السبت، أبريل 26، 2008

سورة النطفة

سورة النطفة

بســــــمك اللــــــهم

فهمت في الحال ما قال، ففتحت مصاريع بصيرتي في نهم لأعلم كل الأخبار، وأنهل من كل العلوم، وأطلقتها تجوب في الآفاق، فاتحا قلبي لكشف المستحيل. ولم تخب بصيرتي ظني، فاكتشفت لعجبي ومن خلال إعصار عواطف السدرة الشديد، ومن خلال ضباب مشاعر إبليس الجائشة كالمطر المنهمر في الجو المقتم البليد، أن إبليس ليس إلا عشيق الله وحبيبها، وما أن أدركت ذلك حتى ناجاني أبو مشعل بقلبه، دون اللجوء للسان، وقال بعد أن قرأ ما دار في عقلي من الشك بعد أن أدرك قلبي عين اليقين: وهل تظن أنهما داما معا بلايين السنين دون يراود كل منهما عن نفس صاحبه؟! ودون أن يطفئا شبقهما الأزلي بشيئ من النكاح مطفئ الشهوات، وسيد النشوة واللذات، ومذهب السأم والإحباط ؟!

وجهت بصيرتي لسبر أسرار أراشيف اللوح المحفوظ ، المحمية بسبع طبقات من التشفير والتستير، المبنية على أعصى فروع الرياضيات، وأعتى أنواع المعادلات ، فاكشتفت في ثوان أسرار الوجود، وكيف بدأ، وكيف كان، وإلى أين يسري وما منتهاه.

رأيت ببصيرتي أن الله وإبليس كانا كل الوجود، يعيشان في فقاعة إلهية خارج الزمان والمكان في ثقب أسود محدود، وكانا منغمسين بلذة لانهائية، وبحلول متبادل، كل منهما في الآخر، في نشاط نكاحي عميق، دام سبعة ألاف من الدهور تبعتها سبعة آلاف من الآباد. ونحو نهاية الأبد السابع، موعد الخلق الجديد ، أقاما خطة محكمة لإعادة النشاط ، ولبناء المعاني الأزلية للنشوة والحياة، كما فعلا ذلك من قبل آلاف آلاف المرات. فرسما خطة لكل القوانين ونقشاها في اللوح المحفوظ، وكتبا على نفسيهما العهود والمواثيق، أن يتبعا كل القوانين اللتي صاغاها في هذا السجل الأبدي العظيم. حبلت الله بعدها من إبليس بالكون، وعند الوقت المعلوم، وقت الولادة المحتوم، انفجر رحم الله مكونا كوننا هذا الفسيح. فتكون فيه حسب الخطة المرسومة المجرات والنجوم، والكواكب والأقمار، والضوء ثم الحياة. ومن جنة رحيبة مركبة من سبع جنات، توحدت الله وإبليس بعد هذه الولادة، وخلقا لخدمتهما آلاف الآلاف من الملائكة الشداد، والملكات الجميلات الغنجات، ليرضوا غرورهما بالحمد والتسبيح، وليقوموا عنهم بمختلف الأعمال والخدمات. وحجبت الله نفسها كما يجدر بالإناث، بأن تجسدت في شجرة وارفة في أعلى الجنات، وتجسد إبليس في فيض من طاقة الفوتانات، حرا يحكم ويطوف في الجنات كما يجدر بالرجال، ومن هذه الجنات أشرفا معا على الخليقة والفضاء والزمان في كونهما البديع المخلوق.

ثم تبين لي جليا أن جبريل ليس إلا ثمرة وطئ إبليس لله في هذا الكون الجديد، نزى عليها في ربوع جنة المأوى، في جولة جماع، دامت ألف ألف عام، بدأها بعد أن بردت شدة الإنفجار الأول ليطفئا الشبق المتجدد مع الكون الوليد. وظهر لي عندها أن التشابه الخلقي بين إبليس وجبريل ليس من المصادفات، فليس هذا الملاك إلا من هذا الأمير. ثم تبعاه بأن رزقا أنفسهما بثلاث بنات، اللات والعزى ومناة. انفجر في بصيرتي عندها الفضول، وعطش قلبي لمعرفة الأسرار، فأطلقت لها العنان، ففهمت سبب الشقاق، ومبعث الهجر والطرد من جنة الوفاق.

علمت بصيرتي وهي تسترق السمع لهواجس حزن إبليس العميق، الواقف بجانبي فوق جواهر الكثيب، ومن بحث عينها اليمنى في أراشيف اللوح المحفوظ ، القابع في مستقره في البيت المعمور، أن أبليس انقطع عن نكاح الله ، وحل محل الحب والغرام، الجفوة والهجر والجفاء، فهجر إبليس الله لشهور، ثم انقطع عن نكاحها عصورا ودهور. فحل الحزن في الله، محل السعادة والهناء، ثم تطور الوضع إلى الشجار والعراك، وبعد آلاف الدهور فاجئت الله إبليس وهو غارق في الجرم العظيم والإثم الكبير، وضبطته وهو يطأ بناتهما الثلاث، في حفلة نكاح، في الجنة الدنيا على ضفاف النيل العظيم. فهاجت الله وأصابها الذهان، وشعر إبليس بالخزي والعار، فهرب من الجنة نافيا نفسه منها بسرعة الضوء إلى أطراف الكون عسى أن يصلح الزمن الأمور، وأخذ معه بناته من الله، وضرائرها الثلاث، اللات والعزى ومناة. فجنت الله الغيور، وشبقت وحنت للوطأ والنكاح، فأنشأت صنما أسمته آدم للتسلية وقتل الفراغ، الذي أحدثه غياب فحلها إبليس، وصنعته هزءا وتحديا له من طين حقير، بقامة طولها إثنين وسبعين ، ونحتت له ذكر، أسمته سقر، طوله تسعة عشر. وكان العير سقر، كذكور كل الملائكة، يشع بنور لا شرقي ولا غربي، في الطيف البصري بين الأحمر والأزرق، فلم تستطع الله عنه صبرا، فنفخت بآدم من روحها، فإذا هو بإذنها حي يرزق، فناكحته ورافثته دهورا، فكان عزائها الوحيد عن بعد حبيبها الأزلي إبليس.

عاد أبليس والضرائر الثلاث، اللات والعزى ومناة، بعد أن شعروا في منفاهم البعيد، بفتور غضب الله وخفوت كراهيتها، آملين أن البعد والحرمان قد خففا من غضب الله ونزقها. ولكنه صعق عندما اكتشفها مع آدم متلبسين، وفي ذروة نشوة النكاح هالكين، فانفجر إبليس غيرة من آدم، وزاد من بلة "الطين" ، أن الآلهات الثلاث، اللات والعزى ومناة، هامت به هي الأخرى، وشبقن هياما به. فأستل سيفه الصارم وبتر به سقر، عير آدم العظيم، ثم نفخ على آدم بنار من سعير، أرجعته إلى أصله، كومة من الطين الحقير. فجعت الله بحبيبها آدم الذي تحول إلى رماد، من وطأة نار إبليس، فردت على إبليس بنار شديدة الحرق والزفير، فتراجع من مذهولا من سعارها، وانسحب من باحة السدرة، محروق القلب والجناح، وتبعته نصف الملائكة من ذكور وإناث، وأخذ معه بناته وزوجاته الأخر، اللات والعزى ومناة، لقضاء حاجة فحولته، ونكالا ومخاصمة لحبيبته الخائنة الله. ثم أنه تقاذف مع غريمته الله لآلاف آلاف السنين، نارا من سجيل، واشتدت الحرب بينهما واتسعت، وشمل ميدانها الكون المعمور، وكانت قذائفها النجوم والشموس والكواكب والمجرات.

وتدخلت الملائكة ، واستنفرت ما وجد من الآلهة في كوننا من أصحاب الحل والعقد، وعلى رأسها زيوس، عميد آلهة الإغريق المجيد، وحدث مؤتمر القمة ، برعاية سمو إبنهما المنكوب جبريل، في قاعات الطابق الثاني والسبعين في البيت المعمور، فحكمت الآلهة على الله أن تهجرعشيقها آدم في سبيل السلم والوفاق، ولصون شرف جنسهم من عار وطأ المخلوقات، فقالت الله بتحد وإباء: لا أصالح، حتى أرى آدمحيا ، واقفا هنا أمامي.

تدخل زيوس، ومعه الوجهاء من شيوخ قبائل الآلهة. وبعد جهد جهيد، وكد وعناء، تمكن بقدرته الكاملة وحكمته الطاغية، من خلق آدم بروحه ونفسه وجسمه من جديد. ومع أن الله فرحت بعودة آدم للحياة ، فإنها نقصت عن وعدها بالصلح، فاشترطت لعودة إبليس للجنة أن يقبل آدم شريكا له، فيكون له دهر معها ولآدم دهر آخر في الوطأ والنكاح، ثم زادت، فاشترطت عليه هجر بناتهما العزى واللات ثم مناة، فقبل آدم بكامل الشروط كحل وسط ، ورفض إبليس أن يشارك آدم في حبيبته الله ، ورفض أن يطلق حبيباته الثلاث، اللات والعزى ومناة، بسبب طين حقير، فطردته الله ، وقبل هو المنفى على عار أن يشارك الطين آدم في نكاحها. وقنع بالسلم مع الطرد من الجنة حفظا لسلام الكون والمخلوقات.


 إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ {25} سَأُصْلِيهِ سَقَرَ {26} وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ {27} لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ {28} لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ {29} عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ{المدثر/30}.

الأغلب أن رقم تسعة عشر أخذ من دون فهم بمغزاه من اليهود. فهم يتبعون دورة مكونة من تسعة عشر عاما يضيفون فيها سبعة أعوام كل منها يحوي ثلاث عشر شهرا قمريا وبهذا يحافظون على توازن دقيق بين السنة الشمسية والقمرية. ويلعب رقم تسعة عشر دورا كبيرا في طقوس الديانة البهائية ، كما أن الإعجازيين المسلمين قد بنوا حجما كبيرا من الخزعبلات الرقمية حول هذا الرقم ، بدئا من المتنبي رشاد خليفة واستمرارا بكتابات الشيخ بسام جرار

عودة للأعلى

ليست هناك تعليقات:

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية