الجمعة، أبريل 25، 2008

سورة الرفسة

سورة الرفسة

بســــــمك اللــــــهم

في هذه الأثناء كان جبريل لسرعته قد بعد واختفى من أمامنا فقلت لأبي مشعل: أنقذه بربك يا أبا مشعل، هذا إبن أخي، فرد أبومشعل بنزق شديد: فلتكن مشيئة الله، وانطلق بنا نحو ريحانة ليحلق بمحاذاتها وكانت تصهل بالبكاء ، وما أن وصلنا نحوها حتى انتبهت من بكائها وكأن حضورنا أشعرها بالعار ، فضمت جناحيها لجسمها الفرسي وهزت ذيلها بعنف ، فغاصت نحو الأرض بسرعة البرق تابعة محمدا. قلت في نفسي لعلها تنقذه، وانطلق أبو مشعل بنا خلفها ، وما أن وصلنا محمدا ، وكان لا يزال يصرخ مرتاعا باسم جبريل ، حتى ناورت ريحانة من جهة الأرض ، وارتفعت باتجاه محمد الساقط نحوها ، وأخذ هو يناديها بارتياح : ريحانة ، ريحانة. ...  وقبيل اللقاء في الهواء ناورت بجسمها الفرسي مرة أخرى ، ثم أطلقت من حوافرها الخلفية رفسة قاسية ، سمعت منها قرقعة عظام في جمجمته . التف حول محوره في الجو مرتين ، وسقط ساكتا مرخي الجسم نحو الأرض. صرخت عندها بأعلى صوتي: يا جبريل، الغوث يا جبريل. ولحسن حظي وحظ إبن أخي سمع جبريل ندائي – وكان صوتي جهوريا كصوت أخي العباس – فأتى طائرا نحونا ، وما أن لمح محمد الهاوي نحو الأرض ، حتى أدرك ما حدث ، وبسرعة لا تقدر عليها إلا بضع ملائكة من رتبة شديد القوى، انطلق نحو محمد وغرفه من سقوطه بذراعيه الهائلتي العضل ، وأنزله برفق على الأرض ومدده وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ، لقد قتلت رسول الله يا ريحانة، وأجهشنا جميعا بالبكاء. أنا على إبن أخي، وريحانة من عارها، وجبريل لإخفاقه في مهمته، وأبو مشعل لغيرته على زوجة صديقه شمعون.

وقفنا نرفرف حول جثمان محمد لبضع دقائق. جبريل وريحانة ما زالا يبكيان ، وأنا وأبو مشعل ساكتان بقلق ورعب من هذا الحدث الجليل. نظرت إلى محمد الملقى على ظهره فرأيت خطا رفيعا من الدم يسيل من جانب فمه الأيسر وكانت يداه لا زالتا مكورتين وكأنهما تدهدهان ثديي امرأة. بعد لحظات قليلة، أخذت الأرض بالإهتزاز، واحلك الظلام، وانطفأت النجوم، ونعقت الغربان، فأجابتها البوم من كل مكان، وعوت الذئاب، فردت عليها الكلاب بالمثل، وهبت الرياح، واشتد البرد ونزل البرد، فشعرت بالخوف الشديد، وسرت قشعريرة في صميم نفسي، ومثلها في صميم روحي، ناهيك عن القشعريرة التي سرت في كل جسمي، فقضقضت أسناني فجاء صدى قضقضتها من اهتزاز ركبي.

انتبه جبريل عندها من صدمته، ولاحظت أن المساحة المحيطة بجسم محمد المضائة بالإشعاع المنبعث من جسم جبريل قد بدأت تتضائل ببطئ، ونظر نحو السماء وزقزق وتمتم ثم سكت ثم زقزق وتمتم ثم التفت إلينا وقال آمرا بالعربية الفصحى: علينا بالعودة في الحال، القاهر المميت يأمرنا بالمثول بين يديه.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

جهد مميز يحتاج الى التامل ودراسة المصادر..سلمت يداك

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية