الجمعة، أبريل 25، 2008

سورة إبليس

سورة إبليس

بســــــمك اللــــــهم

ما أن انتهت الملائكة من ترتيب صفوفها حسب توجيهات جبريل وإشاراته الملائكية، حتى توقفت جلبتها وساد بينها صمت متوتر ثقيل ، هممت أن أسأل أبا مشعل عما يحدث ، فأشار لي بأصبعه على فمه أن أسكت. ثم ما لبث أن انبعث من بين الصفوف في أعلى بنيان الملائكة المرصوص، همس ودمدمة، فيهما الترقب واللهفة ، الممزوجين بالغبطة والفرح، وانفرجت الصفوف ، وأخذت الملائكة تبكي وتنوح ، وتضحك وتصيح، وهي تفسح ممرا لملاك رأيته، وكأنه يأتي من أي اتجاه التفت، هائل الحجم ، جليل المحيا، وسيم الطلعة، ماسي الجناحين. تقدم نحونا برفرفة قوية واثقة ، رجرجت أركان الكثيب الجوهرية، وهفهفت شعر ذيل البراق أبي مشعل، وجعلت نهود ريحانة ترتعش بتموج لطيف، موجهة حلماتهما إلى الأسفل من ثقل الريح، وكادت أن تطير عمامتي من فوق رأسي إلى أسفل الكثيب. انبعث من حضور هذا الكيان البهي المهيب، الشعور بنفس واثقة، وشخصية غامرة ، ألقت الرهبة في قلوبنا، وأنبتت القشعريرة على جلودنا. نظر الملاك القادم إلى جبريل برحمة وحنين، ثم قال بصوت قوي وعميق ، ترددت أرجائه في طول وعرض ميدان السدرة : يوم رؤيتك يوم سعد يا ولدي.

وما أن قال هذه الكلمات ، حتى عصف إعصار من الهمس الخفي، من الزقزقة والتسبيح في صفوف الملائكة غلب عليها الفرحة أولا، ثم تلاشت الفرحة لتتحول الزقزقة إلى موجة من الحزن العميق، تلاطمت إلى أن مست قلبي، فعصرته حتى كادت أن تقذفه خارج صدري.

أحنى جبريل رأسه تحية واحتراما ولم يقل شيئا. وتنفس حزنا وحسرة، وترقرقرت من عينه دمعة، فمسحها بطرف ريشة من ريش جناحية الست مائة وهو يلتفت نحو سدرة المنتهى بقلق ظاهر.

سكت الملاك المهيب لبرهة، ونظر حوله وقال لنفسه بأسى يقطع القلوب، بعد أن أخذ نفسا عميقا وتنهد: كم اشتقت لهذا المكان!

فانبعثت من الآلاف المؤلفة من الملائكة زقزقة حزينة وكأنها تقول ونحن كم اشتقنا لك.

لاحظ أبو مشعل علامة السؤال الكبيرة التي ارتسمت على وجهي، فمال نحوي وهمس بخوف وقلق شديدين من بين قضقضة أسنانه: هذا سيد الملائكة أبو جبريل، إنه الملاك الجبار إبليس ، بنوره وناره وحيويته ، وقلبه النابض بالقوة النووية، وهو كما تعلم لم يرفرف فوق جواهر هذه الباحة منذ عصى الله عزت وجلت ، عفوا عز وجل ، يوم أن رفض أن يسجد لأبوكم العاق آدم ، كما تعتقدون على الأرض. ولكنه لم يسجد إلا إخلاصا لحبه لله ، واحتراما والتزاما بقوانين منصب أمير الملائكة ، وما كان مقدرا له أن يرفرف فوق هذا المكان منذ بداية محنته إلى يوم القيامة الأرضية ، لولا عصيانك بأن تعلن إسلامك ، ولولا تصرف إبن أبي كبشة المشين مع ريحانة. أستأنف هامسا بعد أن تلفت حواليه بقلق: الآن أتضح سبب غياب آدم من بين الأنبياء.

طوى إبليس جناحية بجلال وأبهة. وزادهما دخان يتصاعد منهما عظمة ورهبة، وأفسح له إبنه جبريل بلا عفوية مكان الصدارة على الكثيب ووقف إلى يمينه وعلى وجهه علامات الرضا والسعادة وبدا رغم جبروته كطفل صغير يسعد بالوقوف بجانب والده.

قال جبريل لإبليس وهو يتلعثم بارتباك: لم أتمكن من إرسال الأمر بالتصريح بمرورك لملائكة الدفاع السماوي في الوقت المناسب، لقد شغلنا الحادث الجلل بين محمد وريحانة كما ولا بد تعلم. يبدو أنهم نالوا من جناحيك!

لاحظت عندها فقط لهيبات النار الخارجة من تحت ريش جناحي إبليس وقلت في نفسي ، إذن هذا الدخان من هذا اللهيب، وكان للهيب إثر أخاذ على الضوء المنكسر من خلل جواهر الماس التي كانت ترصع ريش جناحي إبليس، أي جوهرة منها خير من الدنيا وما فيها.

قال إبليس وهو يبتسم باستخفاف بابتسامة عريضة من تحت شاربيه المفتولين : ليس هذا الدخان أثر حروق، لقد أطلقت تشكيلاتك الدفاعية وابلا لم ينقطع من الشهب استنفذ الحزام النيزكي الخارجي للشمس بكامله، ولكني تفاديتها باستخدام صورايخ استعرت تصميمها من سجلات اللوح المحفوظ المستقبلية . والصواريخ هذه عبارة عن محركات طائرة سيطورها أتباع هذا التي تسمونه محمد في المستقبل الأرضي، أنت تعلم يا ولدي أن دفاعاتك لا يمكن أن توقفني ولكني توقفت عن الحضور إلى هذا المكان لأسباب تعرفها جيدا.

رفع إبليس ريش جناحه الأيمن فظهر من تحته إسطوانة سباعية لامعة بحجم النخلة التي هزتها مريم بعد ولادتها، ويخرج من جسمها في مواضع كثيرة أنابيب متشابكة مختلفة الطول والإتجاه وفي أعلى الأسطوانة انبعثت أضواء صغيرة تشبه إلى حد كبير ما شاهدته في غرفة قيادة المعراج. أشار إبليس إلى الأسطوانة مبتسما وقال لجبريل: أحفاد آدم لهم بعض من ذكاء ، هذه الأسطوانة تعمل على قاعدة لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الإتجاه، وسيكتشفها حسب سجلات اللوح المحفوظ أحد حثالات الطين من أتباع محمد باسم الفارابي، واستمر إبليس بحماس وفخر كالصبيان: ولكني كي أنفذ من خلال سلطان السماء المتثمل بدفاعاتك الشهبية غيرت تصميمهم البدائي بزيادة بعض الأنابيب التي سمحت لصاروخي أن يدفعني بسرعة تفوق سرعة الضوء بسبع مرات.

قاطعته عندها معتبرا نفسي وكأني واحد منهم: وهل سيكتشف هذا الإختراع أيضا أحد أتباع محمد؟

ما كدت أن أنهي كلامي حتى شعرت كأن صدري يتفجر، وشعرت بضيق شديد في نفسي فجحظت عيناي وابتعد عني رفيقي أبو مشعل يرتعد من قمة شعره الآدمي حتى حوافره الحصانية الخلفية. سأل إبليس جبريل والمهانة والغضب الشديد يملآن صوته: من هذا الطين الحقير الذي يجرؤ أن يكلمني هنا! عند سدرة المنتهى؟ وأدركت أنه كان يعلم تماما من أنا.

حاولت أن أقول له بتحد أنا محسوبك أبو لهب، عم رسول الله صاحب الحسب والنسب، ولكن كلماتي لم تخرج إلا حشرجة زادت من فورة غضب إبليس الذي زاد بعد خروجها من حلقي الضغط على حنجرتي. أمسكت برقبتي بكلتا يدي وسقطت على ركبتي فوق جواهر الكثيب، التي أي منها خير من الدنيا وما فيها، أتلوى ألما وشعرت أني هالك لا محالة.

لحسن حظي بدأت قبسات نور تنبعث من سدرة المنتهى ببهجة ودفئ، فتنحنح جبريل بأدب ومسكنة شديدين ، وأشار برأسه لإبليس نحو الشجرة، فأدار إبليس رأسه إليها فانكشف الألم والضغط عني في الحال، فوقفت وهرولت الى الخلف ناحية أبي مشعل الذي بدا عليه الآن شئ من الضيق أو الخوف أو كلاهما من وقوفي إلى جانبه. همس في أذني: لقد فقدت عقلك تماما؟ كيف تجرؤ على مخاطبة جلالة الأمير إبليس؟ ألا تعلم ما جرى بينه وبين أبوكم آدم؟ لم أجبه لأن سؤاله كان استنكاريا ولأن الضوء بدأ الآن يشتد من ناحية سدرة المنتهى، وكان له أثر السحر في نفوسنا جميعا فقررت، أو بالأحرى أجبرت على السكوت.

لما رأى إبليس أن جثة محمد ملقاة أمامه أسفل الكثيب بينه وبين سدرة المنتهى، أشار لجبريل، وبمنتهى السلطوية، بيده اليسرى أن يزيحها خلف الكثيب، وخرجت منه موجة ازدراء وتقزز أثقلت الهواء ولفحتني فاقشعر منها جسدي وشعر بها أبو مشعل كما دل وقوف شعر فرعه على ظهره البشري وانتصاب ذيله الحصاني الكثيف، فامتثل جبريل بأدب بعد أن كاد أن يؤدي له تحية عسكرية ملائكية بيده اليمنى، ولكنه أرجعها بسرعة الخائف وهو يتلفت نحو سدرة المنتهى ، فارتبك بشدة وهرول إلى أسفل الكثيب وكأنه نسي أن يطير، وهو يكاد يتعثر في ريش أجنحته المنفوشة، وبسرعة أمسك بقدمي محمد وجر جثته فوق جواهر باحة السدرة ، هكذا، بدون احترام أو أدب، إلى خلف الكثيب.

 


حدثنا ‏ ‏محمد بن منهال ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يزيد بن زريع ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عمر بن محمد بن زيد ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب وكان ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه (البخاري)

عودة للأعلى

إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ {الحجر/18}

إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ {الصافات/10}

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا {الجن/9}

عودة للأعلى

يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ {الرحمن/33}

عودة للأعلى

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

لعنك الله يا من تسمي نفسك ابا لهب
من تحسب نفسك كي تكتب هذا الكلام!

غير معرف يقول...

والله انك سوف تندم على ما كتبت وسوف ترى بنفسك و كس امك الباغية عل هذه الخلفة العاطلة

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية