الأربعاء، أغسطس 04، 2010

زواج المحلل - نبذة عن الطلاق في الديانة اليهودية

 

الطَلْقةُ المَنْصورَةُ في وَطْئ نِكَاحِ مُحَلِّلِ اٌلْمُطَلَّقَةِ المَقْهُورَةِ

 

الطلاق في اليهودية [1]

حتى نتمكن من القيام بمقارنة إجراءات الطلاق الإسلامي واليهودي يتجوب علينا أن نبين أولا الخطوط العريضة لقانون الطلاق في الديانة اليهودية. والسبب في ذلك يرجع إلى أننا نهدف أساسا من هذا المقال أن نبين أن نبي الإسلام كان يرمي عند تشريع قانون المحلل أن يناقض قوانين التلمود ، وسنقوم بشرح أسباب تشريع التناقض لاحقا. وكمقدمة نقول أن قانون الطلاق في اليهودية يتسامى كثيرا عن قانون الطلاق في الإسلام من ناحية حفاظه على الكثير من حقوق الزوجة وكرامتها وإعطائها الحق في رفض الطلاق رفضا باتا. وبالرغم من ذلك ، فإن معاملة اليهودية للمرأة بشكل عام تضعها أيضا في مرتبة ثانوية للرجل، ولعل أن الكثير من القوانين الإسلامية المهينة لحقوق المرأة استنبطت في أساسها من اليهودية. فعلى سبيل المثال، سمحت اليهودية أصلا بتعدد الزوجات، واقتناء الجواري، ولكن وبسبب الإختلاط بالغرب، فقد بدأ منع التعدد في القرن الحادي عشر مما أدى إلى تلاشي هذه الظاهرة في عصرنا. وفي رأينا أن وجود التعدد في التوراة كان من أهم العوامل التي أدت إلى نظرة اليهودية الذكورية للمرأة.

إجراءات الطلاق في الديانة اليهودية

فصل الميمون إبن يوسف[2] ، الطبيب الخاص صلاح الدين الأيوبي ، وأشهر المفكرين اليهود في القرون الوسطى،  في كتابه "مشنة التوراة" الشروط الدينية المطلوبة في إجراءات الطلاق، وما يلي ترجمة بتصرف من الإنكليزية لهذه الشروط[3]:

لا يحل للرجل أن يطلق إمرأته إلا بوثيقة مكتوبة والتي يجب أن تصلها وتسمى هذه الوثيقة الغيت، ويجب أن يراعى في هذه الوثيقة أمور عشرة لا يتم الطلاق إلا بها، وحسب قانون التوراة، وهذه الشروط هي:

  1.     لا يطلق الرجل زوجته إلا بمحض حريته واختياره

  2.     وعليه أن يطلق باستخدام وثيقة مكتوبة ولا يقبل منه غير ذلك

  3.     وأن يكون الغرض من الوثيقة أن يطلقها وأن يخرجها من تحت سيطرته (المخولة له بحق عقد الزواج)

  4.     وأن يكون الغرض من الوثيقة الفراق بينهما

  5.     وأن تكون الوثيقة مكتوبة خصيصا لزوجته

  6.     وعند الإنتهاء من كتابتها يجب أن تكون الوثيقة كاملة لا ينقصها إلا توصيلها وتسليمها للزوجة

  7.     وعليه أن يسلمها لها

  8.     ويجب تسليمها بحضور الشهاد

  9.     وأن يسلمها لها بغرض تفعيل الطلاق

  10.     وأن يكون الزوج أو رسوله من يسلم الوثيقة لها

بالإضافة إلى جميع الأمور الأخرى التي يجب أن يحويها الغيت مثل تاريخ كتابته، وتوقيع الشهود، والأمور المشابهة الأخرى كما يقضي بها كاتب العدل.

ومع أن الميمون كتب هذه الشروط في القرن الثاني عشر الميلادي، إلا أنها ليست إلا تفصيلا واستطرادا لنفس الشروط التي ترد في التلمود القديم، بمعنى أنه كان معمولا بها في يثرب في القرنين السادس والسابع الميلاديين. وحسب التقاليد اليهودية ، فإن وثيقة الطلاق، أي الغيت (Get  بالإنكليزية) ، لا تسلم للزوجة إلى بحضور شاهدين ، وكاتب العدل، وفي الكثير من الحالات يتطلب الوضع حضور ستة آخرين من "أهل العلم والوجاهة" في المجتمع ولكن حضور هؤلاء الستة ليس شرطا ضروريا. مما يعني أن الطلاق يتطلب على الأقل حضور ثلاثة رجال لكتابته وتسليمه للزوجة وأحيانا قد يتطلب الوضع عشرة رجال. وحسب قوانين الطلاق اليهودية فإنه يتوجب أن يشرف على كتابة وتسليم وثيقة الطلاق أعلم الرجال (حاخام في العادة) وأكثرهم معرفة بقوانين الطلاق اليهودية[4]. ويتكون نص الوثيقة المحدد بتقاليد متعارف عليها منذ كتابة التلمود إلى يومنا كما يلي:

في اليوم _____ من الأسبوع ____ من شهر ____ الموافق لسنة ____ بعد خلق العالم كما نحسب هنا في المدينة ____ والواقعة بالقرب من نهر ____ ، أعلن أنا ____ إبن ____  وأنا أقف في مدينة ____ والواقعة بالقرب من نهر ____ أتنازل بمحض إرادتي وبدون أي قسر ، وبحريتي الكاملة وبدون أي قيود ، أن أمنح وثيقة طلاق إلى زوجتي ____ إبنة ____ والتي كانت للآن زوجتي منذ زمن ، وبهذا فإني أرسلها ، وأعطيها حريتها وأطلقها وليس لي منذ اليوم أي سلطة أو حق عليها، ليكون بإمكانها أن تتزوج أي رجل تختار ، ولن يحق لأي رجل أن يمنعها منذ اليوم من الزواج  من أي رجل تختار. وتكون هذه مني إليها وثيقة طلاق وكتاب حرية وعقد إرسال حسب قوانين موسى وإسرائيل

الشاهد الأول ____ إبن ____

الشاهد الثاني ____ إبن ____

وعند حضور الزوج والشاهدين وكاتب العدل لتسليم وثيقة الطلاق، تتطلب الديانة اليهودية أدق التفاصيل في تسليم الوثيقة للزوجة:

يتوجب على الزوجة أن ترفع يديها معا وكفيها إلى الأعلى من أجل استلام وثيقة الطلاق، ثم يقوم الحاخام عندها بسؤالها إن كانت ستستلم الوثيقة بمحض إرادتها وعليها أن ترد بالإيجاب ، وبعدها يقول لها الحاخام أنها باستلام هذا الغيت ستكون مطلقة من زوجها. عندها يقوم الزوج بوضع الغيت في يديها قائلا لها أعطيك هذا الغيت، فخذيه، وبموجبه فإني أطلقك من نفسي ومن الآن فأنت متوفرة لأي رجل ليتزوجك. وقبل أن يضع الزوج الغيت في يدها، يطلب الحاخام من الشهود أن يراقبوا ويلاحظوا تسليم الغيت للزوجة واستلامها له، ويجب على الحاخام أن يفسر للزوج معنى الكلمات التي سيتفوه بها ، وبعد أن يضع الزوج الغيت في يدي الزوجة وبعد أن يرفع يديه، عليها أن تغلق يديها لتقبض على الغيت وأن ترفعهما عاليا به. بعدها يأخذ الحاخام الغيت من يديها ، ويقرأه مرة أخرى أمام الشهود، ثم يعلن الحظر وتحريم نشر أي أشاعة مفادها أن الغيت المسلم للزوجة فيه أي خطأ أو خلل، وبعدها يقوم بتمزيق جزء منه حتى لا يستخدمه أي شخص آخر لتزوير طلاق آخر. يعلن بعدها الحاخام للمرأة المطلقة أنها تستطيع من تلك اللحظة أن تتزوج رجلا آخر بعد مرور تسعين يوما (أي بعد انقضاء العدة)./ قام بالترجمة أبو لهب من الإنكليزية إلى العربية من المصدر 22.

"وتشير المصادر التاريخية، إلى أن طلاق المرأة اليهودية بدون موافقتها ، كان نادر جدا حتى في العصور القديمة. ذلك أن الفرض الديني بوضع الغيت في يدها ووجوب موافقتها على استلامه ، جعل من الطلاق القسري ، أو الأحادي الجانب من جهة الزوج، صعبا للغاية. ومنذ فتاوي الحاخام جيرشوم (القرن الحادي عشر الميلادي) أصبح طلاق الزوجة ضد رغبتها محرما على الإطلاق. ويذكر أحد أكبر الحاخامات اليهود (الحاخام آشر من القرن الرابع عشر الميلادي) فتوى الحاخام جيرشوم كما يلي: ومن أجل جعل حقوق الزوجة مساوية لحقوق الرجل، فقد قام الحاخام جيرشوم بالإفتاء بما أنه لا يحق للرجل أن تفارقه إمرأته إلا برضاه وبمحض إختياره، فإنه ومن أجل المساواة (بين الرجل والمرأة) ، يجب ألا يسمح للزوج أن يفارق إمرأته بغير رضاها واختيارها الحر. وبهذا فإن الطلاق في القانون اليهودي حاليا لا يحصل إلا باختيار واتفاق الطرفين. ومع أن الرجل هو الذي يبدأ مراسيم الطلاق، إلا أن العقد لا يفصل بينهما إلا إن اتفقا سويا على الفراق[5]."

وتسمح الديانة اليهودية للرجل أن يجبر زوجته على الطلاق في حالات استثنائية منها: الزنا أو الشك القوي بوقوعه، التصرف اللأخلاقي أمام المجتمع، تغيير الدين أو عدم احترامه في إدارة شؤون المنزل، رفض الزوجة أن تعيش مع زوجها لمدة سنة، رفض الزوجة الإنتقال مع زوجها إلى مكان جديد، تصرف مهين تجاه الزوج، مرض مزمن يحول دون ممارسة العلاقات الزوجية (نفس المصدر).

الحكمة التي يستنتجها اليهود من إجراءات الطلاق بما فيها كتابة وتقديم الغيت للزوجة هي أنها وضعت من أجل منع التسرع في إنهاء الزواج. وقبل كتابة الغيت تقوم المحكمة الشرعية اليهودية بمناقشة القضايا العالقة بين الزوجين وإمكانية حل هذه القضايا. وبعد هذه المناقشات، وبعد الإستنتاج أن حل المشاكل غير ممكن تقوم المحكمة الشرعية بالسماح للزوج بتنفيذ الطلاق.[6]

وقد أدى الحرص الشديد من الديانة اليهودية على تفعيل الطلاق بالغيت ، ووجوب أن يقوم الرجل بهذا الإجراء، إلى ظلم شديد للكثير من النساء اليهوديات عبر التاريخ، وسبب ذلك أن بعض الأزواج يرفضون ، نكاية بزوجاتهم، أن يطلقوهن وبهذا تبقى مثل هذه النسوة معلقات لا يستطعن الإستمرار في زواجهن. ولمكافحة مثل هذا التصرف، سنت اليهودية القوانين لإجبار الرجل في مثل هذه الحالة على تقديم الغيت، ولكن هذه القوانين تظل مرهونة بإصرار الرجل على موقفه واستعداده لتحمل العقوبات التي تحكم بها المحاكم.

الطلاق بمبادرة الزوجة في الديانة اليهودية

تسمح الديانة اليهودية للزوجة بطلب القضاء أن يطلقها من زوجها تحت الظروف الإستثنائية التالية: (1) العجز الجنسي، (2) مرض مقزز ومزمن، (3) المشاركة في أعمال تجارية معيبة (منتنة)، (4) المعاملة السيئة، (5)  تغيير الدين، (6) انحلال الأخلاق، (7) أن يرفض أن يعيش معها، (8) أن يرفض أن يعيلها. وفي حال رفض الزوج أن يعطي زوجته الغيت الذي تطلبه منه بسبب أي من هذه الشروط، فإن "بيت الدين" أي الكنيس اليهودي يستطيع أن يجبره على تطليقه لها.

عودة المطلقة اليهودية إلى زوجها:

تسمح الديانية اليهودية بالطلاق حسبما يرد في سفر التثنية فقرة 24 :

  1.      إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْ فَتَاةٍ وَلَمْ تَرُقْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لأَنَّهُ اكْتَشَفَ فِيهَا عَيْباً مَا، وَأَعْطَاهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ،

  2.     فَتَزَوَّجَتْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتْ طَلِيقَةً،

  3.     ثُمَّ كَرِهَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي وَسَلَّمَهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ إِذَا مَاتَ هَذَا الزَّوْجُ،

  4.     فَإِنَّهُ يُحْظَرُ عَلَى زَوْجِهَا الأَوَّلِ الَّذِي طَلَّقَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَرَّةً أُخْرَى، بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ. فَلاَ تَجْلِبُوا خَطِيئَةً عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يَهَبُهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ مِيرَاثاً.

وحسب هذا النص، فإن الديانة اليهودية لا تسمح بتاتا للمطلقة أن تعود لزوجها الذي طلقها إن هي "تنجست" ، أي إن مارست العملية الجنسية مع زوج تابع لزوجها الأول الذي طلقها ويقف هذا القانون في تناقض كامل مع قانون المحلل الإسلامي.

 


[1]  سنعتمد الورقة البحثية التالية بشكل أساسي كمرجع لقوانين الطلاق في اليهودية، وسبب ذلك تاريخ نشرها في أوائل القرن العشرين ، أي قبل انتشار الليبرالية الحديثة وتأثيرها على الشريعة اليهودية، كما أن عدم توفر المصادر حول هذه الموضوع باللغة العربية، وعدم معرفتنا باللغة العبرية يسهل الترجمة من الأنكليزية ومن ورقة إحادية. وفي رأينا أن هذه الورقة تحوي المختصر والمفيد حول هذا الموضوع.

Divorce in Jewish Law, Samuel Daiches, Journal of Comparative Legislation and International Law, 3rd Ser., Vol. 8, No. 4. (1926), pp. 215-224.

[2]    موسى بن ميمون بن عبيد الله القرطبي (30 مارس 1135 - 13 ديسمبر 1204 م) يرمز له في العبرية ب  رمبم הרמב ם   أي (الحاخام موشيه بن ميمون) واشتهر عند العرب بالرئيس موسى. وُلد في قرطبة ببلاد الأندلس في القرن الثاني عشر الميلادي، ومن هناك انتقلت عائلته سنة 1159 إلى مدينة فاس المغربية حيث درس بجامعة القرويين وسنة 1165 إلى فلسطين، واستقرت في مصر آخر الامر، وهناك عاش حتى وفاته. عمل في مصر نقيباً للطائفةاليهودية، وطبيبًا لبلاط الوزير الفاضل أو السلطان صلاح الدين الأيوبي وكذلك استطبه ولده الملك الأفضل علي. كان أوحد زمانه في صناعة الطب ومتفنن في العلوم وله معرفة جيدة بعلم الفلسفة يوجد معبد باسمه فيالعباسية بالقاهرة.

[3]  ترجمة أبو لهب من الأنكليزية إلى العربية من الورقة المرجعية رقم 6 المبينة أعلاه. ما يلي النص الإنكليزي كما نقل من نفس المصدر:

The wife can be divorced only by a written document which must reach her, and this document is called Get And ten things are the essentials of Divorce according to the Torah (Biblical law), and they are these : (I) The husband shall divorce only of his own free will ; (2) And that he shall divorce by means of a written document and by nothing else ; (3) And that the purport of the document shall be that he divorce her and remove her from his authority ; (4) And that its object shall be the severance between him and her ; (5) And that it shall be (specially) written for her ; (6) And that after its writing nothing shall be missing but its delivery to her ; (7) And that he shall deliver it unto her ; (8) And that he shall deliver it to her in the presence of witnesses ; (9) And that he shall deliver it unto her for the purpose of divorce ; (10) And that it shall be the husband, or his messenger,' who shall deliver it unto her. And all the other matters in the Get, as the date and the signature of the witnesses and similar matters, were all instituted by the scribes

[4] Divorce in Jewish Law, Samuel Daiches, Journal of Comparative Legislation and International Law, 3rd Ser., Vol. 8, No. 4. (1926), pp. 215-224.

[5] Divorce against the will of the wife seems to have been very rare even in olden times. The very fact that the Get had to be put into the hands of the wife made compulsory divorce difficult. But since the time of Rabbi Gershom (eleventh century), divorcing a wife against her will has been absolutely prohibited (Shul[~an Arukh Eben Hazer, cxix. 6). A great Rabbinic authority of the thirteenth and fourteenth centuries, R. Asher (called   Rosh ' I ) , refers to the decision of R. Gershom in the following words :   And, in order to make the right of the wife equal to that of the husband, he (R. Gershom) decreed that just as the husband cannot send away (divorce) his wife except of his free will, so cannot the wife be sent away (divorced) by the husband except of her free will   (Respotzsa of R. Asher, xlii. I). For divorce in Jewish Law, as it stands now, what is required is mutual consent. It is the husband who technically gives the divorce. But husbandand wife must both agree to dissolve the marriage covenant.

 

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

العقل هو ناسج الدين النفس تخالفه يشرع لها االاوامر تعدبعد مدة فقه فمن جرت بضاعته على العوام اصبح نبيا يالها من معضلة حقا

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية