السبت، أبريل 26، 2008

سورة النكاح الإلهي

سورة النكاح الإلهي

بســــــمك اللــــــهم

في الدقائق القليلة التي سرقتني فيها بصيرتي لأتفهم تاريخ الخلق والخلائق، كان سيد الملائكة إبليس، أبو جبريل، قد استدار وبدأ ينظر نحو سدرة المنتهى بغير منظار، فالتفت إليها مع جموع الملائكة فرأيت منظرا عجيبا عجاب: وأطلقت بصيرتي فعلمت أن سدرة المنتهى كانت قد استثيرت واستنفرت للنكاح، منذ أن دخل أبليس، بفحولته المتخللة لنسيج المكان والزمان ، باحة جنة المأوى طائرا نحو ظهر الكثيب، وأن مقاومتها لإغراء جنسيته الكونية قد انتهت الآن، فقامت الأغصان بالإنتصاب، ثم اشرأبت وباشرت بولوج الأزهار والأختراق، ففتحت الأزهار براعمها استجابة لدعوى الشبق والغرام، لتسمح للأغصان بالفتح المبين، ثم قبضت على الأغصان الوالجة بلهف العاشق المحرور، وعلى نفس الصراط ، قامت الاوراق بمداعبة الثمار التي اتخذت مختلف أشكال الأثداء، فحوتها بسطوحها الملساء كآذان الفيلة، وأخذت تضغطها بحب وشبق ودلال، فانبعث من براعم الثمار المكورة كالحلمات، لقاح دري يسكر ضوءه البصائر والعقول، وسال منها حليب إلهي على الأرض المغطاة بالماس واللؤلؤ والياقوت، فجنت بالسكر من رائحته الملائكة وعلى رأسها إبليس.

ولا بد من أن أقول، أني رأيت في تلك اللحظة أعجب حدث وقع في الكون منذ الأنفجار الأول من طويل الآباد، فقد تحولت قمة شجرة سدرة المنتهى إلى وجه كائن ساحر الجمال، يشبه وجه حبيبتي تناسيم بالتمام والكمال، والفرق أن حجمها كان أكبر ببضعة آلاف، وقالت لي بصيرتي بعد أن غمرني القلق والعجب، وبعد أن أدرك قلبي معنى السؤال: الجمال له نفس المنتهى ونفس المآل، فمن أي طريق طرقته يصل إلى نفس المقاس ونفس التعبير.

ثم أن الشجرة أنبتت ثلاثا وسبعين ساقا ممشوقا ، بينها إثنين وسبعين فرجا لزجا مشدودا، يتموطن في ثناياهم الزهرية، المنتهى الأعلى من اللذة والشبق والشهوة والنشوة، فرد إبليس بإنبات إثنين وسبعين ذكرا طوالا، كلها نسخة عن ذكر آدم سقر، وجميعا بطول تسعة عشر، لاحت منتصبة كجذوع النخل في ربيع الصحراء، تشع ضوء أزرقا غامضا شديدا. فإجابت الله بمجون مسكر يفني العقول، بإنبات إثنين وسبعين فما شهيا (سبحان المعبود) تطوقها مائة وأربع وأربعون شفة تتعصر لذة، على جانب كل شفة عليا منها شامة سمراء ساحرة، كنقطة عنبر في صحن مرمر، ويخرج يترقرق من بين الشفاه والأسنان الماضية ناصعة البياض، إثنين وسبعون لسانا يسيل منها ريق أطيب من الدنيا وما فيها، فاستفحل إبليس إلى حد المحال، ورد على نار الإغواء بمثلها، وأجاب بإنبات أفواه بنفس العدد، توج كل منها شارب خشن، أي شعرة فيه كافية لأثارة كل نساء المجرات وكل إناث دوابها وحشراتها، وزيادة في الفحولة، غير صورته إلى صورة الشيطان الماجن المألوفة، ثم إنه ارتفع طافيا في الهواء وغاص كالعقاب، على سدرة المنتهى الهلوك الغنوج المفتوحة السيقان .

وفي لحظة كيد وإغراء أضائت سدرة المنتهى ما بين سيقانها الثلاث والسبعون، الممشوقة المفتوحة، من أفق إلى أفق، بضوء أحمر فاضح ماجن، أشعل تفاصيل مواطن اللذة فيما بين السيقان ، فبدت الفروج تلمع بلزوجة من خلال غابات الإشعاعات الضوئية الكثيفة، وفي ومضة بريق لم تزد على البريق الذي رأى فيه السياب إبنة الجلبي من خلف الشناشيل، انهمرإبليس بذكوره الإثنين والسبعين، يطأ بفحولته الكونية في فروج السدرة أجمعين، وانهال بأفواهه الإثنين والسبعين، يلعق ويقبل ويعضعض ويمص، وعلى خلفية صوت النكاح والقبل، والولوج والخروج، وقرقعة الماس والياقوت، ارتفعت أنغام سيمفونية الشهيق والزفير، والخوار والشخير، والتنهد والأنين، وتحولت سدرة المنتهى إلى مهرجان ضوئي يعج بالحرارة الذرية والضوء بكافة أطيافه، وفاح في الباحة عبير لزوجة النكاح المثير، فانتشر الشبق المجنون، في كل ركن من أركان الكون، المعمور منها والمهجور. وتكورت مجرات وتدورت، وتشكلت في مراكزها ثقوب هائلة تلتهم ما يأتيها من النجوم، واستطالت مجرات أخرى وتشعبت منها ذكور طويلة مديدة، وتدفقت سيول جارفة من الجرافيتونات بينها، وعلى المستوى المحلي ، استحرت النجوم وتشققت، وحنت للوقوع عليها الكواكب من أفلاكها.


 وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {آل عمران/54}

عودة للأعلى

ليست هناك تعليقات:

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية