية متقدمة على الزوجة من حيث إنها زوجة ، تقدم المفرد على المركب ، وإذا كان كذلك لزم القطع بأن ذلك النكاح غير الزوجية ، إذا ثبت هذا كان قوله : { حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } يقتضي أن يكون ذلك النكاح غير الزوجية ، فكل من قال بذلك قال : إنه الوطء ، فثبت أن الآية دالة على أنه لا بد من الوطء ، فقوله : { تَنْكِحَ } يدل على الوطء ، وقوله : { زَوْجًا } يدل على العقد ، وأما قول من يقول : إن الآية غير دالة على الوطء ، وإنما ثبت الوطء بالسنة فضعيف ، لأن الآية تقتضي نفي الحل ممدوداً إلى غاية ، وهي قوله : { حتى تَنْكِحَ } وما كان غاية للشيء يجب انتهاء الحكم عند ثبوته ، فيلزم انتهاء الحرمة عند حصول النكاح ، فلو كان النكاح عبارة عن العقد لكانت الآية دالة على وجوب انتهاء الحرمة عند حصول العقد ، فكان رفعها بالخبر نسخاً للقرآن بخبر الواحد ، وأنه غير جائز ، أما إذا حملنا النكاح على الوطء ، وحملنا قوله : { زَوْجًا } على العقد ، لم يلزم هذا الإشكال ، وأما الخبر المشهور في السنة فما روي أن تميمة بنت عبد الرحمن القرظي ، كانت تحت رفاعة بن وهب بن عتيك القرظي ابن عمها ، فطلقها ثلاثاً ، فتزوجت بعبد الرحمن بن الزبير القرظي ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت : كنت تحت رفاعة فطلقني فبت طلاقي ، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير ، وإن ما معه مثل هدبة الثواب ، وأنه طلقني قبل أن يمسني أفأرجع إلى ابن عمي؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك » والمراد بالعسيلة الجماع شبه اللذة فيه بالعسل ، فلبثت ما شاء الله ثم عادت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : إن زوجي مسني فكذبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : كذبت في الأول فلن أصدقك في الآخر ، فلبثت حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتت أبا بكر فاستأذنت ، فقال : لا ترجعي إليه فلبثت حتى مضى لسبيله ، فأتت عمر فاستأذنت فقال لئن رجعت إليه لأرجمنك ، وفي قصة رفاعة نزل قوله : { فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } .

أما القياس فلأن المقصود من توقيف حصول الحل على هذا الشرط زجر الزوج عن الطلاق لأن الغالب أن الزوج يستنكر أن يفترش زوجته رجل آخر ، ولهذا المعنى قال بعض أهل العلم إنما حرم الله تعالى على نساء النبي أن ينكحن غيره لما فيه من الغضاضة ، ومعلوم أن الزجر إنما يحصل بتوقيف الحل على الدخول فأما مجرد العقد فليس فيه زيادة نفرة فلا يصح جعله مانعاً وزاجراً .

من تفسير الرازي

 

ملحق رقم 5

أبطال قصة نزول آية نكاح المحلل

رفاعة بن سموأل (شمويل) القرظي:

وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ عَنْ رِفَاعَة الْقُرَظِيّ , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي عَشَرَة أَنَا أَحَدهمْ ، خال صفية بنت حيي بن أخطب

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ كُلّ مَنْ أَنْبَتَ مِنْهُمْ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي شُعْبَةُ بْنُ الْحَجّاجِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَطِيّةَ الْقُرَظِيّ ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ قَدْ أَمَرَ أَنْ يُقْتَلَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ كُلّ مَنْ أَنْبَتَ مِنْهُمْ وَكُنْت غُلَامًا ، فَوَجَدُونِي لَمْ أُنْبِتْ فَخَلّوْا سَبِيلِي . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي أَيّوبُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيّ بْنِ النّجّارِ أَنّ سَلْمَى بِنْتَ قَيْسٍ ، أُمّ الْمُنْذِرِ أُخْتَ سُلَيْطِ بْنِ أُخْتَ سُلَيْطِ بْنِ قَيْسٍ - وَكَانَتْ إحْدَى خَالَاتِ رَسُولِ اللّهِ قَدْ صَلّتْ مَعَهُ الْقِبْلَتَيْنِ وَبَايَعَتْهُ بَيْعَةَ النّسَاءِ - سَأَلَتْهُ رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْأَلَ الْقُرَظِيّ وَكَانَ رَجُلًا قَدْ بَلَغَ فَلَاذَ بِهَا ، وَكَانَ يَعْرِفُهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَتْ يَا نَبِيّ اللّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي ، هَبْ لِي رِفَاعَةَ ، فَإِنّهُ قَدْ زَعَمَ أَنّهُ سَيُصَلّي وَيَأْكُلُ لَحْمَ الْجَمَلِ قَالَ فَوَهَبَهُ لَهَا ، فَاسْتَحْيَتْهُ- إبن هشام

وَنَظَرَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - إلَى سَلْمَى بِنْتِ قَيْسٍ ، وَكَانَتْ إحْدَى خَالَاتِهِ وَكَانَتْ قَدْ صَلّتْ الْقِبْلَتَيْنِ وَبَايَعَتْهُ وَكَانَ رِفَاعَةُ بْنُ سَمَوْأَلٍ لَهُ انْقِطَاعٌ إلَيْهَا وَإِلَى أَخِيهَا سَلِيطِ بْنِ قَيْسٍ وَأَهْلِ الدّارِ وَكَانَ حِينَ حُبِسَ أَرْسَلَ إلَيْهَا أَنْ كَلّمِي مُحَمّدًا فِي تَرْكِي ، فَإِنّ لِي بِكُمْ حُرْمَةً وَأَنْتِ إحْدَى أُمّهَاتِهِ فَتَكُونَ لَكُمْ عِنْدِي يَدًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ مَا لَك يَا أُمّ الْمُنْذِرِ ؟ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ رِفَاعَةُ بْنُ سَمَوْأَلٍ كَانَ يَغْشَانَا وَلَهُ بِنَا حُرْمَةٌ فَهَبْهُ لِي . وَقَدْ رَآهُ رَسُولُ اللّهِ يَلُوذُ بِهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ نَعَمْ هُوَ لَك . ثُمّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّهُ سَيُصَلّي وَيَأْكُلُ لَحْمَ الْجَمَلِ . فَتَبَسّمَ النّبِيّ ثُمّ قَالَ إنْ يُصَلّ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَإِنْ يَثْبُتْ عَلَى دِينِهِ فَهُوَ شَرّ لَهُ .

قَالَتْ فَأَسْلَمَ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ مَوْلَى أُمّ الْمُنْذِرِ فَشَقّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجْتَنَبَ الدّارَ حَتّى بَلَغَ أُمّ الْمُنْذِرِ ذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ إنّي وَاَللّهِ مَا أَنَا لَك بِمَوْلَاةٍ وَلَكِنّي كَلّمْت رَسُولَ اللّهِ فَوَهَبَك لِي ، فَحَقَنْت دَمَك وَأَنْتَ عَلَى نَسَبِك . فَكَانَ بَعْدُ يَغْشَاهَا ، وَعَادَ إلَى الدّارِ - الواقدي

عبد الرحمن بن الزبير بن باطا القرظي:

قال ابن إسحاق : وقد كان ثابت بن قيس بن الشماس كما ذكر لي ابن شهاب الزهري ، أتى الزبير بن باطا القرظي وكان يكنى أبا عبد الرحمن - وكان الزبير قد من على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية . ذكر لي بعض ولد الزبير أنه كان من عليه يوم بعاث أخذه فجز ناصيته ثم خلى سبيله - فجاءه ثابت وهو شيخ كبير فقال يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني ؟ قال وهل يجهل مثلي مثلك ؛ قال إني قد أردت أن أجزيك بيدك عندي ؛ قال إن الكريم يجزي الكريم . ثم أتى ثابت بن قيس رسول الله فقال يا رسول الله إنه قد كانت للزبير علي منة وقد أحببت أن أجزيه بها ، فهب لي دمه فقال رسول الله هو لك ؛ فأتاه فقال إن رسول الله قد وهب لي دمك ، فهو لك ، قال شيخ كبير لا أهل له ولا ولد فما يصنع بالحياة ؟ قال فأتى ثابت رسول الله فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله هب لي امرأته وولده قال هم لك . قال فأتاه فقال قد وهب لي رسول الله أهلك وولدك ، فهم لك ؛ قال أهل بيت بالحجاز لا مال لهم فما بقاؤهم على ذلك ؟ فأتى ثابت رسول الله فقال يا رسول الله ماله قال هو لك . فأتاه ثابت فقال قد أعطاني رسول الله مالك ، فهو لك قال أي ثابت ما فعل الذي كأن وجهه مرآة صينية يتراءى فيها عذارى الحي كعب بن أسد ؟ قال قتل قال فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب ؟ قال قتل قال فما فعل مقدمتنا إذا شددنا ، وحاميتنا إذا فررنا ، عزال بن سموأل ؟ قال قتل قال فما فعل المجلسان ؟ يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة قال ذهبوا قتلوا ؟ قال فأني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير فما أنا بصابر لله فتلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة . فقدمه ثابت فضرب عنقه . فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله ألقى الأحبة . قال يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا .

رفاعة بن وهب

رفاعة بن وهب بن عتيك . روى بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان في قوله تعالى : " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره " نزلت في عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك النضيري كانت تحت رفاعة بن وهب بن عتيك وهو ابن عمها فطلقها طلاقا بائنا وتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي ثم طلقها فأتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا نبي الله إن زوجي طلقني قبل أن يمسني فأرجع إلى ابن عمي زوجي الأول فقال النبي : " لا حتى يكون مس " . فلبثت ما شاء الله ثم أتت النبي فقالت : يا رسول الله إن زوجي الذي تزوجني بعد زوجي الأول كان قد مسني فقال النبي : " كذبت بقولك الأول فلن أصدقك في الآخر " فلبثت ما شاء الله ثم قبض النبي صلى الله عليه و سلم فاتت أبا بكر فقالت : يا خليفة رسول الله أرجع إلى زوجي الأول فإن الآخر قد مسني . فقال لها أبو بكر : قد عهدت رسول الله حين قال لك وشهدته حين أتيته وعلمت ما قال لك فلا ترجعي إليه فلما قبض أبو بكر رضي الله عنه أتت عمر بن الخطاب فقال لها : لئن أتيتني بعد مرتك هذه لأرجمنك وكان فيها نزل : " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره " : البقرة 230 ، فيجامعها أخرجه أبو موسى قال : أورد هذه القصة أبو عبد الله يعني ابن منده في رفاعة بن سموال وفرق بينهما ابن شاهين والظاهر أنهما واحد وأما المرأة فقيل : اسمها تميمة وقيل : سهيمة وأميمة والرميصاء والغميصاء وعائشة والله أعلم- أسد الغابة من بني قريظة

أميمة بنت الحارث:

امرأة عبد الرحمن بن الزبير طلقها ثلاثاً فتزوجها رفاعة ثم طلقها رفاعة فقالت: يا رسول الله إن رفاعة طلقني أفأتزوج عبد الرحمن؟ قال: " هل جامعك " قالت: ما معه إلا مثل هدبة الثوب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " ./ الإصابة في معرفة الصحابة

وَكَذَا قَالَ عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء عَنْ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة فِي كِتَاب النِّكَاح لَهُ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ تَمِيمَة بِنْت أَبِي عُبَيْد الْقُرَظِيَّة

وَتَسْمِيَته لِأَبِيهَا لَا تُنَافِي رِوَايَة مَالِك فَلَعَلَّ اِسْمه وَهْب وَكُنْيَته أَبُو عُبَيْد

فتح الباري لإبن حجر

ثابت بن قيس بن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك

وهو الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج وأمه امرأة من طيء يكنى : أبا محمد بابنه محمد وقيل : أبو عبد الرحمن وكان ثابت خطيب الأنصار وخطيب النبي صلى الله عليه و سلم كما كان حسان شاعره وقد ذكرنا ذلك قبل وشهد أحدا وما بعدها وقتل يوم اليمامة في خلافة أبي بكر شهيدا

أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسي المقري أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان أخبرنا عثمان بن أحمد بن السماك أخبرنا يحيى بن جعفر بن الزبرقان أخبرنا أزهر بن سعد عن ابن عون قال : أنبأني موسى بن أنس عن أنس بن مالك أ رسول الله صلى الله عليه و سلم افتقد ثابت بن قيس فقال : " من يعلم لي علمه فقال رجل : أنا يا رسول الله فذهب فوجده في منزله جالسا منكسا رأسه فقال : ما شأنك قال : شر ؛ كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد حبط عملي وأنا من أهل النار . فرجع إلى رسول الله فأعلمه قال موسى بن أنس فرجع إليه والله في المرة الأخيرة ببشارة عظيمة فقال : " اذهب فقل له : لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة "

أخبرنا علي بن عبيد الله وإبراهيم بن محمد وأبو جعفر بإسنادهم عن أبي عيسى أخبرنا قتيبة أخبرنا عبد العزيز بن محمد بن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر نعم الرجل أبو عبيدة نعم الرجل أسيد بن خضر نعم الرجل ثابت بن قيس نعم الرجل معاذ بن جبل نعم الرجاء معاذ بن عمرو بن الجموح " / أسد الغابة

سلمى بنت قيس بن عمرو بن عبيد بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار

تكنى أم المنذر أخت سليط بن قيس . وهي إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه وكانت من المبايعات وصلت القبلتين وبايعت بيعة الرضوان

أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن سليط بن أيوب ابن الحكيم عن أمه عن سلمى بنت قيس وكانت إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم وممن صلى القبلتين قالت : بايعت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن بايعه من النساء على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف ولا نغشش أزواجنا فبايعناه . فلما انصرفنا قلت لامرأة ممن معي : ويحك ! ارجعي فسليه : ما غش أزواجنا فسألته فقال : " تأخذ ماله فتحابي به غيره "

قلت : قول أبي عمر : إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه يعني به جده عبد المطلب فإن أباه عبد الله أمه مخزومية وأما جده عبد المطلب فامه من بني عدي بن النجار لأن أمه سلمى بنت عمرو بن زيد الخزرجية من بني عدي . وأهل الرجل من قبل النساء له ولآبائه وأجداده كلهن خالات. / أسد الغابة

 

ليست هناك تعليقات:

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية