الأربعاء، أغسطس 04، 2010

نكاح المحلل - الزواج في الإسلام

 

الطَلْقةُ المَنْصورَةُ في وَطْئ نِكَاحِ مُحَلِّلِ اٌلْمُطَلَّقَةِ المَقْهُورَةِ

الزواج في الإسلام

يحوي القرآن نظرتين متناقضتين عن مفهوم الإسلام للزواج:[1]

  •  وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{الروم/21}

  • وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {النساء/3}

والآية الأولى مكية ، وهي تخاطب الرجال والنساء معا ونرى أن كلماتها تمثل موقفا حضاريا رائعا وقد "نزلت" أثناء ظروف معيشة محمد في رعاية زوجته الأولى ذات النفوذ والثروة العظيمين خديجة بنت خويلد. ومن المتفق عليه تاريخيا أن محمد ظل وفيا لخديجة وبناته منها[2] ، على الرغم من فارق السن الكبير بينهما ، وكانت تكبره بخمسة عشر عاما،ولم يتزوج غيرها إلا بعد موتها، ولا يوجد هناك أي دليل تاريخي أنه اقتنى أي جارية أثناء هذا الزواج. بالمقارنة مع الآية الأولى، نرى في "الآية" الثانية، وهي مدنية خرَّجها محمد بعد معركة أحد، تغيرا جذريا وحاسما في نظرة الإسلام إلى الزواج ، وهي النظرة التي غلبت في الواقع الإسلامي إلى الآن. فالقرآن في هذه الآية لم يكتف بهضم حقوق الزوجة عن طريق التشريع لتعدد الزوجات وإرغامهن على القبول بهذا الوضع الظالم، ولكنه فعل ذلك باستخدام أقصى أساليب الإهانة :

أولا: واضح أن الخطاب في الآية موجه بتخصيص فريد للرجال دون النساء ويعطي معنى للزواج وكأنه شأن للرجل وحده، وأن دور النساء هو دور "المفعول به" لا غير.

ثانيا: استخدم كلمة "فَانكِحُواْ" ، وكلمة "النكاح" في اللغة العربية، لها معنيين (1) : الزواج بمعناه العالمي المتدوال حاليا، أي العقد الرسمي للتعايش ومشاركة الحياة للأبد، و (2) الفعل الجسدي للجنس أي الوطأ والجماع ، حسب مفردات الخطاب الإسلامي. وكثيرا ما تستخدم هذه الكلمة في الأدبيات الإسلامية للدلالة على المعنيين معا، ولا يحدد المعنى المقصود من الكلمة إلا بفهم السياق الذي ترد فيه ، وفي رأينا (راجع ملحق رقم 4 الذي يحوي تفسيرا مشابها للرازي لمعنى كلمة نكاح) أن استخدام هذه الكلمة في الآية وقرنها في سياق الآية لاحقا بنكح ملك اليمين يضفي على الزواج معنى متدنيا.

ثالثا: استخدم كلمات "مَا طَابَ لَكُم" وطاب لكم هنا تعني ما لذ لكم أو ما تمتعتم به أو ما اشتهيتم، واستخدام كلمة "طاب" هنا يفرض على كلمة "فانكحوا" معنى "فعل الجنس" ويغيب عنها معنى الزواج أي أن المعنى يصبح: "فاوطأوا ما اشتهيتم من النساء" . أي أن معنى فعل الجنس تغلب على معنى الزواج كما عرف قبل ذلك آية سورة الروم وبما تتطلبه هذه المؤسسة من التزام ومحبة وتضحيات. وأكثر ما يدل على تعامل هذه الآية مع المرأة بشكل متدني  هو استخدام اسم (ما) وهي تستخدم في العربية بمعنى "الذي" لغير العاقل وبهذا فإن شحنتها الدلالية في هذه الآية تجنح بقوة إلى إعطاء معنى وقيمة متدنية للمرأة. 

رابعا: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: تساند هذه الكلمات أن المعنى الغالب في هذه "الآية" هو النكح بمعنى فعل الجنس ، لأن وطأ ملك اليمين محلل بحكم الملكية وهو ليس مرادفا للزواج. ويؤدي المعنى الذي يميل بقوة عن الزواج كفعل للجنس وربطه وقرنه بالعبودية وفي جملة (آية) واحدة إلى امتهان فاضح لمعنى الزوجية المفروض أن يكون معنى ساميا ومشاركة متبادلة بين إنسانين لهما نفس الوزن في هذه العلاقة. ومراجعة عقلانية ومحايدة لوضع المرأة في التاريخ الإسلامي تؤيد هذه المعاني.

نخرج من "آية" سورة النساء أعلاه بصورة مزرية لمفهوم الزواج في الإسلام. فمفهوم الزواج كشراكة أبدية بين إنسانين متكافئين ، تقوم على المحبة والرحمة وعلى التعهد الضمني أو المصرح بمواجهة الحياة في السراء والضراء ، ليست غائبة فحسب، ولكنها تستبدل بشراكة تركز على أحقية الرجل "بنكح" زوجته مع إعطائه الحق الإلهي بنكح نساء أخر حسبما يمليه عليه ضميره وحسب نوازع شهيته وحسبما تسمح له حالته المادية باقتناء الجواري. وقد أحدث القرآن هذا التغيير بجرة قلم في جملة واحدة ، ليمحوا الكثير من الحقوق ومن المنزلة التي تمتعت بها المرأة في الجاهلية. وللأسف، فإن الدلائل في التاريخ الإسلامي تثبت دون شك أن آية الزواج في سورة النساء نسخت عمليا آية الزواج في سورة الروم.

همش الإسلام المرأة العربية وجعل دورها في بناء المجتمع ثانويا إما بتكريس بعض الأعراف والعادات التي كانت متبعة بدرجة أو بأخرى بين عرب ما قبل الإسلام ، وإما بمصادرة بعض الحقوق التي حازتها المرأة في ذلك الزمن، وإما بابتداع أو إدخال شرائع جديدة لم تكن معروفة عندهم. وقد كان الزمن كفيلا ، كما أثبت في تاريخ الشعوب الأخرى، بتمكين المرأة العربية من تطوير وضعها في المجتمع ، إلا أن تصنيم عادات وأعراف ذلك الزمن بقالب القدسية الإلهية وجعلها جزءا من شريعة الله، جعل أي تطور في وضع المرأة في المجتمع العربي بطيئا جدا ، إن لم يكن مستحيلا. وأخطر العادات القديمة التي كرسها الإسلام كان تحليل تعدد الزوجات ، وتحليل "وطئ ملك اليمين" ، أي منح الرجل المسلم الحرية الكاملة في ممارسة الجنس مع النساء التي يشتريهن من سوق العبيد أو اللاتي يقعن في سهمه من أسرى النساء. وأهم الحقوق التي صادرها من المرأة العربية هو عزلها بالحجاب في بيتها، الذي يعني تقييد حرية حركتها ومنعها إلى حد كبير من المشاركة الحرة في بناء المجتمع الإسلامي، وتمثل قوانين الطلاق بدعة على أعراف عرب ما قبل الإسلام ، فالإسلام شرع للزوج سيطرة شبه مطلقة في تقييد زوجته تحت ذمته أو في فراقها. والهدف من هذا المقال هو عرض بعض جوانب الطلاق في الإسلام مع التركيز على الملابسات التي أدت إلى ابتداع قانون زواج المحلل.


[1]  نقلت الفقرات التالية من موضوعي عن  حقوق المرأة العربية في الجاهلية  والمنشور في مدونتي على الرابط: http://abulahab.blogspot.com/2007/02/blog-post_13.html

[2]  الدليل التاريخي المتراكم عبر القرون عن تعدد الزوجات يثبت أن التعدد ليس خيانة للزوجة الأولى فحسب، ولكنه خيانة لأطفالها. والتناحر الإجرامي بين أولاد الضرائر، وتنافسهم على ميراث الأب انتشر ليشمل التناحر على أتفه المواريث، إلى تناحر الأخوة على الملك والسلطان، وقتل المأمون لأخيه الأمين صبرا في صراعهما من أجل الخلافة لأسطع دليل على الكراهية والعدواة التي أدخلها نظام التعدد في حياة الأسرة الإسلامية. ومثال آخر تناحر أولاد ضرائر صلاح الدين الأيوبي والذين استعان بعضهم بالصليبيين لقتال أخوتهم من زوجات أخر. ومن الطريف، إن صح لنا أن نستعمل هذه الكلمة في هذا المقام، أن العرب استعملوا كلمة  ضرة  للدلالة على الزوجات في أسر التعدد، وهي كلمة مشتقة من الضرر أي الأذى.

 

ليست هناك تعليقات:

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية