السبت، أبريل 26، 2008

مصحف أبو لهب الكامل


قرآن أبو لهب

الوحي أعدل الأشياءِ قسمة بين الناس

فهرس السور

سورة المعراج

سورة الإسراء

سورة البراق

سورة الإسلام

سورة الصد

الفاتحة

سورة البلاء

سورة ريحانة

سورة العدالة

سورة سدرة المنتهى

سورة السماء الدنيا

سورة تناسيم

سورة إبليس

سورة الصفوف

سورة الأنبياء

سورة كثيب الوفود

سورة العودة

سورة الرفصة

سورة الفتح

سورة البعث

سورة العصيان

سورة الفرج

سورة التحقيق

سورة الشك

سورة الحج

سورة النكاح الإلهي

سورة الإنسان

سورة النطفة

سورة كشف الغطاء

سورة الرجم

سورة المحنة

سورة المراودة

سورة نكاح البرزخ

سورة الروح

سورة جهنم

سورة الفوضى

سورة زمزم

سورة المؤامرة

سورة البرمجة

سورة البيت المعمور

سورة القيامة الصغرى

سورة الخصي






سورة العدسة

الفاتحة

بســــــمك اللــــــهم

بعد أن لمزني و نابزني (1) إله ابن أخي محمد بلقب "أبي لهب"۞ مغيرا المعنى الضمني لهذا اللقب من "صاحب الوجه المشرق" إلى "صاحب نار جهنم"۞ وبعد أن لمز ونابز زوجتي أم جميل بلقب "حمالة الحطب"۞ وطوق رقبتها النضرة بحبل غليظ من مسد (2)، ضاقت رحاب مكة بي مع أني كنت أعلم الناس بشعابها۞ وشعرت أن "روحي" تكاد تفارق جسدي۞ فخرجت في يوم جميل معتدل من آيام شوال ۞ للتنزه والصيد خارج مكة لعلي أجد متنفسا من الجو الخانق ۞ الذي أوقع فيه إبن أخي عبد الله أهلي من بني هاشم مع قريش ۞ عند العودة في آخر النهار۞ اتجهت مباشرة نحو الكعبة ۞ وسرني أنني أدركت طواف العصر فقمت به بالرغم من تعبي ۞ وجلست قليلا في دار الندوة لمدة لم تزد كثيرا عن ما أحتاجه لتناول كوبا دافئا من حليب النياق ۞ الممزوج بطحينة من تمر اليمامة ۞ اتجهت بعد ذلك مسرعا إلى البيت بعد أن سمعت أخبارا عجيبة سارة ۞ ولكن دون أن أسرف في الكلام مع أحد من ندماء دار الندوة ۞ وبالرغم من الخبر السار۞ فقد عانيت يومها من الأرق والقلق ۞ وكنت أشعر في صميمي بأن هذه الليلة المكية تتمخض عن أحداث عظام ۞ قررت وزوجتي أم جميل أن ننام على سطح بيتنا ۞ لنتمتع بنسيم هب من البحر ولنتأمل في جمال السماء ۞ بعد وقت قليل ۞ أشعلت ملائكة الدفاع السماوي ۞ والمتمركزة قرب محيط الثريا ۞ بطاريات شهبها المحرقة باتجاه نجد في أثر العفاريت من جن نصيبن (3) ۞ رضي الله عنهم— ولم يكونوا قد أسلموا بعد— والتي كانت تحاول أن تسترق السمع إلى خبر السماء الدنيا ۞ فتفاعلت قذائف جهنم المنطلقة من فوهات فوانيس السماء ۞ بأجسام النصيبيين النارية (4) فأخذت أسرابهم تجن هاوية بسرعة تفوق سرعة الصوت بمرتين ونصف ۞ من فوق جبال مكة متجهة نحو البحر الأحمر۞ لتطفىء نار جهنم التي أخذت تأكل في أجسادها ۞ وكان منظرنار جهنم وهي تحرق نار الجن (5)خلابا وقاسيا كصحرائنا العربية (أكاد أجزم أنها كانت تحترق بالنابلم المحرم دوليا) ۞

قلت لزوجتي المستلقية بجانبي والتي أخذت تضمني بقوة الخائف وهي ترقب معي هذا المنظر الرهيب : لقد آن لنا أن نذهب لمحمد ونخبره أننا نصدق به نبيا لله ۞

قالت : وحتى بعد أن هجانا وسبنا يا أبا لهب؟

قلت : نعم ۞ فقد سمعت اليوم أنه أثناء غيابي في الصيد۞ تنازل تنازلا مهما لقريش وهو الإعتراف باللات والعزى ومناة (6)كآلهة دون الله سبحانه وتعالى ۞ وقال أنهن يشفعن عنده كما علمنا آبائنا وأجدادنا ۞ وقد ادعى أن الملاك الذي يدعوه جبريل ۞ قد أمره بأخبار قريش بجملة سمعت أحدهم يرددها: "أفرأيتم اللات والعزى ۞ ومناة الثالثة الأخرى ۞ تلك الغرانيق العلا ۞ وإن شفاعتهن لترتجى" ۞

ابتسمت أم جميل بتعجب وقالت: والله إن هذا بالفعل لتنازل عظيم ۞ ولكنك يا عبد العزى قلت لي مرارا أنك لا تصدق أن محمدا يأتيه ملاك أو جني ۞ وأن كل ما يقوله يصدر من قريحته لا غير۞ وأنت لا بد تعلم أنه أنما يحاول بهذا التنازل أن يكسب رضا قريش بعد أن نبذه القاصي والداني حتى أن اخاك عبد مناف (أبو طالب) قد رفض التصديق بإدعائاته ۞ وكل قريش تعلم أنه لولا ما حدث بينه وبين أبي الحكم (أبي جهل) ما تبعه حمزة ۞

قلت لها بضيق : على أي حال نحن من عائلة واحدة ۞ وهو ابن أخي ولا يسعنى إلا أن أسامحه وأتبعه ۞ حفاظا على وحدة الهاشميين أمام الأمويين الكلاب وأهلك بني خزاعة۞

قالت : وما الذي فعله بك أهلي بنو خزاعة يا أبا لهب ۞ والله إن قلتنا لا تفرغ من حليب نياقهم ۞

استمرت بعد أن أدركت أني لن أدخل معها في المعركة العادية عن أهلها: ولكن أخاك عبد مناف لم يعلن إيمانه رغم استجداء محمد له ۞ ألا تظن أن عليك أن تسأل رأي أخاك الأكبر ۞ واللات والعزى إنى لأراه مغضبا عليك إن أنت تبعت محمدا ۞

سكتًُ فترة ثم قلت: أعتقد أنه لا مفر بعد اليوم من اتباعه حتى لو كان ذلك من منطلق المجاملة ۞ والحقيقة أني متفائل أن السلام والوئام سيعودان إلى رحاب مكة بعد اليوم ۞ فإدراج اللات والعزى ومناة في مذهبه يضعه وأتباعه ضمن ما تعبد قريش ۞ وهذا يغلق أسباب الخلاف ۞ وعلى أي حال لا عليك بأبي طالب ۞ سأكلمه بالموضوع وأرضيه ۞ والحقيقة أنني وأنت مجبران على الإنضمام لمحمد ۞ فحتى أولادنا عتبة وعتيبة بدأوا بالتململ لعدم إتباعي لدينه ۞ والعزى إني لأرى عتبة وعتيبة مصدقين به رغم أنفي ۞ لولعهما بخطيبتيهما بنات محمد رقية وزينب ۞ فمن أجل سعادة أولادنا أولا ۞ ومن أجل سمعتنا ۞ ومن أجل وحدة الهاشميين ۞ فإني أرى أنه لا مفر لنا من أن نتبعه ۞

قالت: الخطأ في هذا الكلام أن معظم الهاشميين يعتبرون أخاك أبا طالب زعيمهم وكبيرهم ۞ والآن وبعد أن أقر محمد بمكانة اللات والعزى ومناة فليس هناك جديد تحت الشمس ۞ ووحدة الهاشميين تعني إتباع أخيك عبد مناف ۞ ألا ترى أنك باتباع محمد ستقسم الهاشميين إلى حزبين ۞

قلت صارخا بها: كما قلت بما أن محمدا لا يدعونا إلى معصية الله ۞ سبحانه وتعالى ۞ فليس أمامنا خيار من اتباعه ولو بالإسم للوقوف بجانب ولدينا عتبة وعتيبة ۞ ومن يعلم فقد يكون محمد صادقا فيما يقول عن اختيار الله له نبي لقريش ۞

قالت: إفعل ما شئت، أنتم معشر الرجال كالأطفال ۞ تتظاهرون بسماع رأينا ثم تفعلون ما تريدون ۞

انزعجت لقولها ۞ فاستدرت عنها في الفراش بنزق نحو الشرق ۞ اشتعلت السماء عندها بصلية رشاشة من الشهب المحرقة أرسلت رهطا من سبعة وسبعين شيطانا نحو الأرض وهي تشتعل بلهب ثاقب ۞ جزع منه ظلام السماء ۞ وارتجف منه الأفق بقبسات من ضياء للحظات طويلة ۞ أقنعتني هذه الظاهرة الكونية أن مكة وقريش لا بد داخلين على عهد جديد، فعزمت أمري عندها أن أكلم محمدا في الصباح ۞

سورة الصد

بســــــمك اللــــــهم

في اليوم التالي لم أستطع أن أصبر إلى ما بعد انتهاء طواف الصبح حول الكعبة، فحاذيت محمدا الذي كان يظله إبن أبي قحافة، وبعد دورتين من الطواف، بدا واضحا أن أبا الحكم المخزومي كان يقود حملة سخرية وتهكم ضد الهاشميين عامة، وضد إبن أخي محمد على وجه التحديد، سمعت سادات قريش من غير الهاشميين تلغط أثناء الطواف بتنازل محمد وتستهزء بدعوته لهم للإنضمام لمذهبه.

قال عقبة إبن أبي معيط: أنه لن ينتج إن نحن تبعناه إلا سيادة الهاشميين على سائر أفخاذ قريش دونما أي سبب، سوى إدعاء محمدا أن ملاكا يوسوس له في أذنه.

عندما حاولت أن أكلمه، جاء أبو بكر بيني وبينه ليحجزني عن الكلام معه، وبدا التوتر والغضب على وجهه عندما قسى علي في القول ظانا دون شك أن أبا الحكم ( أبا جهل) قد أرسلني للمشاركة في التهكم على نبيه، ظهر التعجب على وجه محمد عندما لم أرد، كعهده بي، على غلظة ابن ابي قحافة بمثلها، وخلته غضب لأن هاشمي بمثل مكانتي قبل الإهانة من من هو بمكانة أبي بكر، وبعد بضع خطوات في الطواف قال لأبي بكر: دعه يا أبا بكر فإنه عمي.

قلت هامسا في أذن محمد: يا محمد أريد أن أسلم.

سمعني أبو بكر فصاح رافعا يديه نحو السماء بفرح واستبشار كبيرين: الله أكبر. وهم أن يستمر، ولكن محمدا وضع يده على فوه أبي بكر وقال: أسكت أبا بكر.

تعجب أبو بكر وبدأ الناس ينظرون إلى صاحب محمد الذي خالف أهم آداب طقوس الطواف، وقذفه أبو جهل بنظرة هازئة متهكمة، وشهر ذراعيه مشيرا نحونا بمعنى انظروا أيها القوم إلى هؤلاء الصابئة. تراجع عندها أبو بكر للخلف متيحا لي الطواف بجانب محمد.

قلت هل سمعتني يا ابن أخي؟ قلت لك أريد أن أسلم.

قال محمد بقسوة وغلظة: ليس لي حاجة باسلامك يا أبا لهب. وأشاح بوجهه عني.

سورة الإسلام

بســــــمك اللــــــهم

أسقط في يدي عندها ورجعت إلى أم جميل حائرا محزونا وأخبرتها بما حدث.

قالت أم جميل: واللات أن هذا ما توقعته. منذ متى يا أبا لهب يلين لك أبناء فاطمة بنت عمرو المخزومية ؟ والله إن محمدا يبخل عليك حتى بالجنة الخيالية التي يبيعها لإصحابه كما يبيع الكهنة دخان البخور لقريش.

قلت ساخرا: دخان البخور محسوس يا أم جميل، ولكن جنة محمد لن نراها إلا بعد الموت. لعمري أنه أمهر حتى من بائعي السمك السابح في أعماق البحر الأحمر.

قالت: عسى أن غرور محمد قد علمك درسا.

قلت: الموضوع كما قلنا البارحة هو الحفاظ على تماسك بني عبدالمطلب ومجاراة شعور ولدينا عتبة وعتيبة. بالنسبة لي ما هم إن قلت أني أتبع محمد؟ فهو إبن أخي أولا وهوعلى أي حال لا يدعونا إلى مخالفة الله سبحانه وتعالى.

قالت: وما العمل الآن؟

قلت: سأطلب من أخي حمزة أن يتدخل في الموضوع.

ذهبت بعد طواف الظهر إلى مقر أخي حمزة المعتاد في حانة الأحباش. عند دخولي أشار لي حميز من بعيد ببشاشة السكران (7) أن أذهب لأجلس معه. كان معه عمر بن الخطاب الذي فضح سكره التام سبب غيابه عن طواف الظهر. قبل أن أجلس ضرب حمزة النابغة الحبشية الجالسة في حضنه على قفاها العاري فقفزت مذعورة لا تلوي على شيئ، فقذفني عمر بشتيمة هائلة أصابت أمي، فصفعه حمزة وقال يا عمر! منذ متى تجرؤ على الهاشميين؟ هذا أخي وابوه عبد المطلب أبي. ضحك عمر بمجون وقال "ولكن أمه ليست أمك". والتوى على االحصير وهو يتمتم بحزن: يريدنا إبن أبي كبشة أن نعود لنعبد اللات والعزى!

وغرق في الحال في نوم عميق. قدم لي حمزة بعض الجعة ولكني رفضت شربها، فأدارها في رأسه بشرهه للخمر الذي اشتهر به. شرحت له الغرض من زيارتي النادرة لحانة الأحباش، فتعجب حمزة كيف يرفض محمد إسلام رجل بمثل مكانتي، ووعد أن يكلمه بالموضوع في الحال.

للأسف لم تجد وساطة حمزة ولكن بعد إصرارطويل مني، وبعد توسيط عدد آخر من أتباع محمد مثل الفتى اليافع علي بن أخي عبد مناف، وعمر بن الخطاب، وكان ذا حظوة كبيرة عند محمد، وعبدالله ابن أبي قحافة، وبعد الدموع التي ذرفتها بنات محمد رقية وزينب، قبل محمد أن يكلمني بالموضوع. طلب مني أن أذهب إليه بدار بني الأرقم في المساء، فذهبت إليه بصحبة أخي حميز. عند دخولي دهشت للطريقة شبه التقديسيه التي كان أتباع محمد، وكان جلهم من العبيد والمستضعفين، يعاملونه بها، وأذكر منهم الراعي عبدالله بن مسعود وبلال الحبشي. أجلسني محمد ومعه عمر وأبو بكر في ركن منعزل من البيت وأشار للباقين بإيمائة من رأسه أن يتركونا.

قال لي محمد بجفاء: لمذا تريد أن تسلم يا أبا لهب؟

قلت: والله ما أدري ما الذي جرى لك يا ولد أخي، أنا عمك فلا تعاملني بهذه الطريقة.

تدخل ابن أبي قحافة قائلا: لا تكلم رسول الله بهذه الطريقة حتى لو كنت عمه. بدا عدم الإرتياح على وجه حمزة ولكنه لم يقل شيئا، وشعرت بنظرات عمر تدور على نحري.

قلت: وما الخطأ إن اسلمت يا محمد؟ ألم تقل لنا عند بيت الله أن الملاك جبريل أمرك بقوله "وأنذر عشيرتك الأقربين"؟(8)

قال محمد: أولا تخاطبني برسول الله، وثانيا كانت لك فرصة وأضعتها.

قلت: وكيف أضعتها وأنت تقول أن الله غفور رحيم؟

عندما شعرمحمد أن عمر وحمزة وحتى ابن أبي قحافة يتفهمون موقفي لان لي وقال: يا عماه، لقد نزلت سورة المسد، والآن وبعد أن أدرجت رسميا في القرآن الكريم أترى قريش متفهمة إن قمت بحذف سورة كاملة من كلمات الله ؟ لقد أدى إعتراف الله سبحانه وتعالى باللات والعزى ومناة إلى استهانة قريش بكل شئ أقوله وإلى ارتداد الكثير من المسلمين. ثم ما يدرينى لعلك تريد أن توقعني مع حليفك أبي جهل مع جبريل والله في ورطة مماثلة.

قلت: يا محمد، واتبعتها بيا رسول الله، بعد أن تحولت نظرات عمر بسرعة لتجول مرة أخرى على نحري. يا رسول الله أنت تعرفني وتعرف أن شدة الخلاف بيننا تنبع من أني رجل مبدئي (9)، وهكذا كل الهاشميين، كنت أناقشك عن علم ومبدأ، والله إنك تعلم أنني أشرف من أن أغدرك أو أغشك، وتعلم أني لست بحليف أو صديق لأبي الحكم المخزومي.

أطرق محمد لحظات وقال:أجل يا عماه أنا أدرى بصدقك. أنت تدري أن أسلامك سيكون من دواعي سروري وسيكون فيه عزة وقوة للمسلمين، ولكن ليتك أسلمت منذ البداية وجنبتني هذا الإحراج وهذه المشكلة. على أي حال فإن إسلامك لابد أن يعني حذف سورة المسد بالكامل ، وهذا شئ لن يوافق عليه جبريل لأنه سيزيد في المشكلة الكبيرة التي نتجت من الإعتراف باللات والعزى ومناة. إن هذا الدين الفتي في مشكلة قد لا تقوم له قائمة بعدها. أعطني بعض الوقت لأكلم جبريل في الموضوع عسى أن يجد لك الله مخرجا.

قلت: ونعم الرأي يا رسول الله.

أحببت أن أجلس معهم لأتعلم ما يعملون في اجتماعاتهم ولكنهم بقوا صامتين وكأنهم ينتظرون مغادرتي. فهمت أن علي الخروج فاستأذنت وخرجت دون أن يتفوه أي من الجالسين بكلمة.

في الحقيقة كان رد محمد إيجابيا إلى حد ما، فقد شرح لي لماذا سيضعه إسلامي في مأزق كبير. لقد كنت الحالة الوحيدة التي شتم فيها إلهه إنسانا من قريش مع النص الصريح باسمه. في الحالات الأخرى، وهي كثيرة، كان كتاب محمد يذكر الشخص دون التصريح باسمه (10). وإسلامي إذن سيحدث تناقضا غير مقبول في كلام الله. ذهبت إلى أم جميل وأخبرتها بالخبر السعيد، تهكمت عندما قلت لها أن محمدا سيبحث حذف ذمنا وشتمنا من القرآن مع جبريل.

قالت: لقد أحرجته يا أبا لهب. لعمري أنه لا يعلم ما سيفعل.

سورة البراق

بســــــمك اللــــــهم

في تلك الليلة كنت أشعر بالسعادة وكانت شهيتي للطعام قد تفتحت بعد عدة أيام من الأرق الشديد. أعدت لي أم جميل عشاء كبيرا من لحم جمل وليد، فرشته فوق قصعة كبيرة من الثريد، وأكرمت نفسي وزوجتي بقلة من نبيذ دمشق العتيق، كنت اكتريتها في رحلة شتاء بعيد. كان العشاء لذيذا وشهيتي متفتحة، فأكلت كمية كبيرة ، وتواطئت الخمر مع الطعام، فتثاقلت حتى أنني لم أستطع أن أذهب إلى الكعبة للقيام بطواف العشاء، ونمت على الفراش حيث تعشيت بثيابي وعمامتي.

بعد نحو من الساعة، أو هكذا بدا لي، طرق أحدهم الباب بقوة، فنهرت أم جميل بقدمي أن تقوم لتفتحته، فلم تجب بأكثر من أنة جاءت من أعماق النوم. واستمر الطرق، فخشيت أن توقظ الجلبة آل محمد وآل معيط، فقمت متثاقلا وفتحت الباب، فإذا بمحمد وخلفه كائن أدخل الروع والعجب في نفسي: كان وجهه الأبيض على احمرار وسيما إلى حد الجمال، يشع ضياءا أنار كل باحة منزلي الداخلية بشعاع هادئ لطيف، وكان جسمه الفتي القوي مكسوا بحلة من السندس الأحمر بنفس لون عمامته التي كانت مزينة بالياقوت وحبات لؤلؤ بحجم سنام حوار من الجمال. وقف خلف محمد يسد الباب من الجهتين وكان يهتز ببطئ وكأنه سفينة على بحر هادئ، من خلال دهشتي لاحظت أن له جناحين يملآن الافق وكانا يصفقان بشدة ولكن بدون صوت. سمعت محمدا وكأن صوته جاء من أعماق بئر يقول: هذا جبريل يا عماه جاء ليفاوضك في موضوع إسلامك.

قلت محاولا إخفاء خجلي من عدم التصديق به وأنا الآن آراه عيانا مرفرفا أمامي، ولساني يتعثر بين أسناني: أهلا بجبريل أهلا بجبريل وبمن معه. تفضلا بالدخول، لا يزال عندنا بعض من نبيذ الشام. صرخت بحماس: يا أم عتبة .... أوقفني عندها محمد عن الكلام بوضع يده فوق فمي!

قال جبريل بصوت عميق جهوري: لا يا أبا لهب، دعنا نذهب إلى مكان هادئ حتى لا نوقظ أحدا. ولم أكد أتقدم خطوة باتجاه محمد حتى قفزت أمامي دابة عجيبة، حجمها فوق الحمار ودون الحصان، مركب عليها جذع ووجه إنسان، وكان لها جناحان يهتزان، ولكن أيضا بدون هدير أو دويان.

قال جبريل: إركب.

قلت: ما أنا براكب.

قال جبريل: إركب يا أبا عتبة.

قلت: ما أنا براكب.

قال محمد ظانا أني خفت من المخلوق الماثل أمامي: إركب يا عماه، لن يمسك ضر منه.

قلت: يا ابن أخي، ويا سيدي جبريل: إني والله لأستحي أن أركب فوق ظهر رجل حتى لو كان له جسم حصان.

قال الرجل صاحب جسم الحصان بفصاحة: لا تستحي يا أبا عتبة هذه طبيعة عملي التي خلقني الله سبحانه من أجلها، وإنه لمن دواعي الشرف العظيم لي أن يمتطيني عم رسول الله.

من دهشتي لم أدري إلا وأنا فوق هذا الحصان البشري الطائر، أو البشر الحصاني ذو الحوافر، الذي أنبأني عن نفسه أنه من قبيلة بني براق، وأنهم يعملون في الجنة كوسيلة السفر الوحيدة للشهداء والصالحين، لسمو طبقاتها السبع، ولتراميها اللانهائي الأطراف، وضرورات حفظها من التلوث البيئي. كان محمد يطير بجانبي على براق مماثل الجسم ولكن وجهه كان أكثر رزانة وبدا أنه كان أكبرسنا من براقي بسنوات كثيرة. ودلت عبارات وجهه عن الجهد العظيم الذي كان يبذله لمواكبة براقي وجبريل في طيرانهما السريع. حلقنا جميعا من فوق جبل أبي قميس ودرنا في الجو، وفي لحظات، وصلنا إلى جبل عرفات، وحام بنا جبريل حوله دورات، للتأكد من خلوه من متنصتي الأنس والجن ، وهبطنا على سفحه الشرقي فوق الصخور بالقرب من القمة. أنزلني البراق برفق ، وجلست بجانب محمد على صخرة ناتئة، وطفا جبريل أمامنا وكأنه معلق من جناحيه الهائلين، الذين وبالرغم من رفرفتهما العظيمة السرعة، كانا يبقيان جسمه ثابتا وكأنه واقف على أرض صلبة. وللتاريخ أؤكد هنا أن جبريل ظهر لي بصورته الحقيقية، وليس بصورة دحية الكلبي الذي كانت تربطني بأبيه صداقة قوية، وأؤكد أيضا أنه لم يملك إلا جناحين إثنين وليس كما يدعي البعض ستة مئة جناح، وفي رأيي أن الإدعائات عن عدد أجنحته الكبير قد نتجت من خلط عدد الريشات الستمائة بعدد جناحيه الإثنين.

بعد أن غادرنا البراقين إلى مسافة أمن جبريل أنهما لن يسمعانا منها قال: يا أبا عتبة، أنت تعلم كيف أحدث اعتراف القرآن باللات والعزى ومناة مشكلة كبيرة لدين الله بين المؤمنين ، حتى أن بعضهم تراجع عن الأسلام، ونحن الآن مشغولين بتداعيات هذه الأزمة وتدارك نتائجها، والآن جئتنا تريد أن تسلم ؟ وهذا كما تعلم سيحدث تناقضا في كلام الله ، وسيجبرني على نسخ سورة المسد بالكامل. وقد بحثت الأمر مع الله سبحانه وتعالى فقال أن نسخ هذه السورة أمر من المحال ، لأنه سيترتب على نسخها أمور في غاية الخطورة تتعلق باللوح المحفوظ.

قلت: وما اللوح المحفوظ يا سيدي جبريل.

قال: هو السجل الإلهي لكل ما كان وما سيكون في هذا الكون.

قلت متظاهرا أني فهمت ما اللوح المحفوظ: فما العمل إذن؟ هل تظن يا سيدي جبريل أني بعد أن رأيتك عيانا أمامي أني سأتراجع عن أسلامي وعن شرف الإنضمام لدين محمد؟ فوالله الذي نفسي بيده ، أنه لا أله إلا الله وأن إبن أخي محمدا رسول الله.

سورة الإسراء

بســــــمك اللــــــهم

قال جبريل مخاطبا محمد بإحراج وقلق: إذن لا بد من أن نذهب للسماء لبحث الموضوع مع الله.

أشار جبريل برأسه وما هي ألا لحظات حتى قفز البراق بجانبي وبسرعة البرق أيضا وجدت نفسي أطير راكبا فوقه ، وبجانبي محمد وكنا نتبع جبريل الذي كان يمزق الأفق أمامنا بجناحيه الهائلين.

قال لي براقي وقد بان العرق يتفصد على عنقه: إن المطبات الهوائية التي يحدثها جناحي جبريل تجعل الطيران في غاية الصعوبة. هل قلت شيئا أغضبه؟

قلت: لم أزد أن قلت لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

قال براقي: إني لأخشى أن سرعة جبريل هذه ستجهد صديقي الشيخ شمعون فوق طاقته. لو علمت أنه بهذه الحال لطلبت أن يحمل محمد براق آخر، ولكنه أصر أن يأتي معنا عندما علم أنه سيحمل رسول الله على ظهره.

إثناء الطيران لبيت المقدس طلب منى براقي أن أضمه من الخلف وأن ألصق وجهي بظهره حتى لا تضربني الريح وتطير عمامتي. فحضنته من الخلف ودفنت وجهي بين لوحتي ظهره القويتين. أخبرني براقي ونحن في هذا الوضع الحميم ، أن أسمه أبومشعل، وأن جنس البراق جنس قديم من الخلق كانوا في خدمة آلهة الإغريق، فلما دالت دولتهم وطواهم الزمن بعد أن تبع أهل اليونان عيسى بن مريم، عطل جنس البراق عن العمل، إلى أن دخلوا في خدمة الله عز وجل. حذرني براقي أن علي أن أتعامل مع الله سبحانه وتعالى برسمية صارمة لأنه "في غاية الجدية، فهو عكس آلهة الإغريق لا يتمتع بروح الفكاهة أو المرح" واعترف أبومشعل أنه يحن إلى إلهة الإغريق الذين احترموه ولم يستخدموه كدابة للنقل، إلا أن عمله مع القاهر المميت سيدر عليه ربح تسع عشر براقة من أبرقة الجنة يحصلهن بعد سن التقاعد. وخطر لي أن أسأله عن سر رقم التسعة عشر إلا أنه أخذ يناور استعدادا للنزول في باحة المسجد الأقصى.

سكت أبو مشعل وأخذ يركز النظر على موضع هبوطنا عند بيت المقدس، الذي تعرفت عليه رغم الظلام لعهدي به من زيارة سابقة بصحبة محمد. بعد نزولنا بالقرب من الحائظ الغربي، استحييت أن أقتدي بعمل محمد في ربط براقه للحائط ، فقام محمد بربطه في سلسلة حديدية مثبتة في حائط البراق قائلا ببعض من استهجان: يا عماه ليس هذا الوقت وقت المراسم والأدب! علينا أن نسرع فإن الله في انانتظارنا.

سورة المعراج

بســــــمك اللــــــهم

ابتسم براقي بود وهز بجانحه أن في أماني الله ، واستدار في الحال بقلق واضح للعناية ببراق محمد الهرم، الشيخ شمعون، والذي بدا منهكا جدا ومريضا.

رفرف جبريل أمامنا وتبعته مع محمد على الأقدام مهتدين بالنور المنبعث من وجهه الملائكي، واتجهنا نحو صومعة مستديرة تكاد تبلغ في عرضها وعلوها بناء بيت الله الحرام. دخلناها مع جبريل من باب خفي فتحه جبريل لعجبي بزقزقة قصيرة، في الداخل انتصبت في الصومعة اسطوانة معدنية مستديرة وكان لها نفس علو الصومعة التي ظهر لي عندها أنها ليست إلا جدار بدون سقف ولم تكن أكثر من سور يحيط بالإسطوانة المعدنية ليخفيها عن عيون الناظرين. قال لي محمد عن الإسطوانة أن أسمها المعراج 77 وأنها ستكون وسيلة نقلنا إلى السماء الدنيا أقرب السماوات للإرض.

دهشت عندما دخلت المعراج من سعته الكبيرة، وكان محمد يدفعني في خطواتي المضطربة الخائفة نحو باب آخر. دخلناه لنجد أنفسنا في غرفة أكبر أضيئت بضوء أحمر خافت. جلست أنا ومحمد على مقعدين من جلد ، وجلس جبيرل أمام منصة امتلئت بأضواء حمراء وخضراء وزرقاء، وبعد أن تأكد أننا ربطنا بالأحزمة في مقاعدنا استدار نحو المنصة وأخذ يضغط على الأضواء التي أمامه، فسمعت شهيقا وزفيرا من تحتنا واهتز المعراج بشدة. أغلقت عيني بجزع من شدة الإهتزاز، وشعرت أن جسمي بدأ يتثاقل ويلتصق بالمقعد الجلدي الذي استدار من تلقاء نفسه نحو سقف الغرفة جاعلا ظهري على أرضها ووجهي نحو سقفها. من شدة الخوف ضاق نفسي وأخذت أصرخ طالبا شفاعة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، ولكن وبعد حين شعرت بيد محمد تهزني، وكان الاهتزاز قد خف، ففتحت عيني لأرى جبريل يبتسم نحو محمد. كان قد ضم جناحية خلف ظهره وربط نفسه هوالآخر بأحزمة قيدته بمقعده. قال: لا تخف يا أبا لهب! أما آن لك أن تنسى اللات والعزى ومناة ؟ فليس لك من معين الآن إلا الله. أحمر وجهي خجلا فتشاغلت بالنظر من نافذة صغيرة خلف رأس محمد، كانت السماء في غاية السواد وكانت النجوم تقترب منا بسرعة خارقة، وأخذ شكلها يتحول من النقط المضيئة إلى أشكال الفوانيس المختلفة الإحجام والأشكال.

سورة تناسيم

بســــــمك اللــــــهم

بعد عدة دقائق من السفر في عمق الفضاء الخارجي، دخلت الغرفة مخلوقة فائقة الجمال تطفو على جناحين يلمعان وكأنهما من ذهب مصفى ، وتحلي شعرها بجواهر من ماس وياقوت ولؤلؤ ومرجان، كل منها بحجم قبضة يدي، أي منها خير من الدنيا وما فيها. وكانت تحمل في يديها منضدة مستديرة من الياقوت الخالص عليها إبريق وكوب واحد من الفضة، محلى بجواهر لم أرى مثلها من قبل أبدا. ابتسمت الملاك باتجاه جبريل بابتسامة جعلت كل عضو في جسدي ينتصب ليسبح بقدرة الخالق وحسن صنعه. كان ما ظهر من جسمها من تحت رداء حريري أحمر خفيف، أبيضا مشعا في غاية الصفاء، وكانت تتمايل بأنوثة وغنج تحت هالة مضيئة من الشعر الأصفر بلغ حتى أكعابها، أما عينيها فكانتا زرقاويين كسماء مكة في الربيع الأول. سحرتني حتى شعرت أن عيناي تجحظان وكادتا أن تقعا من محجريهما، ووقف ذكري وتصلب، وسال لعابي من جانب فمي الإيسر، وأهتز شاربي الإيمن، وتفصد عرقي، ولم أستطع أن أرفع عيني عن ثغرها الندي الشهي. سمعت محمد وكأن صوته جاء من وادي القرى وكان قد وقف بجانب جبريل وأدار ظهره لها متجنبا--لاستغرابي الشديد لولعه بالنساء-- النظر إليها: لقد وقع صاحبي بغرام صاحبتك كما خططنا يا جبريل.

لم أعر ما قال محمد انتباها فقد كنت مفتونا تماما بهذه الملاك الواقفة أمامي. صبت لي خمرا أحمرا من الإبريق بأدب ، وعندما انحنت لتقدمه لي انكشفت أطراف حلمات ثدييها من تحت ردائها الحريري الملتصق بجسدها وشع منهما نور ملائكي زهري أو أحمر، فانفجر الدم في وجهي ودق صدري بشدة حتى سمعه جبريل فالتفت نحوي بقلق، وانقلبت الخمر من يدي، وطافت قطراته المستديرة بعجب في أرجاء المعراج حتى بلت جناحي جبريل ولحية محمد، ورأيت أن وجهها هي الأخرى إحمر ولكن غضبا وليس خفرا ، وروادتها عن نفسها فلم تُراود، وهممت بها فنكست عن أن تهم بي، ولم يكن بوسعي بسبب الأحزمة الرابطة إلا أن أتمتم باستمرار ما شاء الله أحسن الخالقين. واستدارت للرجوع، دون أن تقدم شرابا لمحمد أو لجبريل، نحو الباب الذي قدمت منه ، فرأيت من بين تموج شعرها الأصفرجيدا كجيد الرئم ليس بفاحش، وساقين كأنابيب نخل يثرب، ومقعدة تراقصت دفتاها صعودا ونزولا، ويمينا وشمالا، معا، كسنامتين من سنامات نياق نجد، فوقع حبها في صميم قلبي كجلمود صخرة صديقي امرؤ القيس، وأخذت أتمم ما شاء الله أحسن الخالقين، وشعرت بامتنان عميق لمحمد الذي أراني عجائب الله في خلقه. اختفت تناسيم، ولم أستطع امتلاك إربي (11)، فسال منه مائي المهين على ثوبي وبلله، فضحك محمد، واحمر وجه جبريل. وبعد فترة قليلة لم تتجاوز في زمنها ما يأخذني للركض بين تذكاري إساف ونائلة (12) سبعة مرات، شعرت مرة أخرى بتثاقل جسمي فدار مقعدي بعكس حركة المعراج ولكن ظل رأسي يدور نحو الباب حيث اختفى ذلك الجمال المذهب للعقول.

سورة السماء الدنيا

بســــــمك اللــــــهم

أبطأ المعراج بعدها، وشاهدت من خلال الغرفة مركبة غريبة جاءت لتطير بمحاذاتنا. نظر إليها جبريل من لوحة زجاجية كبيرة أمامه وقال لمحمد: هذا حرس السماء الملائكي جاء ليستقبلنا. وما أن بدأت أنظر للمركبة لأتعجب من جمال صنعها وتناسقها، حتى خرجت من مقدمتها إنبوبة كبيرة، وخرج منها وميض شديد، تبعه آخر ثم أخر، ورأيت بعدها ثلاث أحجار كروية تحترق بنار حمراء وتهي نحونا. فهمت عندها أن هذه الشهب كانت مصوب نحونا، ففزعت وهممت أن أعوذ بالعزى، فزادت الفكرة من فزعي، ونظرت نحو محمد بهلع. أهتز عندها المعراج بعنف ودوت طقطقات رهيبة متتابعة، خلت منها أننا سنتمزق إربا.

قال محمد بهدوء: لا تخف يا عمي، الحرس السمائي معروف بدقة إصابته. لا بد أن أحد العفاريت قد تعلق بذنب المعراج في محاولة للتسلل إلى داخل السماء الدنيا ولكنهم كانوا له بالمرصاد.

ظهرت بعدها شبح في الهواء لملاك شديد البأس أمام جبريل. حيانا وقال: الملازم مقاتيل في خدمتك سيدي جبريل. ، وكان الشبح متدثرا بدروع تغطي كل جسمه ومتوشحا سيفا عظيما، وكان يضع زجاجا ملونا يغطي عينيه. تابع بعصبية ظاهرة: آسف للإزعاج ولكن أجهزتنا رصدت ثلاثة عفاريت من فرسان أبو خطفة تحاول استغلال فتح البوابة السماوية للتسلل خلفكم. الأغلب أنهم تعلقوا بالمعراج عند انطلاق سيادتكم من بيت المقدس.

قال جبريل: أحسنت عزيزي مقاتيل، للأسف انشغلنا هنا بضيفنا رسول الله وعمه أبو لهب ، وفاتني أن أقوم بالمهام الأمنية المعتادة. حيا الملاك المدرع جبريل برفع يده نحو وجهه واختفى، ولكني كنت لا أزال أرى المركبة الملائكية تواكبنا في رحلتنا للأعلى.

ازداد تباطئ المعراج بعدها إلى حد كبير وميزت من نافذتي بوابة هائلة أخذت تنفتح للسماح لنا بالدخول، وانشغل جبريل بلوحات الأضواء البارقة أمامه. دخلنا بعدها من البوابة وطرنا بالمعراج نحو بناية مذهلة الترامي والإرتفاع. وببطئ اتجه المعراج نحوها وجبريل يقوده بمهارة بين أعداد ضخمة من المركبات، بعضها يشبه المعراج، ولكن أكثرها كان بمختلف الأحجام والأشكال. وقف المعراج وخرجنا منه في ساحة هائلة تعج بالمخلوقات الغريبة التي لم يكن بإمكاني أن أتخيل وجودها، وكانت تمشي وتركض في كل اتجاه. طمأنني محمد قائلا لا تخف، لن يمسك ضر من أي من هؤلاء. وبعد أن وقفنا على أرض متحركة، حملتنا في ممرات طويلة، مليئة بالأصوات والأضواء والنوافذ الزجاجية الحاوية لملائكة أو ملكات يتكلمون بسبعينات مسبعة من اللغات، وبعد مشي إلى أبنية أخرى، وركوب براق آخر (لم أسأله عن اسمه) طار بنا عبر مسافات شاسعة في السماء الدنيا من فوق ممر كان على يمينه أرض خضراء في غاية الجمال وعلى يساره أرض جدباء تشتعل فيها النيران ويتصاعد منها الدخان، وصلنا برج من الرخام، قاعدته في أرض السماء الدنيا ويمتد إلى الأعلى دون أنقطاع. عددت عند قاعدة البرج سبعة أبواب، قادنا جبريل إلى الباب السابع منها والواقع في أقصى اليمين وكان في أعلاه رسمة حمامة بيضاء. وبعد أن ضغط بإصابعه مرات عديدة على لوحة مليئة بالرموز والأضواء مختلفة الألوان، فتح الباب مصراعيه، ودخل جبريل في غرفة صغيرة ودفعني محمد دفعا لأتبع جبريل إلى هذه الغرفة المخيفة. وما أن دخلنا حتى أغلق الباب، فقال محمد للتخفيف من الرعب الذي استحوذني ، لا تحزن عمي، إن الله معنا، فغمرت السكينة قلبي. قال جبريل مخاطبا لوحة مضائة بمختلف الألوان والأشكال: إلى جنة المأوى. رد عليه صوت نسائي لطيف بعد أن تنهد وكأنها عاشقة تخاطب حبيبها: نعم سيدي جبريل، ولم تكد صورة تناسيم تظهر في مخيلتي حتى شعرت بجسمي يتثاقل مرة أخرى، وانقشعت السكينة من صدري، وغشاني شعور بالغثيان، وقعت على أرض الغرفة وتقيأت بشدة خلتها ستقلع خصيتي، ثم فقدت كل ملكة على نفسي فانسهلت وخرج مني بصوت منكر ورائحة أنكر، كل ما أكلته من لحم الجمال والثريد وكل الخمر الدمشقية التي شربتها مع أم جميل في تلك الأمسية الممتعة في بيتنا على أرض مكة، التي بدت الآن بعيدة جدا وعزيزة جدا. غمرني شعور هائل بالخزي والخجل والضعف فوضعت رأسي على أرض الغرفة الصاعدة وأنا أرتعش كالمقرور، ولكني لم أغب عن وعيي لحظة واحدة، ربما بسبب القلق والخوف الشديد مما كان يحصل لي.

سورة سدرة المنتهى

بســــــمك اللــــــهم

وبالرغم من صعوبة الموقف، وترددي بين الغيبوبة والوعي، وبالرغم من الغرابة العجيبة لكل ما يحصل حولي، فهمت أن الغرفة الصغيرة كانت تنهب بنا الإرتفاعات الشاهقة بين السموات ، وكانت كلما قطعت الحدود بين سمائين، تخرج صوتا موسيقيا هادئا، ينبثق من خلله نفس الصوت النسائي المثير، معلنا بغنج مريب إسم السماء التي نمر بها: السماء السادسة سيدي جبريل، السماء الخامسة أميري جبريل، وهكذا إلى أن أعلن الصوت بإنوثة تهد أشد الرجال امتلاكهم لإربه (1_12) : جنة المأوى يا حبيبي وفحلي جبرلي. بعد ثوان خلتها دهورا، سمعت من خلل موجة غثياني وخزيي، الصوت الإنثوي يقول سأفتح الباب الآن ، أرجو الخروج بسرعة والتخلص من هذه الرائحة النجسة، رافقتكم السلامة والأماني حبيبي جبريل.

فتح الباب تلقائيا بسرعة، فسحبني محمد وأنا جالس على الأرض من طوق ثوبي مديرا رأسه عني ليتجنب قذارتي ورائحتي، وجرني جرا إلى أن خرجنا من الغرفة التي اختفت بعد ذلك بسرعة، وكأن الأرض ابتلعتها. نظرت وميزت من خلال النور الخافت، الذي كاد أن يكون ظلاما دامس، أننا في نقف في سهل فسيح، مغطى بأحجار صغيرة داكنة، وكنا نواجه في وسطه شجرة شاسعة الإنتشار، شاهقة الإرتفاع.

أشار محمد أليها بتيه وغرام وقال، والدموع تترقرق من عينيه: هذه سدرة المنتهى.

ورغم بعدها عن المكان الذي حططنا عليه مع جبريل، وبالرغم من الجو المكفهر المظلم الذي غلب عليه لون الرصاص، ميزت أن لهذه الشجرة العجيبة أزهار تغمرها في كل مكان، وفروع كثيفة متشابكة في كل اتجاه ، وثمار تكاد تساوي جذوع الجمال في ضخامتها، وأوراق وارفة واسعة كآذان الفيلة، أشبه ما يكون شكلها بكف إنسان عملاق. وعلى الأغصان في كل اتجاه، تجمع عدد هائل من الطيور، شكلها شكل الغربان، ولون ريشها أبيض من شدة هرمها الظاهر في ترهلها. ومن هنا وهناك، كان يصدر نعيق من أحد الغربان، فيرد عليه آخر من بعيد، فأشعر وكأن صفعة شؤم أكلت من لحم وجهي وأغرقت قلبي بحزن شديد مقيت. وبعد أن أخذت زوبعة العواطف من خزي وحيرة بالتلاشي ، تسرب لانتبهاهي، بالرغم من استمرار شعوري بالغثيان من الصعود الطويل ، ظاهرة القدم السحيق لكل شئ في هذه الشجرة العجيبة. الأزهار، ذات الشق الطويل في وسطها، كانت في غاية الذبول، الأوراق متجعدة دون أي أثر للإخضرار، والأغصان جافة متاهفتة للسقوط ، والثمار متهدلة مترهلة ومليئة بالقروح، يغلب عليها لون السواد. وبالرغم من كل هذا القدم وغياب أي دليل للحياة ، لم يكن هناك أي أثر لأي أوراق ساقطة ، أو غصون ميتة . بدت لي الشجرة وكأن لا حياة فيها، ولكنها لم تكن موات، وكأنها كائن يعيش بين الحياة والموت، وشعرت وكأنها تتمنى الموت ولكن الموت لا يجرؤ أن يأتيها، وتتعطش للحياة، ولكن الحياة تأنف أن تسكنها.

ارتعدت وارتعد جبريل معي، ووقعنا على ركبتينا، إلا محمد، فقد ظل واقفا رابط الجأش.

قال مخاطبا سدرة المنتهى بدون تكلفة وكأنها خليل قديم: سبحانك الله، هذا عمي أبو لهب يريد أن يعلن إسلامه، وأنت أعلم بما يترتب على ذلك.

قال صوت متحشرج ضعيف، سمعته بالرغم من ضعفه من خلال كل أعضاء جسدي: أهلا بمحمد حبيبي ورسولي وخاتم أنبيائي.

سكت هنيهة ثم قال بصوت فيه شئ من وعيد صحبه حفيف مشئم صدر من الأغصان الرصاصية الداكنة: يا أبا عتبة هل تظن أني سأمكنك من تقويض ديني ودين محمد؟

قلت وأنا أرتجف بشدة خوفا منه وشغفا بملكة البراق: سبحانك اللهم أنا عبدك وخادمك وأتفه من أن أفكر أن أقوض دينك. كل ما أريد هو أن تسمح لي أن أسبح بعظمتك وجلالك.

قال الصوت الإلهي: إنك بإسلامك تحاول أن تتحدى مشيئتي، ألا تعلم أن بإمكاني أن أهلكك وأوزع كل ذرة من ذرات جسدك في كل ركن سحيق من هذا الكون؟

قلت والخوف يعتصرني وقد جمعت أخر ذرة من شجاعة في نفسي: بلى يا إلهي سبحانك، ولكن محمدا قال لي أنك كنت قد كتبت على نفسك الرحمة.(13) .

قال الصوت الإلهي مصحوبا باشتداد رهيب للفحيح القادم من أوراق وأغصان السدرة: حسنا، لك أن تسلم، ولكن يجب أن تظل معلنا كفرك بمحمد حتى لا يناقض إسلامك ما جاء من تكفيرك والوعيد لك في سورة المسد.

قلت: سبحان عظمتك وجلالك، ولكن ما مكافئتي على هذه المحنة التي سأحياها. أعظم الناس إيمانا بك في الخفاء ومتظاهرا بالكفر والعداء للإسلام والمسلمين؟

قال الصوت الإلهي: خلقتكم تجار وستبقون تجار، ألم يعلمك محمد أن للمؤمنين جائزة من إثنتين وسبعين امرأة إثنتين منهن من حورعين الجنة؟

قلت وقد شجعني وصفه لنا بالتجار بالمضي في المساومة: بلى عظمت جلالتك، ولكن محنتي أكبر وبلائي أعظم، وأستحق جائزة أعظم من الجائزة العادية.

قال الصوت الإلهي: إذن أقضي لك بجائزة الشهداء: إثنتين وسبعين، كلهن من الحور العين.

قلت: يا أكرم المكرمين إني طمعت بأكثر من هذا وأنا عم نبيك وأولادي أزواج بناته.

قال وقد شعرت غضب الجبروت في صوته يهز أركاني وأخافني أكثر ما أخافني خفوت ما كان من الضوء من بين أغصان السدرة: وما تريد يا أبا لهب؟

قلت وأشواقي المضطرمة تغالب خوفي فغلبته: هل لي أن أسأل رحمتكم أن تمن علي بتلك الجارية التي قدمت لي الخمر في المعراج؟

قال بغضب الجبار المحيط وبصوت اهتزت له جميع أغصان وثمار سدرة المنتهى وسقط منه جبريل على وجه: ولكنها من إناث الملائكة يا عبد العزى، يا أبا لهب، وكان جبريل قد كلمني بها.

قلت، وقد ملأ الرعب قلبي وبشعور غريب في أني على وشك الحصول على تجارة رابحة: يا إلهي أنت :أكرم المكرمين، ألا يتساوى صبري على ادعاء الكفر، وحفظي لقرآنك واللوح المحفوظ من الوقوع في التناقض، بجارية من إناث الملائكة؟

قال بعد صمت ظننته الدهر: حسنا، لك هذا يا أبا عتبة وما دمنا قد فتحنا الباب على نكاح إناث الملائكة، فلك فوقها واحد وسبعين أخر منهن. قوانين اللوح المحفوظ تحتم الإثنتين وسبعين. أليس كذلك يا جبريل؟

قال جبريل من بين قضقضة أسنانه الملائكية: هذا صحيح يا أعلم العالمين.

أحست عندها الذات الإلهية بانزعاجي فقال الصوت: ما الأمر يا أبا عتبة

قلت: سبحانك أنت أكرم الأكرمين لك الحمد والشكر، لك الحمد والشكر يا رب العالمين، ولكني بعد هذا العمر لا أستطيع حتى أن أرضي في النكاح أم جميل، فكيف باثنتين وسبعين من إناث الملائكة.

قال: لا تخف يا أبا عتبة أنا الله الخالق الخبير، في الجنة بعد بعث أهل الأرض، سأمنحك ذكرا عظيما مناسبا لنكاح إناث الملائكة، وسأمنحك الجلد والقدرة على مائة منهن (14).

سورة العدالة

بســــــمك اللــــــهم

قال الصوت الإلهي بعد ذلك مخاطبا محمد: هل ظننت أنك تستطيع أن تكيد لأبي عتبة دون علمي يا ابن إبي كبشة؟

قال محمد وقد سقط منبطحا على وجهه وكأن يدا خفية صرعته على الأرض، وهو يبكي ويرتجف كمقرور أجهده البرد: غفراك اللهم

قال الصوت الإلهي: إن مؤامرتك الرخيصة مع جبريل لتفتن أبا لهب حتى يأتيني نجسا مجنبا مطليا بالقيئ والخراء لم تمر على. وحقي، إني أكاد أن أقتطع لك قطعة من نار جهنم.

قال محمد وهو ينشج بالبكاء: غفرانك اللهم، غفرانك اللهم، أتوب إليك يا أرحم الراحمين.

قال الصوت الإلهي وكأنه يخاطبني: خاف أن أجعلك شريكا له في النبوة كما صنعت مع هارون وموسى، فوسوس لجبريل أن يفتنك بالملكة تناسيم حبيبته وموعودته في الجنة، وزاد على ذلك أن وضع لك في شرابك في المعراج مسهلا لأحراجك أمامي، متناسيا قدسيتي وعلمي، والآن وبعد أن لوثت تناسيم بشبقك الآدمي النجس خسرها جبريل، وبتلك الخسارة لملاكي القوي المتين أقضي على محمد بالفضيحة الأبدية، سأوقعك يا محمد بعشق زوجة إبنك زيد، فبعد أن يقضي منها وطره سأزوجكها 15)) حتى تكون فضيحة أبدية بين الأمم.

قال محمد من بين نشيجه، وقد وقف الآن بعد جهد على قدمية : اللهم لا، اللهم لا.

ثم سكت وبعد أن استجمع شيئا من شجاعة وقال: وهل ستكون هذه الزوجة جميلة وفاتنة وبهكنة ، وبيضاء وكعوب يا أرحم الرحمين؟

قال الصوت الإلهي بامتعاض واضح: ستكون إبنة عمتك زينب بنت جحش، ولكنه لم يعلق على جمالها أو فتنتها. ثم استأنف: وسأجعل كل ذريتك من بعدك أولاد الجواري والإماء وقضينا أيضا أن نحكم ولد بني أمية الفاجرين برقاب أحفادك حتى يسومنهم سوء العذاب ومن بعدهم ولد عمك العباس الكافر(16) ليذبحونهم ذبح النعاج. أما الآن، فجزاء وعقابا بما فعلت بحق أبي لهب في المعراج من دسك للمسهل له في الشراب، أقضي أن تنسهل في ثيابك وعلى نفسك كما فعلت به، أما جبريل فكفاه خسارة تناسيم.

أخذ محمد في الحال يتلوى ألما، ولما لبث أن خرج منه صوت ضراط منكر تردد في باحة السدرة، نعقت بعدها غربان الشجرة بصوت منكر يصم الآذان وكأنها تستنكر رائحة الخراء الذي أخذ يسيل على أكعاب محمد وينقط من فوق حذائة، ولكن لعجبي، لاحظت أن الخراء لم يكن يتساقط على أرض جنة المأوى، ولكنه بدأ يصعد على ثوبه من الخارج حتى غطاه ، وفهمت عندها أن أرض جنة المأوى لا تسمح للنجاسة أن تقع عليها.

سكت الصوت الإلهي كما بدأ فجأة ، وزاد هزلان سدرة المنتهى وظلامها حتى بدت كالعرجون القديم، وشعرت بموجة حزن طاغ تلفعني وتستقر في عظامي، وقام جبريل يبكي وكأنه ميت منذ ألف عام.

قال بغضب ولكن بصوت مكتوم: والله لقد كدت أن تهلكني يا أبا لهب وفوق هذا تدبرت أن تأخذ مني تناسيم الحبيبة ولكن الذنب ذنبي، لم يكن علي أن أفتنك بتناسيم كما وسوس لي محمد، والله ما أدري ما الذي حل بي عندما زين لي أن أفعل ذلك.

كانت السعادة تغمرني فلم أرد عليه بشئ لتحرقي لرحلة العودة في المعراج حتى أرى تناسيم مرة أخرى. في طريق العودة نحو مدرج المعراج من جنة المأوى إلى السماء الدنيا لم يحدث شيئ يذكر، ما خلا نظرات التقزز والإستهجان من رائحتي ورائحة محمد التي صاحبتنا في رحلتنا عبر محطة السماء الدنيا. لاحظت حتى من خلال انبهاري بلقاء الرحمن وتشوقي لرؤية تناسيم أن الأرض الخضراء كانت ما تزال على يمينيى والأرض المحترقة ما زالت على يساري. في المعراج أثناء رحلة العودة للأرض، ولحزني الشديد، لم تأت لنا تناسيم بالشراب بسبب حقد جبريل علي وكان محمد أيضا جالسا يبكي يهز نفسه أماما وخلفا ولم يتفوه بكلمة طوال رحلة الهبوط نحو بيت المقدس.

سورة ريحانة

بســــــمك اللــــــهم

أثناء رحلة العودة من المثول بين يدي الله، وبعد هبوط المعراج بسلام في بيت المقدس، فوجئنا جميعا أن شمعون، براق محمد، قد اختفى، واستبدل ببراقة شابة، بنصف جسم إنساني ممشوق وثديين ناهدين إلى الأعلى توجا بحلمتين حمراوتين كزهر متفتح، حاولت أن أغض النظر ولكن هيهات، كيف أغضه عن الكشح الهضيم العاري، المزين بأخاديد الفتوة والتي بانت من تحت بشرة ملساء تخال أنها مشعة كبشرة جبين جبريل، كيف غض الطرف عن الشعاع الآسر المنعكس وهو يتراقص من خلل جوهرة منيرة غطت بها سرتها. أين المفر وقد رأيت في محياها وجه حبيبتي تناسيم بنفس البياض ونفس الرقة ونفس التناسق الآخاذ؟ وعندما أمسكني أبو مشعل بالجرم المشهود وأنا أضاجعها بعيني، هربت بهما، فوقعتا على شعر فاحم مسدول ثم ما لبثتا أن أسرتا بعينين سوداووين ليس لهما قرار، تنظران إلى إعماقي بتحد وببعض عتاب، فحولتهما فوقعتا على شفتين نديتين، فدخت وشعرت بالدوران، فابتعدت بعيني، فوقعتا على جسمها الفرسي. فذهلت وكدت أفقد عقلي، يكفي أن أقول أني كنت من محترفي إقتناء أكرم الخيول العربية بين بني هاشم وقريش كلها، ولم أرى في حياتي أو تخيلت أن أرى جسم فرس بهذا الجمال، كان أبيض ناصعا طويلا ممشوق القوام، يتفجر قوة وعنفوانا، يزينه جناحين ذهبيين مصقولي الريش الملون كأنهما جناحي طاووس من الحبشة، فيزيد الضوء المنعكس عنهما والنابع من جسم جبريل المنير وجهها جمالا ورقة، ومن الخلف غطي فرجها الفرسي، بذيل كثيف من الشعر الأبيض الطويل ولاحظت عندها أن للإناث من الأبرقة فرج فرس وليس لهن فرج تحت السرة كنساء البشر كما ورد، مستقبلا، في أحاديث أبي هريرة .

بعد حديث سريع على شكل همهمة وزقزقة سريعتين مع موقع قيادته الواقع في البيت المعمور في الجنة الدنيا، ولم أفهم منه شئيا، أخبر جبريل محمد أن ريحانة أجبرت على التطوع مكان زوجها شمعون الذي تدهورت صحته وهو مربوط إلى حائط البراق. كان الحزن الشديد ظاهرا على وجه صاحبي البراق أبو مشعل، الذي كان محمد قد ربطه قبل صعودنا للمعراج إلى حائط البراق. حييته بمودة صادقة فإجاب تحيتي بمثلها، وبدا أنه امتعض أما من تحديقي الشبق بريحانة أو من رائحتي الكريهة، حاولت أن أضع يدي على كتفه الحصاني برفق لمواسته، جفل إلى الخلف قليلا، لكنه انتبه متفهما لوضعي مع جمال البراقة، ورجع نحوي محنيا رأسه بحزن. أخذ جبريل محمد من يده وأشار له أن يمشي معه نحو ما يسمى حاليا بالمسجد المرواني والواقع في الباحة الشرقية للمسجد الأقصى. ومن خلال الظلام الدامس، وبالطبع لم يكن المسجد مضائا في تلك الأيام كما ترونه حاليا، رأيت جبريل بمساعدة الهالة الضوئية الملائكية المنبعثة طبيعيا من جسمه السماوي، يتكلم بجد وبحدة وكان يستخدم جناحية ويديه محاولا شرح شيئا ما لمحمد، وكان هذا يهز برأسه صعودا ونزولا تعبيرا عن فهمه وموافقته لكلام جبريل. نحو نهاية حديثهما رأيت محمدا يضع يده على قلبه وكأنه يقسم على شئ ما. بعد نحو من عشر دقائق رجعا نحونا ساكتين وكان محمد ينظر نحو الأرض ولفت انتباهي أنه كان يبذل جهدا بطوليا لتفادي النظر أو تبادل التحية مع البراقة، التي أخبرني أبو شمعون أن إسمها ريحانة. جاء جبريل ووضع بساطا فوق سرج ريحانة وبساطا مماثلا فوق سرج براقي أبي مشعل. بعد أن اعتلى محمد السرج وشرح له بإسهاب، وبطريقة رسمية جدية، كيف يربط أحزمته الواقية. ثم أراه مقودا من جلد له مقابض مريحة لتعين محمدا في حفظ توازنه في حالة الدوران بزوايا حادة. بعدها أخذ جبريل براقي أبو مشعل إلى ناحية جانبية، وتكلما مطولا ويبدو أن النقاش زاد من قلق وحزن جبريل وحنقه علي وقد تفادى أن يكلمني أو حتى أن ينظر ناحيتي.

سورة البلاء

بســــــمك اللــــــهم

امتطيت أبا مشعل بعد أن كررت له الإعتذارعن اضطراري لامتطائه، وبعد أن أقسمت له بالله وبحرارة أني أفضل أن أمشي على أن أركبه وأنا بهذه الحالة من القذارة والنجاسة. قال لا تقلق يا أبا لهب ودعا لي مخلصا أن يغفر الله لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر. في الجو أخبرني أبومشعل أن جبريل كان يطلب من محمد أن يتأدب مع ريحانة وأن يحترمها لأنها أجبرت بسبب التردي الخطير في صحة زوجها أن تحل محله لتعذر العثور على براق آخر، ولهذا وجب عليها حسب تقاليد المواصلات الأبرقية أن تحمل محمدا في رحلة العودة إلى مكة. قال أبو مشعل أن قبائل الأبرقة في السموات العليا كانت في حالة استنفار وتعبئة كاملتين لانشغالها بنقل سكان كوكب في مجرة بعيدة جاء موعد قيامته. وقد صادف ذهابنا للسماء عملية نقل واسعة النطاق لصالحين ذلك الكوكب من أجداثهم إلى بيت المحكمة الربانية، والواقع في البيت المعمور في السماء الدنيا. ولم يخطر ببالي عندها أن أسأله كيف ينقل الطالحون إلى تلك المحكمة.

قبل الطيران رفرفرف جبريل نحو محمدا بعد أن أمتطى ظهر ريحانة ، وثبته على سرجه المرصع بالجواهر والدرر، والتي كانت أقل واحدة منها خير من الدنيا وما فيها، بوساطة حزام من الحرير المخملي المقوى بخيوط غليظة من ذهب، وناوله حزاما من الجلد الفاخر والمرصع بالجواهر كان مثبتا في الجزء الأمامي من السرج. حلق في الهواء قليلا ووجهه نحونا وقال: إرحموا من يحملكم في الجو يرحمكم من في السماء. سكت برهة وقال: فلنطر على بركة الله. ثم أستدار وقلب نفسه في الهواء بمناورة بهلوانية رائعة وانطلق إلى الأعلى بعنفوان المتين شديد القوى، وصاح بنا أن الفجر على وشك البزوغ، وأن علينا الإسراع إن أردنا أن نبقى متسترين بجنح الظلام، وفي الحال شعرت بشدة الريح المنبعثة من جناحيه الهائلين، وكادت عمامتي أن تطير من فوق رأسي.وتبعناه، محمد على ظهر ريحانة، وأنا على ظهر أبي مشعل جنبا إلى جنب.

بعد أن ارتفعنا فوق الغيوم القليلة المحلقة فوق بيت المقدس واختفت فوانيسها من علونا الشاهق حتى ضاق صدري وتحرج (17) وخف رأسي وانتابني الجزع الشديد من الوقوع، ولم يكن سرج أبي مشعل مزود بالاحزمة الرابطة مثل سرج ريحانة، فاستأذنت من أبي مشعل أن أضمه من الخلف فقال بكرم ولكن بتقزز: لا بأس يا أبا لهب. وما أن رآني محمد أضم أبا مشعل حتى مال هو الآخر على ريحانة وكأنه كان ينتظر الأشارة مني، وضمها بقوة بوضع يديه على كشحها الهضيم فنفرت، وظهر الضيق الشديد على وجهها. قالت له بحدة وبقرف واضح: إرجع يا ابن أبي كبشة، يكفيك حزامك، ألا تستحي؟، ولكنه لم يكترث لاحتجاجها ثم أنه رفع يديه في الحال فوق ثدييها العاريين وضغطهما بشدة. صرخ عندها أبومشعل: لا حول ولا قوة إلا بالله، إرفع يديك يا محمد.

ولم يكمل أبو مشعل كلماته حتى جنت ريحانة وحلقت في دائرة كبيرة وقلبت نفسها فأصبحت حوافرها المحذية بالذهب المثبت بالجواهر نحو السماء وظهرها نحو الأرض، فصار محمد معلقا بين سرجها والأرض بالحزام الرابط فقط ، وبالرغم من ذلك كانت يدا محمد لا تزالا تجولان فوق ثديي ريحانة تبحثان عن حلمتيهما وكأن به مس من جنون. وأخذت ريحانة تدور في الجو بحركات لولبية ودورات عنيفة إلى أن نجحت بعد جهد من التخلص من محمد من على ظهرها فسقط نحو الأرض وهو يزعق بجزع شديد: جبريل، الغوث، الغوث يا جبريل.

سورة الرفصة

بســــــمك اللــــــهم

في هذه الأثناء كان جبريل لسرعته قد بعد واختفى من أمامنا فقلت لأبي مشعل: أنقذه بربك يا أبا مشعل، هذا إبن أخي، فرد أبومشعل بنزق شديد: فلتكن مشيئة الله، وانطلق بنا نحو ريحانة ليحلق بمحاذاتها وكانت تصهل بالبكاء ، وما أن وصلنا نحوها حتى انتبهت من بكائها وكأن حضورنا أشعرها بالعار ، فضمت جناحيها لجسمها الفرسي وهزت ذيلها بعنف ، فغاصت نحو الأرض بسرعة البرق تابعة محمدا. قلت في نفسي لعلها تنقذه، وانطلق أبو مشعل بنا خلفها ، وما أن وصلنا محمدا ، وكان لا يزال يصرخ مرتاعا باسم جبريل ، حتى ناورت ريحانة من جهة الأرض ، وارتفعت باتجاه محمد الساقط نحوها ، ورفصته بحوافرها الخلفية رفصة قاسية سمعت منها قرقعة عظام في جمجمته . التف حول محوره في الجو مرتين ، وسقط ساكتا مرخي الجسم نحو الأرض. صرخت عندها بأعلى صوتي: يا جبريل، الغوث يا جبريل. ولحسن حظي وحظ إبن أخي سمع جبريل ندائي – وكان صوتي جهوريا كصوت أخي العباس – فأتى طائرا نحونا ، وما أن لمح محمد الهاوي نحو الأرض ، حتى أدرك ما حدث ، وبسرعة لا تقدر عليها إلا بضع ملائكة من رتبة شديد القوى، انطلق نحو محمد وغرفه من سقوطه بذراعيه الهائلتي العضل ، وأنزله برفق على الأرض ومدده وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ، لقد قتلت رسول الله يا ريحانة، وأجهشنا جميعا بالبكاء. أنا على إبن أخي، وريحانة من عارها، وجبريل لإخفاقه في مهمته، وأبو مشعل لغيرته على زوجة صديقه شمعون.

وقفنا نرفرف حول جثمان محمد لبضع دقائق. جبريل وريحانة ما زالا يبكيان ، وأنا وأبو مشعل ساكتان بقلق ورعب من هذا الحدث الجليل. نظرت إلى محمد الملقى على ظهره فرأيت خطا رفيعا من الدم يسيل من جانب فمه الأيسر وكانت يداه لا زالتا مكورتين وكأنهما تدهدهان ثديي امرأة. بعد لحظات قليلة، أخذت الأرض بالإهتزاز، واحلك الظلام، وانطفأت النجوم، ونعقت الغربان، فأجابتها البوم من كل مكان، وعوت الذئاب، فردت عليها الكلاب بالمثل، وهبت الرياح، واشتد البرد ونزل البرد، فشعرت بالخوف الشديد، وسرت قشعريرة في صميم نفسي، ومثلها في صميم روحي، ناهيك عن القشعريرة التي سرت في كل جسمي، فقضقضت أسناني فجاء صدى قضقضتها من اهتزاز ركبي.

انتبه جبريل عندها من صدمته، ولاحظت أن المساحة المحيطة بجسم محمد المضائة بالإشعاع المنبعث من جسم جبريل قد بدأت تتضائل ببطئ، ونظر نحو السماء وزقزق وتمتم ثم سكت ثم زقزق وتمتم ثم التفت إلينا وقال آمرا بالعربية الفصحى: علينا بالعودة في الحال، القاهر المميت يأمرنا بالمثول بين يديه.

سورة العودة

بســــــمك اللــــــهم

رفضت ريحانة أن تحمل جثمان محمد إلى منصة المعراج في الحرم القدسي رغم إلحاح جبريل. ورفضت أن تحملني حتى يتمكن أبو مشعل من حمل جثمان محمد ، قالت لجبريل بغضب وشماسة: العرق دساس يا جبريل، فظن جبريل أنها عنت شيئا آخر ، فانبعث نور أحمر من عينيه وقال بغضب لا يخلو من التهديد والوعيد: اتق الله يا ريحانة هل فقدت عقلك؟

ولعل سكوت أبو مشعل شجعها على الثبات على موقفها، فحمله جبريل بين ذراعيه وانطلقنا جميعا نحو محطة المعراج في المسجد الأقصى، جبريل حاملا جسد محمد برفق على ساعديه، وأنا على ظهر أبي مشعل ، وكلانا صامتين من هول الصدمة ، وريحانة خلفنا تنوح بصهيل خافت خوفا وغضبا من المصيبة التي وقعت بها. حط بي أبو مشعل وحطت ريحانة بجانبه مرة أخرى بالقرب من حائط البراق ، واتجها تلقائيا معا إلى موقفهما المعتداء في الجهة الجنوبية من الحائط. ولكن جبريل أمرهما بالعودة والإتجاه معنا نحو منصة المعراج. قال لأبي مشعل دون أن ينظر إلى ريحانة: هناك تحقيق خطير في هذه القضية وحضوركما مطلوب للشهادة على ما حصل. عند سماع هذا بدأت ريحانة بالنواح بلغة الأبرقة بصوت ونغم يقطع الأكباد. واسها أبو مشعل، وكان بين الحين والحين يرافقها في صهيلها ويبكي. قال جبريل مطلوب منا الإنطلاق بالمعراج إلى جنة المأوى مباشرة، لا مجال لتضييع الوقت في محطة البيت المعمور.

استقبلنا كما في المرة السابقة ملازم الحرس الملائكي بمركبته وطار معنا عبر بوابة السماء الدنيا. أمره جبريل أن يطير خلف المعراج ليتأكد من خلوه منطقته الخلفية من الجن. في الحال ظهر شبح الملازم الملائكي مقاتلي وقال بنبرة قلقة جدا: سيدي جبريل، إن جهاز حمير (1_17) الرصد السماوية في مركبتي تنهق كالمجانين، وقد فهمنا من نهيقها أن هناك عصبة من سبعة من الجن من فرسان أبي خطفة متعلقة بالسطوح الداخلية لذنب المعراج ولا يمكننا الآن أطلاق النيران الشهبية ونحن في داخل الجنة.

قال جبريل: لا عليك، إتبعني من الخلف لتقبض على أي واحد يحاول القفز. سأحرقهم بنار جهنم.

أدى الشبح تحية عسكرية تشبه إلى حد كبير التحية التي يلقيها جنود الروم، واختفى وقد بان الإرتياح على وجهه.

التفت جبريل إلي وإلى محمد وخاطبنا قائلا: لقد سمعتما ما حدث، ولا مفر أمامنا من التحليق فوق نيران جهنم لنحرقهم. لا تخف يا أبا لهب، سطوح المعراج الخارجية مصنوعة من نفس معدن الخوازيق التي تستعملها ملائكة التعذيب في النار، ولن نحترق، المهم أن تحافظ على ربابطة جأشك. قلت: نعم سيدي جبريل وفكرت في نفسي أن نفسه قد تسول له أن يرميني مع الجن في النار، فوضعت يدي على حزام مقعدي وكأن ذاك سيحميني من جبروت القوي المتين.

بعد دقائق قليلة، عبرنا الحاجز الترابي الفاصل للجنة الدنيا عن النار وأخذنا نتوغل فيها. قال جبريل بصوت مرتفع: سأمكنكم من سماع ما يحدث في الخارج حتى تعتبر يا أبا لهب وهم يهوون في النار. نظرت إلى الخارج من نافذتي، فرأيت حاجزا من النار يقترب نحونا بسرعة، وكان الملاك مقاتيل يتبعنا بعربته المقاتلة من الخلف. عندما وصلنا حاجز النيران الرهيب، سمعنا جنيا يصرخ بالعربية لأصحابه أن ينقذوه، ثم ما لبث أن صرخ مودعا لهم وأخذ يشتم جبريل بأقذع الكلمات. لم يزد جبريل عن قول إلى الجحيم وبأس المصير. تعمقنا بعدها في جهنم إلى أن وصلنا واديا بدون قاع، قال جبريل بفخر بالرغم من عصبيته لما حدث لمحمد، وصلنا وادي هبهب (2_17) يا صعاليك بني خطفة، وما أن قال ذلك حتى هوا بالمعراج إلى الأسفل إلى أن خلت أننا عائدون للأرض، وأحاطت بنا ألسنة اللهيب من كل جانب، وما لبثنا بعدها أن سمعنا خمسة من فرسان الجن يصرخون ألما وهم يسقطون. قال جبريل: لم يبق إلا واحد سألقي به إلى وحوش وادي آثام. صعد بنا في المعراج من وادي هبهب وعبر جب الحزن ومنه تسلق جبل صعود ، الذي ما أن بلغنا قمته حتى انهار بجموع المعذبين الذين كانوا يرجون الفرار مما هم فيه من التعذيب، فهووا من حيث أتوا ليعاودوا الصعود. دخلنا بعدها وادي آثام الرهيب، ورأيت من نافذتي وحوش هائلة الأسنان، طويلة الأذناب، على ظهورها شوك بطول ذراع إنسان، تقف على أرجل كأنها جذوع النخل، وكانت تصيح وتزأر من آلام الحرق من بين ألسنة نيران السعير الزرقاء . ناور جبريل بالمعراج من بين الألسنة شديدة الإزدحام ، تتراقص كأنها تحاول أن تمسكنا، إلى أن أخذ الجني يصرخ من آلام الحروق، ثم وبسرعة ومهارة، قلب جبريل المعراج، فوقع الجني في فم وحش هائل، فقال جبريل ساخرا: تمتع برفقة أبدية مع تي ركس يا صعلوك. نظرت من النافذة فإذا بالوحش يلتهم فارس الجن بدروعه وبسلاحه، ثم أخذ يمضغه بأسنان من نار، وإثناهما يصرخان من الألم، ثم ما لبث ابتلعه. عندما غابا عن الأنظار من نافذة المعراج، قال محمد لجبريل: هل لنا أن نري عمي ذلك المنظر مرة أخرى؟ لم يجب جبريل ولكنه دار بنا دورة أخرى، فإذا بالوحش تي ركس يقئ الجني، ثم يعاود ابتلاعه ومضغه. استدار عندها جبريل نحوي بجدية ووقار وقال: كان هذا سيكون مصيرك يا أبا لهب لولا أنك أسلمت. سيظل تي ركس يأكل ذلك الجني إلى الأبد. قلت سيدي جبريل: ولكن بعد أن يمضغه ويبلعه كيف يعود الجني للحياة؟ قال جبريل: لقد وقعا في دورة زمنية من دورات وادي آثام، فما أن يدخل الجني الممضوغ بطن تي ركس المشتعل بالنار، حتى يرجع الإثنان إلى الوراء بالزمن فيعاودا إلى معاناة نفس فعل التعذيب. قلت وما ذنب الوحش هذا يا سيدي جبريل؟ قال جبريل: كان على الأرض يأكل أولاد الوحوش الأخرى، فعذبه الله بأن وضعه في وادي آثام ليتعذب وليعذب، هكذا شاء الله له منذ بداية الزمن. رجعنا بعد رؤية عجائب جهنم عن طريق جبل صعود ومنه إلى جب الحزن فوادي هبهب، ثم وصلنا أخيرا ألى الجنة الدنيا. تنفست عندها الصعداء لأن جبريل لم يتركني في ذلك المكان الرهيب.

أثناء طيران المعراج المباشر لجنة المأوى، وبالرغم من خطورة الموقف الذي يواجهه رفاق رحلتي مع الله ، شديد العقاب، وكنت أعتبر نفسي خارجا عن كل ما حدث، ظللت أمد طرفي في أنحاء المعراج الشاسع بحثا عن موعودتي تناسيم ، ولما رأيتها تنظر إلينا من خلف واجهة زجاجية صهر حبها قلبي ، فهامت روحي وهامت نفسي وقام معهما جسدي وقامت معه كل أعضائه بما فيها شواربي ولحيتي بل ، وكل شعرة على جسمي وجحظت عيناي فدار الدم برأسي وغرقت في سكرات الحب والغرام، ونسيت محمدا وريحانة وجبريل والمذل المميت وكل الوجود، رأتني هي واشتمت رائحة اهتياجي الجنسي العارم، من مائي الذي دفق رغما عني مختلطة بالقئ والأوساخ، فاختفت بعد أن ألقت علي نظرة تقزز كان فعلها في نفسي أقسى من البصاق.

سورة كثيب الوفود

بســــــمك اللــــــهم

أشار لنا حراس محسوم طيار من جهاز الملائكة الصاعقية، وكانت مدججة بالسلاح الشهبي حتى أسنانها الملائكية، عند أبواب السماء الدنيا بالإستمرار في الطيران دون تفتيش، وبعد أن قطعنا الممر الفاصل بين الجنة والنار، الجنة على اليمين وجهنم على اليسار، استمرينا في الطيران إلى جنة المأوى ومن ثم نحو مركزها إلى سدرة المنتهى، ودون حادث يذكر ، عدا ملاحظتي أن كل صراط مررنا به كان خاليا بالتمام من أي حركة مرور من الأبرقة الطائرة، كانت كلها واقفة ساكنة ترف بجنحها على جانب الممرات السمائية، تنظر إلينا ونحن نحلق فوقها والقلق والحزن باد على وجوهها.

حلق بنا جبريل فوق باحة سدرة المنتهى التي كانت الآن مضائة وكأن النهار يغشاها ولكن بدون أي مصدر ظاهر للضياء، ولعجبي الشديد بدت الباحة شاسعة جدا، فسرت ذلك في نفسي أني كنت مضطربا في المثول الأول بين يدي الله، وأني كنت مريضا، هائم الفكر بتناسيم ولهذا فاتني هذا التفصيل الواضح للعيان، إلا أن شيئا في نفسي ظل يقول أنها وسعت لغرض ما. وصلنا جميعا بعد طيران استغرق ساعتين إلى منصة كثيب الوفود، هكذا سماه أبومشعل عندما حططنا عليه. مال علي برأسه إلى الخلف وقال: لا بد أن شخصية كونية مهمة ستنضم إلينا لاحقا، والله إني لم أسمع من قبل أن إنسانا وضع قدمه على ظهر هذا الكثيب من أيام والدكم آدم. نظرت حولي وقدرت أن جبريل حط بنا في المرة الأولى في مكان سحيق البعد من هذا الكثيب والذي يكاد أن يقع تحت ظلال الشجرة الباسقة ذاتها.

من هذه الزاوية، بدت سدرة المنتهى مترهلة كالعرجون القديم لشدة نحلها وبؤسها. وبسبب القرب الشديد منها، لفحتني موجة ساحقة من الحزن والأسى، زاد منها أنا كنا قاب قوسين أو أدنى من تفاصيل القدم السحيق الذي كان يشمل السدرة وكل ما حولها بضباب رصاصي أسود قاتم.

وما أن دعسنا بأقدامنا على سطح الكثيب، حتى تبين لي أنه ليس إلا كومة كبيرة من الجواهر الماسية والزبرجدية والياقوتية واللؤلؤلية، أي منها خير من الدنيا وما فيها. كان شكله هرميا ولكن أعلاه مسطحا بمساحة لا تزيد كثيرا عن سبعين ذراعا طولا وعرضا، وينساب من هذا الإرتفاع نحو سهل جنة المأوى من اتجاهاته الأربع وبعلو بيت الله الحرام في مكة. مدد جبريل جثة محمد الهامدة أسفل منا عند قاعدة الكثيب، بيننا وبين شجرة سدرة المنتهى. تبعته إلى السهل الواصل بيننا وبين السدرة وانحنيت متظاهرا بمساعدته، وملأت جيبي بحفنة من الجواهر، أي منها خير من الدنيا وما فيها. رآني جبريل ولم يهتم ورآني أبو مشعل فقال لي بعد أن صعدت رجوعا لأقف بجانبه: لن تسمح لنا حرس الملائكة بعبور حاجز جنة المأوى في رحلة العودة، وهذه الحجارة في جيبك وحتى لو هربتها عبر الحاجز الأول فلا تنس أن هناك ستة حواجز أخرى. أبتسم بخبث ثم قال: يقال أنها قيمة جدا عندكم وتستعملها إناثكم للزينة. وأستأنف وقد اتسعت ابتسامته: ولكن إناث الملائكة تستعملها هنا لأغراض أخرى. أخرجتها جميعا إلا ماسة بحجم قبضة يدي، خبأتها وقلت هامسا لنفسي واللات إن هربتها إلى مكة لأقودن قريش لتحكم الأرض، قال جبريل وقد سمعني: ستحكم قريش الأرض ولكن ليس تحت لوائك يا أبا جهنم.

سورة الأنبياء

بســــــمك اللــــــهم

ووقفنا، جبريل، وأنا وأبو مشعل عن يمينه، وريحانة البراقة عن يساره. كان جبريل وريحانة يرتعشان فرقا من السدرة التي بدت هزيلة مريضة وكان سكانها من غربان الملائكة ينعقون بصوت مزعج تنخلع منه القلوب، ورغم هول الموقف لم تكن صورة تناسيم بصدرها الشهي النافر تفارق خيالي. قلت في نفسي، لا يهم ما يحدث لي من الآن فصاعدا بعد أن عشت حبي لتناسيم.

سألت أبا مشعل، لأشاغل نفسي، عن الحشد الكبير الصافف عن يميننا في السهل أسفل الكثيب، وكان يتكون من مخلوقات لم أرى مثلها من قبل أبدا. قال أبو مشعل إنهم كافة الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى الأرض وإلى كواكب أخرى في مجرات بعيدة بعيدة. بعضهم كان له قرون وبعضهم له عين واحدة أسفل ذقنه وأحدهم له ذكر مشهر دون استحياء في أعلى رأسه، كان لبعضهم مخالب ولبعضهم حوافر، وكان بعضهم كبيرا جدا، أكبر من فحول الجمال، وكان بعضهم يشبه فحول الجمال، بل إن أحدهم كان جملا حقيقيا. قال أبو مشعل عندما لاحظ استغرابي أنها ناقة من الأرض، كان الله قد أرسلها لهداية قطعان الجمال قبل أن يهجنها العرب فأسرها قوم ثمود فعقروها وأكلوها.(18)

سألت أبا مشعل: كنت دائما أتوق لرؤية أبينا آدم من هو من بين هؤلاء الخلق؟

جال أبو مشعل ببصره ونظر بين الصفوف وصفن على قوائمه الخلفية ثم رفرف قليلا فوق سطح الكثيب لعله يرى آدم وبعد حين هبط بجانبي وقال: يا للعجب أبوكم آدم ليس هنا. من الصعب أن يخفى علي من هو بمثل طوله، تتداولون في الأرض أن طوله ستون ذراع (19) ولكن الثابت عندنا أن طوله كان ثنتين وسبعين ذراعا.

سورة الصفوف

بســــــمك اللــــــهم

بعد مضي ساعات من الوقوف، خلت أني أسمع همهة ورجزا خفيين، تسرب في نفسي إحساس غريب، وكأن سحابة عظيمة من حضور هائل العدد بدأت تملأ الساحة، وما زلت أتلفت في أرجاء الساحة المترامية، حتى تحول الرجز الهامس اللطيف إلى زمازم بلغت أذن الجوزاء، (20) وليست هذه مبالغة كمبالغة المتنبي، لأن الجوزاء لم تكن بعيدة كثيرا عن موقعنا في جنة المأوى. بعد أن أيقنت أن الهدير سيمزق أذني، جاء الملك صفا صف (21) وأخذت أميز أن هذا الهدير وهذه الزمازم لم يكونا إلا صوت تسبيح الملائكة، الذين دخلوا جنة المأوى قادمين من الجنات الدنيا وبدأوا بالإحاطة بشجرة سدرة المنتهى الباسقة بوقار وخشوع، وبدأت الباحة الدائرية المحيطة بالسدرة تمتلئ بأعداد غفيرة من الملائكة، جاؤو إليها من كل اتجاه. في البداية طفت صفوفهم المرصوصة فوق أرض الساحة بعلو ذراع أو نحوه، ثم جاءت صفوف أخرى وأخذ جبريل يوجهها بإشارات عجيبة من يديه وجناحيه، لتحلق وتصطف فوقها ثم فوقها، ثم أنتشرت الصفوف فوقنا إلى أن بلغ عدد طبقاتها سبع وسبعون ألف طبقة في كل طبقة سبعة وسبعون ألف ألف (هذا ما قاله أبومشعل) من الملائكة المتراصة صفا صفا. قال أبو مشعل وقد مسه الحماس المنتشر في الجو: إن الله يحب المسبحين له كأنهم بنيان مرصوص. وبالرغم من حشودهم الغفيرة، كانت رفرفرة جناحهم متزامنة رقيقة فلم تكد أن تسمعها في حفيفها الخفيف وكأن الصوت جاء من جناحين إثنين لا غير.

سورة إبليس

بســــــمك اللــــــهم

ما أن انتهت الملائكة من ترتيب صفوفها بمساعدة من توجيهات جبريل، حتى توقفت جلبتها وساد بينهم صمت ثقيل متوتر، هممت أن أسأل أبا مشعل عما يحدث ، فأشار لي بأصبعه على فمه أن أسكت. ثم ما لبث أن انبعث من بين الصفوف في أعلى بنيان الملائكة المرصوص، همس ودمدمة، فيهما الترقب واللهفة الممزوجين بالغبطة والفرح، وانفرجت الصفوف، وأخذت الملائكة تبكي وتنوح ، وتضحك وتصيح، وهي تفسح ممرا لملاك رأيته، وكأنه يأتي من أي اتجاه التفت، هائل الحجم، جليل المحيا، وسيم الطلعة، ماسي الجناحين. تقدم نحونا برفرفة قوية رجرجت أركان الكثيب الجوهرية، وهفهفت شعر ذيل البراق أبي مشعل، وجعلت نهود ريحانة ترتعش بتموج لطيف، موجهة حلماتهما إلى الأسفل من ثقل الريح، وكادت أن تطير عمامتي من فوق رأسي إلى أسفل الكثيب. انبعث من حضور هذا الكيان البهي المهيب، الشعور بنفس واثقة، وشخصية غامرة، ألقت الرهبة في قلوبنا، وأنبتت القشعريرة على جلودنا. نظر الملاك القادم إلى جبريل برحمة وحنين، ثم قال بصوت قوي عميق ، ترددت أرجائه في طول وعرض ميدان السدرة: يوم رؤيتك يوم سعد يا ولدي.

وما أن قال هذه الكلمات ، حتى عصف إعصار من الهمس الخفي، من الزقزقة والتسبيح في صفوف الملائكة غلب عليها الفرحة أولا، ثم تلاشت الفرحة لتتحول الزقزقة إلى موجة من الحزن العميق، تلاطمت إلى أن مست قلبي، فضغطته حتى كادت أن تقذفه خارج صدري.

أحنى جبريل رأسه تحية واحتراما ولم يقل شيئا. وتنفس حزنا وحسرة، وترقرقرت من عينه دمعة، فمسحها بطرف ريشة من ريش جناحية الست مائة وهو يلتفت نحو سدرة المنتهى بقلق ظاهر.

سكت الملاك المهيب لبرهة، ونظر حوله وقال لنفسه بأسى يقطع القلوب، بعد أن أخذ نفسا عميقا وتنهد: كم اشتقت لهذا المكان.

فانبعثت من الآلاف المؤلفة من الملائكة زقزقة حزينة وكأنها تقول ونحن كم اشتقنا لك.

لاحظ أبو مشعل علامة السؤال الكبيرة التي ارتسمت على وجهي، فمال نحوي وهمس بخوف وقلق شديدين من بين قضقضة أسنانه: هذا سيد الملائكة أبوجبريل، إنه الملاك الجبار إبليس ، بنوره وناره وحيويته وقلبه النابض بالقوة النووية، وهو كما تعلم لم يرفرف فوق جواهر هذه الباحة منذ عصى الله عزت وجلت، عفوا عز وجل ، يوم أن رفض أن يسجد لأبوكم العاق آدم، كما تعتقدون على الأرض.

، إخلاصا لحبه لله ، واحتراما والتزاما بقوانين منصب أمير الملائكة ، وما كان مقدرا له أن يرفرف فوق هذا المكان منذ بداية محنته إلى يوم القيامة الأرضية ، لولا تصرف إبن أبي كبشة المشين مع ريحانة. أستأنف هامسا بعد أن تلفت حواليه بقلق: الآن فهمت سبب غياب آدم من بين الأنبياء.

طوى إبليس جناحية بجلال وأبهة. وزادهما دخان يتصاعد منهما عظمة ورهبة، وأفسح له إبنه جبريل عفويا مكان الصدارة على الكثيب ووقف إلى يمينه وعلى وجهه علامات الرضا والسعادة وبدا رغم جبروته كطفل صغير يسعد بالوقوف بجانب والده.

قال جبريل لإبليس وهو يتلعثم بارتباك: لم أتمكن من إرسال الأمر بالتصريح بمرورك لملائكة الدفاع السماوي في الوقت المناسب، لقد شغلنا الحادث الجلل بين محمد وريحانة كما ولا بد تعلم. يبدو أنهم نالوا من جناحيك!

لاحظت عندها فقط لهيبات النار الخارجة من تحت ريش جناحي إبليس وفكرت في نفسي إذن، هذا الدخان من هذا اللهيب، وكان للهيب إثر أخاذ على الضوء المنكسر من خلل جواهر الماس التي كانت ترصع ريش جناحي إبليس، أي جوهرة منها خير من الدنيا وما فيها.

قال إبليس وهو يبتسم باستخفاف بابتسامة عريضة من تحت شاربيه المفتولين (22): ليس هذا الدخان أثر حروق، لقد أطلقت تشكيلاتك الدفاعية وابلا لم ينقطع من الشهب (23) استنفذ الحزام النيزكي الخارجي للشمس بكامله، ولكني تفاديتها باستخدام صورايخ استعرت تصميمها من سجلات اللوح المحفوظ المستقبلية. والصواريخ هذه عبارة عن محركات طائرة سيطورها أتباع هذا التي تسمونه محمد في المستقبل الأرضي، أنت تعلم يا ولدي أن دفاعاتك لا يمكن أن توقفني ولكني توقفت عن الحضور إلى هذا المكان لأسباب تعرفها جيدا.

رفع إبليس ريش جناحه الأيمن فظهر من تحته إسطوانة سباعية لامعة لها حجم نخلة يخرج من جسمها في مواضع كثيرة أنابيب متشابكة مختلفة الطول والإتجاه وفي أعلى الأسطوانة انبعثت أضواء صغيرة تشبه إلى حد كبير ما شاهدته في غرفة قيادة المعراج. أشار إبليس إلى الأسطوانة وقال لجبريل: أحفاد آدم لهم بعض من ذكاء ، هذه الأسطوانة تعمل على قاعدة لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الإتجاه، وسيكتشفها حسب سجلات اللوح المحفوظ أحد حثالات الطين من أتباع محمد باسم الفارابي، واستمر إبليس بحماس وفخر كالصبيان: ولكني كي أنفذ من خلال سلطان السماء (24) المتثل بدفاعاتك السماوية الشهبية غيرت تصميمهم البدائي بزيادة هذا الأنابيب التي سمحت لصاروخي أن يدفعني بسرعة تفوق سرعة الضوء بسبع مرات.

قاطعته عندها معتبرا نفسي وكأني واحد منهم: وهل سيكتشف هذا الإختراع أيضا أحد أتباع محمد؟

ما كدت أن أنهي كلامي حتى شعرت كأن صدري يتفجر، وشعرت بضيق شديد في نفسي فجحظت عيناي وابتعد عني رفيقي أبو مشعل يرتعد من قمة شعره الآدمي حتى حوافره الخلفية. سأل إبليس جبريل والمهانة والغضب الشديد يملآن صوته: من هذا الطين الحقير الذي يجرؤ أن يكلمني هنا! عند سدرة المنتهى؟ وأدركت أنه كان يعلم تماما من أنا.

حاولت أن أقول له بتحد أنا محسوبك أبو لهب، عم رسول الله صاحب الحسب والنسب، ولكن كلماتي لم تخرج إلا حشرجة زادت من فورة غضب إبليس الذي زاد بعد خروجها من حلقي الضغط على حنجرتي. أمسكت برقبتي بكلتا يدي وسقطت على ركبتي فوق جواهر الكثيب، التي أي منها خير من الدنيا وما فيها، أتلوى ألما وشعرت أني هالك لا محالة.

لحسن حظي بدأت قبسات نور تنبعث من سدرة المنتهى ببهجة ودفئ، فتنحنح جبريل بأدب ومسكنة شديدين وأشار برأسه لإبليس نحو الشجرة، فأدار إبليس رأسه إليها فانكشف الألم والضغط عني في الحال، فوقفت وهرولت الى الخلف ناحية أبي مشعل الذي بدا عليه الآن شئ من الضيق أو الخوف أو كلاهما من وقوفي إلى جانبه. همس في أذني: لقد فقدت عقلك تماما؟ كيف تجرؤ على مخاطبة جلالة الأمير إبليس؟ ألا تعلم ما جرى بينه وبين أبوكم آدم؟ لم أجبه لأن سؤاله كان استنكاريا ولأن الضوء بدأ الآن يشتد من ناحية سدرة المنتهى، وكان له أثر السحر في نفوسنا جميعا فقررت، أو بالأحرى أجبرت على السكوت.

لما رأى إبليس أن جثة محمد ملقاة أمامه أسفل الكثيب بينه وبين سدرة المنتهى، أشار لجبريل، وبمنتهى السلطوية، بيده اليسرى أن يزيحها خلف الكثيب، وخرجت منه موجة ازدراء وتقزز أثقلت الهواء ولفحتني فاقشعر منها جسدي وشعر بها أبو مشعل كما دل وقوف شعر فرعه على ظهره البشري وانتصاب ذيله الحصاني الكثيف، فامتثل جبريل بأدب بعد أن كاد أن يؤدي له تحية عسكرية ملائكية بيده اليمنى، ولكنه أرجعها بسرعة الخائف وهو يتلفت نحو سدرة المنتهى وارتبك بشدة وهرول إلى أسفل الكثيب، وهو يكاد يتعثر في ريش أجنحته المنفوشة، وبسرعة أمسك بقدمي محمد وجر جثته فوق جواهر باحة السدرة هكذا، بدون احترام أو أدب، إلى خلف الكثيب.

سورة الشك

بســــــمك اللــــــهم

رفع إبليس رأسه المتوهج بجلال الضوء والنار، ونظر نحو سدرة المنتهى، ففاضت دمعة صبابة (25) من عينه اليمنى ما لبث أن تبعها غيث من الدموع فتبللت لحيته الوسيمة وتفاعلت قطرات الدمع مع الشعاع الصادر من شعر لحيته مكونة قوس قزح فاقع الألوان، تام التحدب، في غاية الجمال والكمال، وظل الدمع ينهمر غزيرا حتى وصل إلى حزام سيفه المرصع بالجواهر، أي منها خير من الدنيا وما فيها، وسجد وهو ينشج مستقبلا سدرة المنتهى بخشوع العابد المتفاني وحب العاشق المحروم، فسجدت معه كل الملائكة بنفس الخشوع وكل التفاني وكانت تستقبله.

حار جمهور الأنبياء الكوني أي جهة يستقبل في السجود، فانتشرت الفوضى بين صفوفهم، فمنهم من استقبل سدرة المنتهى ومنهم من اتجه نحو كثيبنا مستقبلين إبليس، وبين هذا وهذا شدهني نظام الملائكة المهيب، وتردد الأنبياء الغريب، فحرت وترددت، وفاتني أن أسجد بجبهتي فوق أرض الكثيب المغطاة بالجواهر والياقوت، فلطمني أبو مشعل البراق بذيله على ظهري لطمة شديدة، كادت أن تطرحني أمام إبليس المنحني في وضع السجود، فجفل أبو مشعل وغلبه الرعب من فعلته، فصفن وهم بالهروب، ولكن الله ستر، فتمالكت جسمي قبل فوات الأوان، وقذفت به إلى أسفل كثيب الجواهر نحو اليسار، بعيدا عن مجرى الخط الواصل بين إبليس وسدرة المنتهى، ثم ظللت أتدحرج حتى وصلت أرض ساحة جنة المأوى، وقد جرحتني الجواهر الماسية والزبرجدية، وفاض الدم من أنفي وفمي بسبب الجواهر الياقوتية. قمت بصعوبة ولكن برضى داخلي عظيم، لأني تفاديت الوقوع أمام جبروت إبليس وهو في وضع السجود. وركضت مترنحا حول الكثيب ، وتسلقته من الخلف ووجدتنى راكعا كالملائكة مستقبلا إبليس، أمير الساعة وفارس المقام عند سدرة المنتهى، ثم أني تذكرت تناسيم ومن أين جائني الوعد بها، فتحولت ببطئ إلى أن استقبلت السدرة بسجودي وظللت أحدق فيها خوفا وأملا.

سورة التحقيق

بســــــمك اللــــــهم

بعد دقيقتين من السجود الخاشع من جميع الجموع، بدأ النور الإلهي بالفيضان، وعرفته بقلبي قبل أن أعرفه بعقلي. بدأ الضوء يسري من أسفل مكان في جذع الشجرة، وأخذ يسري فيها إلى الأعلى وكأنه دماء، ومع سيرانه بدأت تجاعيد الأوراق في الإختفاء، وتحول ترهل الثمار إلى العبول والإمتلاء، وتهدل الغصون إلى النضارة والإنتصاب، والشيخوخة الشاملة إلى الفتوة والشباب، وانتقلت الحياة صاخبة متفجرة إلى الأعلى ،واندلعت في الفروع والأغصان، وفي الأوراق والثمار، وما هي إلا لحظات، حتى تحول القدم الى الشباب، وانتفخت الثمار بالرحيق والحياة، واخضوررت الاوراق وترقرق منها الماء، وانتشت الأزهار وتلونت بآلاف الألون والأشكال، وفاض النور منها إلى ما حولها وإلى كل مكان. وأثناء صعود الحياة والضياء من أسف الشجرة إلى أعلاها، أخذت الغربان الهرمة الرابضة على أغصان الشجرة بالتتغير، فتحول ريشها الشائب إلى زوبعة من الألوان الآخاذة، وتحول هرم هذه الطيور إلى شباب، وأصوات نعيقها إلى أجمل الأغان، ثم طارت من مرابضها بحيوية ونشاط ، وأخذت تحوم حول الشجرة بأسراب عجيبة التنظيم، فاتنة الألوان، ومشعة بالضياء.

بعد أن اكتمل مهرجان الضوء الإلهي باكتساء سدرة المنتهى أبهى حلة ضوئية في الكون، صدرت منها إشارة ضوئية رصدت من مجرات سحيقة البعد، فانتصب إبليس وتبعته الملائكة ووقف أبو مشعل وظللت راكعا خوفا من أقع في وضع عدم الإحترام مرة أخرى فركلني أبو مشعل بحافره الأمامي الأيسر، ركلة أزالت الحيرة من رأسي فوقفت بجانبه وأنا ممنون له.

قال الصوت الألهي بعظمة وجبروت وجمال أخاذ، وكأنه يحيي سيد الملائكة: إبليس؟!.

ثم سكت.

ويبدو أن الكثير من المعاني خرجت مع تلك الكلمة الفريدة، فطنت الملائكة بالهمس والتسبيح، واللهج والتلميح، فتنحنح إبليس، فسكتت جموعهم في الحال وكأن على رؤوسها الطير.

أستأنف الصوت الإلهي يسري في كياني، وشعرت أن فيه شئ كثير من الغضب: ما كان مقدرا لمحمد أن يقتل في هذا اليوم، لماذا سمحت بهذا يا جبريل؟

قال جبريل وهو يرتعد فرقا: سبحانك اللهم وغفرانك، يبدو أن الحادث وقع نتيجة لخلل في سلطة اللوح المحفوظ في ذلك الحيز من الزمان والمكان.

ثم أخذ يزقزق بلسان الملائكة وبرتابة التسبيح.

قاطعه الصوت الإلهي وفيه رنة من صفة شديد العقاب ومس خفي من المكر الشديد: ألم أحذرك أن لا تحمل رسولي محمدا على أنثى براق؟ ألم أقل لك أني أعلم ما لا تعلم؟

ركع جبريل على ركبتيه وهو يرتعد فرقا منفوش ريش الجناحين، مكسور الخاطر، وكان جسمه يختلج وكأن نفس القوة الخارقة التي خبرتها لحظة خاطبت إبليس كانت تسحقه، ولم يحاول أن يقاوم، أو أن يقول شيئا.

سكت الصوت الإلهي لحظة شعرت بعدها أن كل العيون تنظر إلي، وما لبثت أن شعرت يقينا أن شيئا ما دخل صدري، وأخذ يقرأ كل ما خفي وظهر في قلبي ثم أجبرت أن أعيش كل تفاصيل حادث قتل ريحانة لمحمد بالتسلسل، من أولها إلى آخرها، ولعجبي كانت التفاصيل التي تدور في قلبي تظهر مصورة وكأنها حقيقة في الفراغ، على شراع سفينة كبير، أثبتته الملائكة بين صاريين شاهقين بين سدرة المنتهى وكثيب الوفود، ومع كل جزء من الحدث المرير، كان هدير الملائكة يصعد ويطيح، إلى أن تحول إلى رعد شامل مستمر، بعد أن عرضت الصور التي سردت كيف رفصت ريحانة محمد الرفصة الكاسرة، وأودعت رأسه الضربة القاتلة، ولأسفي لم تتوقف قراءة قلبي (قرآن) عند هذا المكان من القصة، فتوالت قراءة وتصوير قلبي، وكان من مدعى خجلي وحرجي، أن أظهرت القراءة التحقيقية بوضوح كامل، أمام الملأ الحاضر، استثارتي الجنسية التي غمرتني بعد أن رأيت إبن أخي محمد يداعب أثداء ريحانة حاكية بكل تفصيل، ما كنت أحلم وأمني قلبي أن أفعله بتناسيم وجسمها الفتان. رأت جموع الملائكة ذلك فسار بينها هرج ومرج، وأخذت تقذفني بما تيسر لها من جواهر كبيرة، بعضها لؤلؤ وبعضها مرجان، أي منها خير من الدنيا وما فيها، وأتبعت قذائفها الماسية واللؤلية، بقطع ذهبية، أصابت إحداها أخمص قدمي، فشجت أصبعه الأيسر، فصرخت ألما

فصرخ جبريل: يا ملائكة السوء انضبطوا، وحق النجوم التي فطر، إن لم تحترموا قدسية المكان والزمن، لأطردنكم جميعا من هذا المثول الذي ندر، بين يدي الله وبين يدي الأمير إبليـ...

ولكنه سكت وانكتم قبل أن يتم التلفظ باسم إبليس، فإحرج وخر على ركبتيه فأسعفته الملائكة بأن سكتت جميعا والتزمت الصمت خوفا عليه وشفقة به.

تكررت بعد ذلك قراءة تفاصيل حادث قتل ريحانة لمحمد من صدر أبي مشعل فأظهرت قصته ما حدث من وجهة نظره، فظهرت غيرته الشديدة وغضبه المريرلاعتداء محمد على إبنة قبيلته ريحانة أم الرياحيين ، وأظهرت أنه كان يمني نفسه سرا بأثدائها على الرغم من قديم العهد والصداقة لزوجها الشيخ شمعون، فبكت ريحانة وبكى معها أبو مشعل خجلا وخزيا وابتسمت أنا لأن قصته حولت الإنتباه عني وأنست الملائكة أمري.

وتلى ذلك قراءة تفصيلية لذاكرة ريحانة فعم البؤس والأسى والغضب والتقزز، والحياء والخجل، والإحراج والمهانة، ساحة السدرة من أولها إلى آخرها ومن أسفلها إلى أعلاها، وبكت حشود الملائكة، نعم، وبكى معها إبليس. وعندما عرضت صور الرفسة القاتلة، وترددت أصداء رنتها من حافر ريحانة إلى قلبها لتثلجه، صفقت الملائكة وهتفت لريحانة التي طحنت رأس محمد، وظهر الرضى على وجه إبليس فابتسم.

قراءة صدر جبريل أظهرت كيف حذر محمدا عند المسجد المرواني من التعدي على عفة ريحانة، وأنه لم يرى من تفاصيل الحدث الجلل إلا نهايته، فظهرت على وجهه علامة البراءة، فاستبقه علام الغيوب وما تخفي الصدور: لقد كانوا تحت علمك يا جبريل، وكنا أمرناك أن تضبطهم، فمحمد وعمه من طين، وأبو مشعل وريحانة من ضد الطين، فأنت اليوم مسؤول يا جبريل. واستمرت إعادة تسلل الأحداث تظهر إلى أن انتهت بصعفة أبي مشعل لي على ظهري بذيله فوق الكثيب، فضحكت الملائكة وغضب إبليس فصرخ بها أن تسكت فسكتت بالكمال والتمام.

قال الصوت الإلهي بعد نهاية التحقيق: الآن نقضي بالعقاب في يومنا هذا يوم الحساب، وما كنا قد قدرنا أن يكون حساب حتى اليوم المعلوم، ولكن شبق محمدا وعمه أبا لهب أربكا كل حساب.

قال الصوت الإلهي مخاطبا جبريل: تبين سجلات اللوح المحفوظ أن هناك أدعية منك يا جبريل تتوسلني فيها أن أتراجع عن وعدي لأبي لهب بأن أهبه تناسيم كما أنا محيطون بخطتك للهرب معها واللجوء إلى عالم الشياطين في حمى إبليس إن نحن لم نجب دعائك

قال جبريل وهو يتمرغ ألما على أرض السدرة المقدسة: أنت أعلم العالمين، غفرانك يا أرحم الرحمين

قال أرحم الراحمين: اليوم أقضي أن أمحي أي أمل لك بالوصال بها. أحضروا إلي ميكائيل طبيعي السماء وحكيمها، فهو أعلم ملائكتي بدقائق الأمور.

سورة الفرج

بســــــمك اللــــــهم

تململت الملائكة غيرة لمديح الله الفوق عادي لميكائيل وهي تنظر بهيام نحو إبليس، ولكن لم يجرؤ واحد منها على الكلام، وكعادة كبار الملائكة، ظهر ميكائيل من لا شئ(26) فأومأ له إبليس بإشارة خفية من رأسه، فاستجاب ميكائيل وطار حتى استقر خلفه بطاعة واحترام، وبرأس محني نحو الأمام، فأزاح له إبليس الأمير فسحة ليمكنه من السجود المباشر لله.

قال ميكائيل بعد أن استقام من سجوده، بترقب القلِق وهو ينظر بين أبليس وسدرة المنتهى: سبحانك اللهم أنا عبدك، فأمريني بما تشائي.

قال الصوت الإلهي قادما من سدرة المنتهى: قضينا أن تستأصل من تناسيم فرجها مع كل متعلقاته، وحفظه إلى يوم البعث الأرضي في خزنة البيت المعمور، حتى نحرم جبريل منه ونحميه منه، ولنحفظه هبة خالصة لأبي لهب كما حق له الوعد سابقا في آخر نشرة للوح المحفوظ.

حاولت عندها أن أحتج، باستنكار شديد، أن قيمة المرأة لا تحسب بالفرج فقط ، فقد كنت أيضا أشتهي، وبشكل خاص، ثدييها، وردفيها، وساقيها، وشفتيها، ومقعدتها، ففطن علام الغيوب إلى ما أريد، فحشر على صدري حتى أيقنت أن قلبي خارج حتما من أنفي، فعدلت عن الكلام، فانزاح الهم والغم عني، ووقعت على الأرض مغشيا علي فترة ثم نهضت وأنا أتلفت حولي.

قال ميكائيل بعد أن أيقن عودة وعيي حتى أكون من الشاهدين: فلتكن مشيئتك يا رب العالمين.

انفرجت صفوف الملائكة مرة أخرى، فظهرت حبيبتي تناسيم قادمة من بعيد، طافية في الهواء بين نائمة وصاحية، وكأنها تعلم ما حولها، ولكن دون سلطة على ذلك الوعي أو سيطرة على مجرى طيرانها، وكان جناحاها مفرودين إلى جانب جسمها كأنهما شراعين لسفينة تمخر الهواء ، وكانت مستلقية على ظهرها مشرعة ساقيها يسبحن إلى الأعلى، وليس عليها إلا ملائة بيضاء، ترف برقة في النسيم، وتحمي فرجها من عيون الناظرين. وشبق جبريل وشبقت معه الملائكة وشبقت أنا معهم أجمعين. وبالرغم من المحنة التي كانت فيها، حاولت بخبث الذكورة أن أسترق النظر لأرى كنز اللذة الذي تحت الملائة، ولكن لم يكن لي بذلك قدرة واستطاعة. طار ميكائيل نحوها وبيده سيف صارم مسلول، يلمع كأنه كوكب دري مستطيل، أو شهاب أطلق لمحق شيطان رجيم. وأهوى به على ما بين ساقيي تناسيم بسبع ضربات شداد، تفلق الهامات، فانطلق من بين الساقين ضوء أحمر ذهب ببصرى لسبع لحظات، وصلب ذكري إلى منتهاه، فانتفضت تناسيم بشدة، ولكن بدون ألم، واحمرت الملالة الساترة لعورتها بالدماء، المشعة بالضياء. وما هي إلى لحظات، حتى طاف في الهواء فرج جميل، مكور كالإناء المقلوب (27) ، يحف به من الجانبين مبيضين من البيض الملائكي المكين، يشعان كعنقودين من ماس ثمين، وعلى جانبي شق الفرج وبين طبقة من زغب الريش الأشقر المضيئ، ظهر مكتوب بأقراط من لؤلؤ ناصع البياض، أسم جبريل، كانت تناسيم قد أثبتتها على فرجها بخيوط من سندس ومن حرير. على يمين شق الفرج طرزت شطر "جبر" من اسم الحبيب، وعلى اليسار شطر "لي" وهو عكس "يل". فجائت الأقراط اللؤلية مكونة لكلمتي "جبر() لي". فلما رأت ذكور الملائكة ذلك الفرج الفاتن ذو الشق العظيم، يطفو في الهواء بمبيضيه وكأنهما جناحين، وعليه أسم الفحل جبريل، ضجت واستثار الفرج خيالها، ونسفت رائحته عقولها، فانتصبت أعيارها من تحت ريشها، تلمع في الأفاق كهراوات من ضياء.

أومأ ميكائيل برأسه إلى الفرج المستأصل المبتور، أن يطفو برفق في الهواء، والتفت بنظرة كسيرة، نظرة المذنب الذليل إلى سيده جبريل. ولما أشاح جبريل برأسه عن ميكائيل مستأصل فرج تناسيم، قال الصوت الإلهي الرخيم: فليحضر سيد الأبرقة أمامي في هذه الساعة وإلا ذبحته وكان من الخاسرين (28).

فجاء من جهة اليمين براق اشتعل في رأسه شيب رزين، يطفو على الهواء بيسر مما رزقة الله من جناح وريش طويل، وعلى رأسه تاج الأبرقة مرصع بالزبرجد والياقوت الثمين. فأومأ برأسه ميكائيل، فطار نحو سيد الأبرقة ملكين يحملان سرج من الجلد مكين، خيط من السندس والأستبرق، وطرز بخيوط من ذهب مناجم جنة المأوى المصفى، فوضعاه على ظهر سيد الأبرقة وربطاه بحزم، بأحزمة صنعت من جلد دواب من كوكب ضائع بعيد. ثم أشار ميكائيل إلى فرج تناسيم، فطار الفرج يختال بغنج، واستقر بتبغنج، فوق سرج البراق البديع. فاستثار تبغنج فرج تناسيم ورائحته أمير الأبرقة، فتصلب ذكره من تحته وتمطى، وتدلى من تحت صدره ينقط بالماء البراقي المهين. فعلى لغط ذكور الملائكة، واستثارها منظر الفرج الملائكي المثير، فوق ظهر البراق المستثار الرزين. ورأيت عندها بعيني قطرات من الماء تتصبب من رؤوس أغصان سدرة المنتهى، ورأيت ثمارها تكتنز وتتفجر بالنور. وانتفخ ريش عانة إبليس وبرز من خلله عَيْر مهيب، طوله تسعة عشر، لا تقل ولا تزيد، يشع كالنجم بلون أزرق(29)، معبرا بلونه عن حر الحب والشبق الشديد. وإنضم إلى البراق حامل فرج تناسيم، سبع سرايا من حرس الملائكة ذوي البأس الشديد، تبعته من الجانبين ومن الخلف وهي تشهر سيوفا مضيئة تنذر بالموت الزؤام، منتصبة الأعير المضيئة كالرماح، لتصون عفته إلى يومي الموعود. وظلت كل العيون تتابع البراق المستثار الرزين، إلى أن اختفى خلف محسوم جنة المأوى ، يحف به الحرس الشديد في موكب مهيب، في طريقه إلى خزانة البيت المعمور.

سورة العصيان

بســــــمك اللــــــهم

استأنف صوت الجبار المحيط والقادر المميت: قد قضينا أن يعود محمد للحياة.

قال إبليس بنفاذ صبر ظاهر وتحد نادر لم يحدث في تاريخ الكون من قبل إلا مرة واحدة : يا إلهتي قد كانت سبقت منكن أن الخلائق من الموت لا يرجعون!

بعد هذه الجملة القصيرة، والمعاني الخطيرة، فقدت أقواس قزح المحتشدة فوق السدرة بهجتها وانطفأت فيها أطياف الأحمر والاصفر والأخضر ولم يبق فيها إلا اللون الأزرق العميق، الذي كاد أن يكون أسمر، ولفحني منها، وباقي الجموع، حر شديد، وانبعث منها غضب مريد، وجاء صوت الجبار المحيط، يزبد وينبي بشدة العقاب وسوء المآب، فأحنى إبليس رأسه وسكت عن الكلام المباح وغير المباح، وفتر ذكره المديد، فذبل واختفى بين الريش ولم يبق من إثره إلا بلل بسيط، وقبسات من ضياء أخضر فأصفر فأحمر، ما لبثت أن اختفت من خلف طبقة زغب الريش الكثيف.

قال العادل الرحيم: يا ريحانة لقد قتلت النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق !

قالت بصهيل مبحوح هده البكاء والنوح: دافعت عن عفتي وشرفي يا رب العادلين.

قال المهيمن المتكبر: ولكنه لم يزن بك، ولم يولج ذكره في فرجك (30)، ثم أين الشهداء الأربعة المطلوبين. ثم ما ضرك إن داعب رسولي محمد، أشرف الآدميين، ثدييك ومر بكفيه على الحلمات والكشح الهضيم؟ وما هم أن لعاب عَيرهُ سال على سرجك الجلدي الثخين؟ فأنت من خلقي وأنت مُـلكي. ثم تنهد بعمق وقال: وكرزتيك المدورتين كالحلمات من صنعي، وأنا أصنع وأقدر لهما ما أريد.

سكت الصوت الإلهي ثم قال: أشاء أن أنسخ الجملة الأخيرة، فقد شائت حكمتي أن تكون: وحلمتيك المدورتين كالكرز من صنعي وأنا أقدر لهما ما أريد.

سورة البعث

بســــــمك اللــــــهم

قالت ريحانة بصوت مفعم بالرجاء: لم أخرج في حياتي عما علمتنا في قرآن الأبرقة يا إلهي وأغرقت في البكاء المرير. فقال المذل المميت: إجلبوا زوج ريحانة، شمعون البراق.

فجاء سبعة من الملائكة الشداد يحملون البراق السقيم، وألقوه بقسوة على جانبه يرتعش أسفل الكثيب، أمام ريحانة وباقي الوفد المهيب. فلما رأت ريحانة زوجها شمعون ممددا على الأرض مريضا علا صوتها بالبكاء والندب والدعاء.

قال الخالق الخبير،: قد قضينا أن يرجع محمد للحياة، إنهض بإذني يا محمد، أنا الذي أنشأك أول مرة ، أنا محي العظام وهي رميم، قد شئنا أن نعيدك من الموت لتنتقم من المعتدين الآثمين.

فوثب قلب محمد في صدره، وقام من قرار الموت بعد أن هده التعب، من السفر الطويل الى بوادي الموت (31)، وجاء من حول التل راكضا ملبيا نداء الله، فنظرت فإذا بأثر الحافر الغليظ على رأسه يلتأم وهو يمشي إلينا، وعاد إليه وجهه الوسيم، وكساه بابتسامة المنتصر، ووقف أمام الكثيب معطيا ظهره بجرأة للإمير إبليس، كيف لا وهو يعلم أنه في جوار الله عند العرش العظيم، وسجدت له الملائكة، وكان سجودها عنوة وقسرا، فكانت جموعها تأن ألما وتصيح، ووقف إبليس وأدار وجهه إلى اليسار، معلنا تفضيله العصيان، مرة ثانية أخرى، على القبول بالشرك والعار.

قال العادل الرحيم: يا محمد قضينا أن نخولك أن تحكم على من اعتدى عليك وضرب جمجتك بالحافر المهين.

قال محمد بسرور وغرور: أنت العظيم وأعدل العادلين.

قال صوت أعدل العادلين قادما من سدرة المنتهى، وقد لان لمحمد وزال منه بعض الغضب: لقد جعلت الحكم على الظالمين في يديك فلك أن تعفو وتسامح أو أن تبطش وتعاقب.

قال محمد بمكر وهو في ظلال خير الماكرين: فهل لي بعضا من القدرة يا أقدر القادرين؟

قال الجبار المميت: هي لك يا رسولي للإرضيين، ولكنها تبدأ وتنتهي ها هنا، عند سدرة المنتهى.

قال محمد الرسول الكريم: ولم أرجو لها أن تزيد.

سورة الفتح

بســــــمك اللــــــهم

التفت محمد بتحد نحو إبليس الموشك على الأنفجارغيظا وانقهار، ونظر إلي وابتسم بعجب وانتصار، ثم إنه ولدهشتي استل من الهواء، بإذن الله، صارما مصقولا، ومشى به مشية فخر وبطولة، نحو زوج ريحانة الملقى على الأرض يرتعش مرضا، ووضع الحسام المرهف على عنقه وقال: هب لي ريحانة لتكون حرثي(32) أنكحها وآتيها من أنى شئت ومتى أريد.

رفض زوجها شمعون البراق هذا التهديد، وانتفض مرتعشا وقال: أفضل أن أموت ألف مرة على القبول بالعار، ثم ولو فرضنا أني وهبتها لك يا محمد أليس لها رأي في هذا الأمر الخطير؟

فاحتقن وجه الرسول الرحيم بالغضب، ورفع الصارم المميت فوق رأسه استعدادا للبراز مع البراق الملقى المريض، فصاحت ريحانة، وصاح أبو مشعل بعدها: لا، لا تفعلها يا محمد، وصاحت نصف الملائكة بعد أن أدركت ما يوشك أن يحدث بمثل ما صاحا، ولكن التماسهم واستعطافهم لم يثن محمد عن اجتزاز رأس الزوج المسجى العاجز المريض، وتبع ذلك بركلة استعراضية للرأس البراقي المجيد، وتركه تمكو فريصته كشدق الأعلم بين الماس والياقوت (33)

ثم أنه أغمد سيفه في قلب البراق المضرج بالدماء، فرحم بكرمه الفريد، جسد البراق العظيم من مهانة خلجات النزع الأخير. ومشى مشية المختال في ساح العراك، ووقف إمام إبليس وجبريل في أسفل الكثيب، ودندل رأسه نحو ما بين فخذيه، واستل من بينهما ذكرا أعظم من ذكور فحول نجد وتيماء، وأشار لريحانة عبر الهواء، فطارت بقوة ما منحه الله من بيننا من فوق الكثيب، قسرا إلى عنده ، وقال لها بشره غريب: هيا للرفث هيا للنكاح، فقالت: هل فقدت عقلك يا لئيم؟ دم زوجي لم يجف من على سيفك، وها هنا في سدرة المنتهى في ظلال الله الرحيم؟ وأمام إبليس الأمير؟ وأمام كل هذا الجمع العظيم؟ وأنا براقة حرمني الرحمن إلا عن ذوي جنسي، فابعد عني أخزاك الله في الدنيا وبعدها أخزاك في أرض الخلود. فأركعها ببرود، بقدرة من إذن ربه على ركبتي قائميها الأماميين، فأخذت تصهل وتصيح، وتضرب عبثا بجانحيها في الهواء كالطير الجريح، فلم يجدها ذلك من أمرها شيئا، ودار حول عجزها الناهد في الهواء، وأغمد ذكره المنفوخ بإذن ربه في فرجها الفرسي المحرم على الإنس والجان، فحاولت أن تذود عن نفسها بذيلها الكثيف، وأهوت به في الهواء كالسوط تريد عورة رسول الله الكريم، فأشار محمد للحسام، فطار من صدر زوجها القتيل، فتلقفه بعزم من قائمه المنيع، ليدافع به عن نفسه من هذا العدوان الصريح، وضرب به ذيلها الأحيمر الجميل، فسقط على الدر والمرجان والياقوت، يمكو ويلف ويدور، وتفجر من أصله من فوق فرجها الدم الطاهر الغزير، وفار على محمد وصبغ وجهه ويديه وثوبه، ولون ذكره بلون الأرجوان، فلم تستسلم ريحانة قمة شرف الأبرقة الرفيع، فهمت أن تستر بلوتها (34) وما يحل بها من عار أمام الله العلي الرحيم، وإبليس الأمير القدير، وأمام جبريل وأبي مشعل وأمامي وأمام حشود الملائكة والأنبياء أجمعين، ففرشت جناحيها الحميريين لتخفي مصيبتها وما يحل بها من عار عن الأنظار، فأصلاهما محمد بعزم بالسيف الحديد، وقطعهما من الجذر من جانبي الصدر الفرسي الأصيل،(35) ثم أنه أخذ يطأها بعزم الخيول والجمال، ويرفث بها بغزارة العاصفير وفحول النعام، وأخذت ريحانة تأن وتنوح، وتشكي أمرها للعادل الواحد رب العالمين، فرفع محمد عقيرته وأخذ يهزج ويقول:

هكذا هكذا سأنشر دينك يا رحيم

بالسيف والفحولة سأنشر دين القاهر المميت.

فجاء رجزه فاقد الوزن والذوق والجمال، لأن الرحمن لم يعلمه الشعر وما ينبغي له (36)

واستمر الحال على هذا المنوال، لساعة أو ساعتين-- لم أعلم من هول المقام-- إلى أن لفظت ريحانة النفس الأخير، فحلقت من خلل جسمها أطهر الأرواح - وعند السدرة سبحان الله ترى الأرواح- وحامت فوقنا وأساها على براقها القتيل باد للعيان، وأغرب من الأسى رأيت نظرة الشماتة في عيني روحها عندما التقى نظري بنظرها.

سورة الرجم

بســــــمك اللــــــهم

ومن عجبي أن محمدا ظل ينكح ويزيد، في الفرج البراقي المضرج بالأرجوان ، في وسط ميدان سدرة المنتهى المغطى بصنوف الماس والياقوت والمرجان، أي منها خير من الدنيا وما فيها. وبعد أن اشتد محمد بالوطأ والنكاح في جثمان ريحانة الخالي من الروح والحياة، علا ضجيج الملائكة بالإستنكار، وعمت موجة من الحزن والإستهجان بين صفوفها. فبدأت ترجم محمد بغضب، وهو ينكح بالجسد المدمي، بقذائف من الياقوت، كل ملاك يستل سبع ياقوتات ترصع ريشه من أسفل الجناح. وحمى محمد نفسه من سيل الجواهر الهاطل المدرار بالقدرة الإلهية المعطاة. ولكنه انزعج من تدخل الملائكة في أمور وطأه والنكاح، فحمل جسد ريحانة البراقي وهو لا يكف عنه، وطار به إلى يسار الكثيب نحو من مئة وخمسين ذراع، ليتقي سيل الرجم الجوهري الغامر، فتبتعته الملائكة بقذائفها إلى مقام الوطأ الجديد، ترميه باللؤلؤ الثمين، فتراجع منها إلى موضع ثالث جديد، ولم يستطع بسبب لهفته للنكاح أن يبعد أكثر من مئة وخمسين ذراع، فلاحقته الملائكة ترجمه بسيل من جواهر الماس النادر الصقيل.

سورة كشف الغطاء

بســــــمك اللــــــهم

بدأ عندها إبليس بالتوسل إلى الله، وانبعثت من موضعه المهيب، فوق الكثيب، موجة من الرقة والحب والحنان، فاحت وانتشرت من الكثيب نحو السدرة، فلفحتنا وصفوف الملائكة أجمعين. وأخذ يقول: لا ليس هنا يا إلهتي ، ليس عند سدرة المنتهى يا حبيبتي، وغرق في نشيج يقطع الأكباد، ملأ جو الساحة بحزن شديد، فتبعته الملائكة في لازمة البكاء، فأحرقت حرارة حزنها القلوب وتقرحت منها العيون.

وبعد أن استغرق إبليس والملائكة في البكاء، واكفهر الجو من منظر الوطأ والرجم ورائحة الموت والدماء، حدث العجب العجاب. بدأ الضوء المنبعث من السدرة بالتقلب بين ألوان الطيف المرئي، والتغير من شديد يعمي الأبصار، إلى خافت يكاد أن يكون ظلام، وأخذت أنحاء من أغصانها تفيض بروح الشباب، وأنحاء أخرى تموج بالهرم والشيخوخة، وكأنها في صراع حائر مع نفسها. وشعرت بالفوضى تعم، وبالسلطان الكوني يزول، إلى أن أنكشف الغطاء وزالت الأستار. شعرت فجأة، هكذا دون سابق معرفة أو إنذار، أني أفهم ما حولي دون حاجة إلى كلام، وأدرك كل ما شئت دون الرجوع إلى السؤال، ومن غير حاجة لإجالة البصر أو الإنصات.

نظر عندها إلي أبو مشعل بعينيه المتقدتين، وقال من دون أن يفوه، وابتسم من غير ظهور أسنان، فسمعته ببصيرتي يقول وابتسامة ابتهاج تعصف في أرجاء بصيرته: فبصرك اليوم حديد (37) يا أبا لهب؟! أبشر! لقد زال السلطان وانكشف الغطاء.

سورة النطفة

بســــــمك اللــــــهم

فهمت في الحال ما قال، ففتحت مصاريع بصيرتي في نهم لأعلم كل الأخبار، وأنهل من كل العلوم، وأطلقتها تجوب في الآفاق، فاتحا قلبي لكشف المستحيل. ولم تخب بصيرتي ظني، فاكتشفت لعجبي ومن خلال إعصار عواطف السدرة الشديد، ومن خلال ضباب مشاعر إبليس الجائشة كالمطر المنهمر في الجو المقتم البليد، أن إبليس ليس إلا عشيق الله وحبيبها، وما أن أدركت ذلك حتى ناجاني أبو مشعل بقلبه، دون اللجوء للسان، وقال بعد أن قرأ ما دار في عقلي من الشك بعد أن أدرك قلبي عين اليقين: وهل تظن أنهما داما معا بلايين السنين دون يراود كل منهما عن نفس صاحبه؟! ودون أن يطفئا شبقهما الأزلي بشيئ من النكاح مطفئ الشهوات، وسيد النشوة واللذات، ومذهب السأم والإحباط ؟!

وجهت بصيرتي لسبر أسرار أراشيف اللوح المحفوظ ، المحمية بسبع طبقات من التشفير والتستير، المبنية على أعصى فروع الرياضيات، وأعتى أنواع المعادلات ، فاكشتفت في ثوان أسرار الوجود، وكيف بدأ، وكيف كان، وإلى أين يسري وما منتهاه.

رأيت ببصيرتي أن الله وإبليس كانا كل الوجود، يعيشان في فقاعة إلهية خارج الزمان والمكان في ثقب أسود محدود، وكانا منغمسين بلذة لانهائية، وبحلول متبادل، كل منهما في الآخر، في نشاط نكاحي عميق، دام سبعة ألاف من الدهور تبعتها سبعة آلاف من الآباد. ونحو نهاية الأبد السابع، موعد الخلق الجديد ، أقاما خطة محكمة لإعادة النشاط ، ولبناء المعاني الأزلية للنشوة والحياة، كما فعلا ذلك من قبل آلاف آلاف المرات. فرسما خطة لكل القوانين ونقشاها في اللوح المحفوظ، وكتبا على نفسيهما العهود والمواثيق، أن يتبعا كل القوانين اللتي صاغاها في هذا السجل الأبدي العظيم. حبلت الله بعدها من إبليس بالكون، وعند الوقت المعلوم، وقت الولادة المحتوم، انفجر رحم الله مكونا كوننا هذا الفسيح. فتكون فيه حسب الخطة المرسومة المجرات والنجوم، والكواكب والأقمار، والضوء ثم الحياة. ومن جنة رحيبة مركبة من سبع جنات، توحدت الله وإبليس بعد هذه الولادة، وخلقا لخدمتهما آلاف الآلاف من الملائكة الشداد، والملكات الجميلات الغنجات، ليرضوا غرورهما بالحمد والتسبيح، وليقوموا عنهم بمختلف الأعمال والخدمات. وحجبت الله نفسها كما يجدر بالإناث، بأن تجسدت في شجرة وارفة في أعلى الجنات، وتجسد إبليس في فيض من طاقة الفوتانات، حرا يحكم ويطوف في الجنات كما يجدر بالرجال، ومن هذه الجنات أشرفا معا على الخليقة والفضاء والزمان في كونهما البديع المخلوق.

ثم تبين لي جليا أن جبريل ليس إلا ثمرة وطئ إبليس لله في هذا الكون الجديد، نزى عليها في ربوع جنة المأوى، في جولة جماع، دامت ألف ألف عام، بدأها بعد أن بردت شدة الإنفجار الأول ليطفئا الشبق المتجدد مع الكون الوليد. وظهر لي عندها أن التشابه الخلقي بين إبليس وجبريل ليس من المصادفات، فليس هذا الملاك إلا من هذا الأمير. ثم تبعاه بأن رزقا أنفسهما بثلاث بنات، اللات والعزى ومناة. انفجر في بصيرتي عندها الفضول، وعطش قلبي لمعرفة الأسرار، فأطلقت لها العنان، ففهمت سبب الشقاق، ومبعث الهجر والطرد من جنة الوفاق.

علمت بصيرتي وهي تسترق السمع لهواجس حزن إبليس العميق، الواقف بجانبي فوق جواهر الكثيب، ومن بحث عينها اليمنى في أراشيف اللوح المحفوظ ، القابع في مستقره في البيت المعمور، أن أبليس انقطع عن نكاح الله ، وحل محل الحب والغرام، الجفوة والهجر والجفاء، فهجر إبليس الله لشهور، ثم انقطع عن نكاحها عصورا ودهور. فحل الحزن في الله، محل السعادة والهناء، ثم تطور الوضع إلى الشجار والعراك، وبعد آلاف الدهور فاجئت الله إبليس وهو غارق في الجرم العظيم والإثم الكبير، وضبطته وهو يطأ بناتهما الثلاث، في حفلة نكاح، في الجنة الدنيا على ضفاف النيل العظيم. فهاجت الله وأصابها الذهان، وشعر إبليس بالخزي والعار، فهرب من الجنة نافيا نفسه منها بسرعة الضوء إلى أطراف الكون عسى أن يصلح الزمن الأمور، وأخذ معه بناته من الله، وضرائرها الثلاث، اللات والعزى ومناة. فجنت الله الغيور، وشبقت وحنت للوطأ والنكاح، فأنشأت صنما أسمته آدم للتسلية وقتل الفراغ، الذي أحدثه غياب فحلها إبليس، وصنعته هزءا وتحديا له من طين حقير، بقامة طولها إثنين وسبعين ، ونحتت له ذكر، أسمته سقر(38)، طوله تسعة عشر. وكان العير سقر، كذكور كل الملائكة، يشع بنور لا شرقي ولا غربي، في الطيف البصري بين الأحمر والأزرق، فلم تستطع الله عنه صبرا، فنفخت بآدم من روحها، فإذا هو بإذنها حي يرزق، فناكحته ورافثته دهورا، فكان عزائها الوحيد عن بعد حبيبها الأزلي إبليس.

عاد أبليس والضرائر الثلاث، اللات والعزى ومناة، بعد أن شعروا في منفاهم البعيد، بفتور غضب الله وخفوت كراهيتها، آملين أن البعد والحرمان قد خففا من غضب الله ونزقها. ولكنه صعق عندما اكتشفها مع آدم متلبسين، وفي ذروة نشوة النكاح هالكين، فانفجر إبليس غيرة من آدم، وزاد من بلة "الطين" ، أن الآلهات الثلاث، اللات والعزى ومناة، هامت به هي الأخرى، وشبقن هياما به. فأستل سيفه الصارم وبتر به سقر، عير آدم العظيم، ثم نفخ على آدم بنار من سعير، أرجعته إلى أصله، كومة من الطين الحقير. فجعت الله بحبيبها آدم الذي تحول إلى رماد، من وطأة نار إبليس، فردت على إبليس بنار شديدة الحرق والزفير، فتراجع من مذهولا من سعارها، وانسحب من باحة السدرة، محروق القلب والجناح، وتبعته نصف الملائكة من ذكور وإناث، وأخذ معه بناته وزوجاته الأخر، اللات والعزى ومناة، لقضاء حاجة فحولته، ونكالا ومخاصمة لحبيبته الخائنة الله. ثم أنه تقاذف مع غريمته الله لآلاف آلاف السنين، نارا من سجيل، واشتدت الحرب بينهما واتسعت، وشمل ميدانها الكون المعمور، وكانت قذائفها النجوم والشموس والكواكب والمجرات.

وتدخلت الملائكة ، واستنفرت ما وجد من الآلهة في كوننا من أصحاب الحل والعقد، وعلى رأسها زيوس، عميد آلهة الإغريق المجيد، وحدث مؤتمر القمة ، برعاية سمو إبنهما المنكوب جبريل، في قاعات الطابق الثاني والسبعين في البيت المعمور، فحكمت الآلهة على الله أن تهجرعشيقها آدم في سبيل السلم والوفاق، ولصون شرف جنسهم من عار وطأ المخلوقات، فقالت الله بتحد وإباء: لا أصالح، حتى أرى آدمحيا ، واقفا هنا أمامي.

تدخل زيوس، ومعه الوجهاء من شيوخ قبائل الآلهة. وبعد جهد جهيد، وكد وعناء، تمكن بقدرته الكاملة وحكمته الطاغية، من خلق آدم بروحه ونفسه وجسمه من جديد. ومع أن الله فرحت بعودة آدم للحياة ، فإنها نقصت عن وعدها بالصلح، فاشترطت لعودة إبليس للجنة أن يقبل آدم شريكا له، فيكون له دهر معها ولآدم دهر آخر في الوطأ والنكاح، ثم زادت، فاشترطت عليه هجر بناتهما العزى واللات ثم مناة، فقبل آدم بكامل الشروط كحل وسط ، ورفض إبليس أن يشارك آدم في حبيبته الله ، ورفض أن يطلق حبيباته الثلاث، اللات والعزى ومناة، بسبب طين حقير، فطردته الله ، وقبل هو المنفى على عار أن يشارك الطين آدم في نكاحها. وقنع بالسلم مع الطرد من الجنة حفظا لسلام الكون والمخلوقات.

سورة الإنسان

بســــــمك اللــــــهم

ثم إن الله عادت للرفث والجماع مع آدم، فحبلت منه بحواء، فأنجبتها بعد حبل دام إثنين وسبعين عام، ومخاض دام إثنين وسبعين يوم، تنهد بعدها الكون الصعداء، من تراكمات المجرات العظمى، إلى أصغر الذرات، بسبب انتشار المعاناة في الكون من آلام المخاض، التي هدت بها الله ألف مليون من الأفلاك.

جنت الله بوليدتها مع آدم لدهور وأجيال طوال، وكبرت حواء إلى أن أصبحت زينة الأناث في الكون المعمور، من أقصاه إلى أقصاه، وأصبحت قرة عين العاشقين، الفحل آدم وحبيبته الله. وفي يوم مشؤم وكأن التاريخ يعيد نفسه، فجعت الله بعشيقها آدم يجامع حواء، ابنتهما وثمرة حبهما، خلف كثيب الوفود الواقع قبالة سدرة المنتهى، فطردتهما شر طردة من جنة المأوى إلى السماء السفلى. وبعد أن عاش فيها آدم وحواء مئات السنين، وأنجبوا المئات من البنات والبنين، الذين بدورهم لم يجدوا بديلا من نكاح إخواتهم أو إخوتهم، فكثر عدد الإنس من أولاد السفاح ، ذكورا وإناث، وانتشروا في الجنة الدنيا إلى أن ضاقت بهم بما رحبت.

ولأن حواء كانت سيدة الفتنة والجمال، فقد كانت بناتها وحفيداتها من خلفة السفاح مثلها قمما في الأنوثة والجمال، وكن هلوكات وأقطابا نابغات في فنون الغنج والتبغنج والنكاح، ومع الزمن لم يستطع جبريل المحروم في جنة المأوى عنهن صبرا، فكان يتسلل إلى الجنة الدنيا مع زمرة من خلانه من الملائكة ، فيشربوا من نهر خمرها جيحون، ثم ينهالوا وطئا ونكحا في بنات حواء، على ضفاف نهر سيحون، فجاء خلفه وخلف عصبته من الملائكة منهن متنوعا، فحسب قوانين الوراثة والجينات المطبقة في اللوح المحفوظ ، كان من خلفه من غلب عليه طبع الملائكة النوراني، وكان منهم من غلب عليه طبع الإنس الطيني، وجاء أكثرهم بطبع النار، أي خليطا من الطين والنور38، وهم ما أطلقت عليهم الله فيما بعد في قرآنها المجيد، إسم الجن والعفاريت، وبعد أن اكتشفت الله ولع جبريل بوطأ حفيداتها بنات إبنتها حواء الغادرة، غضبت عليه أشد غضب، فطردت آدم وحواء ونسلهما ونسل جبريل وأصحابه من الملائكة إلى كوكب سحيق، خلقته في ستة أيام أو يزيد، وأسمته الأرض، شماتة بزوجي السفاح، آدم وحواء، وعقابا على غدرهما المهين، ولإيقاعهما بفلذة كبدها جبريل وتلويثه بالطين، وهو درة عينها وابنها من حبيبها الأبدي، صاحب السمو الأعلى والوجه الأبهى، الأمير إبليس. وهكذا مضى أمر الله منذ غدرت بإبليس، ومنذغدر بها آدم بابنتهما حواء، ومنذ سطا جبريل على أخواته من بنات آدم وحواء سطو الثعلب على قفص الدجاج، وحيدة حزينة لآلاف آلاف السنين.

سورة النكاح الإلهي

بســــــمك اللــــــهم

في الدقائق القليلة التي سرقتني فيها بصيرتي لأتفهم تاريخ الخلق والخلائق، كان سيد الملائكة إبليس، أبو جبريل، قد استدار وبدأ ينظر نحو سدرة المنتهى بغير منظار، فالتفت إليها مع جموع الملائكة فرأيت منظرا عجيبا عجاب: وأطلقت بصيرتي فعلمت أن سدرة المنتهى كانت قد استثيرت واستنفرت للنكاح، منذ أن دخل أبليس، بفحولته المتخللة لنسيج المكان والزمان ، باحة جنة المأوى طائرا نحو ظهر الكثيب، وأن مقاومتها لإغراء جنسيته الكونية قد انتهت الآن، فقامت الأغصان بالإنتصاب، ثم اشرأبت وباشرت بولوج الأزهار والأختراق، ففتحت الأزهار براعمها استجابة لدعوى الشبق والغرام، لتسمح للأغصان بالفتح المبين، ثم قبضت على الأغصان الوالجة بلهف العاشق المحرور، وعلى نفس الصراط ، قامت الاوراق بمداعبة الثمار التي اتخذت مختلف أشكال الأثداء، فحوتها بسطوحها الملساء كآذان الفيلة، وأخذت تضغطها بحب وشبق ودلال، فانبعث من براعم الثمار المكورة كالحلمات، لقاح دري يسكر ضوءه البصائر والعقول، وسال منها حليب إلهي على الأرض المغطاة بالماس واللؤلؤ والياقوت، فجنت بالسكر من رائحته الملائكة وعلى رأسها إبليس.

ولا بد من أن أقول، أني رأيت في تلك اللحظة أعجب حدث وقع في الكون منذ الأنفجار الأول من طويل الآباد، فقد تحولت قمة شجرة سدرة المنتهى إلى وجه كائن ساحر الجمال، يشبه وجه حبيبتي تناسيم بالتمام والكمال، والفرق أن حجمها كان أكبر ببضعة آلاف، وقالت لي بصيرتي بعد أن غمرني القلق والعجب، وبعد أن أدرك قلبي معنى السؤال: الجمال له نفس المنتهى ونفس المآل، فمن أي طريق طرقته يصل إلى نفس المقاس ونفس التعبير.

ثم أن الشجرة أنبتت ثلاثا وسبعين ساقا ممشوقا ، بينها إثنين وسبعين فرجا لزجا مشدودا، يتموطن في ثناياهم الزهرية، المنتهى الأعلى من اللذة والشبق والشهوة والنشوة، فرد إبليس بإنبات إثنين وسبعين ذكرا طوالا، كلها نسخة عن ذكر آدم سقر، وجميعا بطول تسعة عشر، لاحت منتصبة كجذوع النخل في ربيع الصحراء، تشع ضوء أزرقا غامضا شديدا. فإجابت الله بمجون مسكر يفني العقول، بإنبات إثنين وسبعين فما شهيا (سبحان المعبود) تطوقها مائة وأربع وأربعون شفة تتعصر لذة، على جانب كل شفة عليا منها شامة سمراء ساحرة، كنقطة عنبر في صحن مرمر، ويخرج يترقرق من بين الشفاه والأسنان الماضية ناصعة البياض، إثنين وسبعون لسانا يسيل منها ريق أطيب من الدنيا وما فيها، فاستفحل إبليس إلى حد المحال، ورد على نار الإغواء بمثلها، وأجاب بإنبات أفواه بنفس العدد، توج كل منها شارب خشن، أي شعرة فيه كافية لأثارة كل نساء المجرات وكل إناث دوابها وحشراتها، وزيادة في الفحولة، غير صورته إلى صورة الشيطان الماجن المألوفة، ثم إنه ارتفع طافيا في الهواء وغاص كالعقاب، على سدرة المنتهى الهلوك الغنوج المفتوحة السيقان .

وفي لحظة كيد وإغراء (39) أضائت سدرة المنتهى ما بين سيقانها الثلاث والسبعون، الممشوقة المفتوحة، من أفق إلى أفق، بضوء أحمر فاضح ماجن، أشعل تفاصيل مواطن اللذة فيما بين السيقان ، فبدت الفروج تلمع بلزوجة من خلال غابات الإشعاعات الضوئية الكثيفة، وفي ومضة بريق لم تزد على البريق الذي رأى فيه السياب إبنة الجلبي من خلف الشناشيل، انهمرإبليس بذكوره الإثنين والسبعين، يطأ بفحولته الكونية في فروج السدرة أجمعين، وانهال بأفواهه الإثنين والسبعين، يلعق ويقبل ويعضعض ويمص، وعلى خلفية صوت النكاح والقبل، والولوج والخروج، وقرقعة الماس والياقوت، ارتفعت أنغام سيمفونية الشهيق والزفير، والخوار والشخير، والتنهد والأنين، وتحولت سدرة المنتهى إلى مهرجان ضوئي يعج بالحرارة الذرية والضوء بكافة أطيافه، وفاح في الباحة عبير لزوجة النكاح المثير، فانتشر الشبق المجنون، في كل ركن من أركان الكون، المعمور منها والمهجور. وتكورت مجرات وتدورت، وتشكلت في مراكزها ثقوب هائلة تلتهم ما يأتيها من النجوم، واستطالت مجرات أخرى وتشعبت منها ذكور طويلة مديدة، وتدفقت سيول جارفة من الجرافيتونات بينها، وعلى المستوى المحلي ، استحرت النجوم وتشققت، وحنت للوقوع عليها الكواكب من أفلاكها.

سورة الحج

بســــــمك اللــــــهم

وعندما لفحت حشود الملائكة نار نشوة النكاح الإلهي، التي أرخت جلبتها الصوتية والضوئية والنووية والعطرية-الكيماوية، سدولها على جنة المأوى بكافة أطرافها، ثم تمطت هذه الجلبة بصلبها وناءت بكلكلها على كافة السموات السبع بجناتها ونارها، داخت الملائكة سكرا وخدرت عقولها، فدخت معها، ولم تستطع أن تقاوم الإثارة والإغراء، فصدر من حشود الملائكة هسيس ثم فحيح، ما لبث أن تحول إلى رهز وهزيج، علا كالهزيم، وتطور الوضع إلى ما ليس منه بد، وبدأت حشودهم تستعد لتنقذف في خضم بحر النكاح بأمواجه الساحرة ورياحة العاطرة. وبداية، ونتيجة لإبدية الدهور التي انصهرت فيها الملائكة على التسبيح المنتظم الدقيق، والذي جعلها تتطور، حسب ما قدر الله في نظرية داروين، نحو انصياع أفكار الفرد بالمجموع والمجموع بالفرد، بدأت ترفث للنكاح(40) ، فانتظمت جموعهم متواجهين في صفوف مستديرة، مركزها سدرها المنتهى، حلقة دائرية للذكور ترفرف بجنحها قائمة، كل ملاك ممسك بيمينه بذكره المديد المضيئ، كأنه سيف صليد، تليها حلقة دائرية من الإناث، يرفرفن بجنحهنه، وهن مستلقيات على ظهورهنه، ومشرعات إلى الأعلى سيقانهنه ، وناهدات كعوبهنه، ومشرئبات حلماتهنه. إلى أن غطت صفوف أزواج النكاح الدائرية أرض جنة المأوى ، ثم أخذت الصفوف تنتظم فوق الطبقة الأولى، وحلقت صفا دائريا فوق صف دائري إلى الأعلى حتى بلغت قمتها أقصى سماء جنة المأوى، الذكور في الصفوف الخارجية ، والإناث (41) في الصفوف الداخلية . وشع الضوء من عيور الملائكة المشرعة كالرماح السمهرية (42) ، كل حسب استثارتها، فأقلهم استثارة كان ذكره أحمرا، وأكثرهم استثارة كان بنفسجيا، وفيهم من بالغ في استثارته فوصل طيف الضوء الناضح من ذكره ما فوق البنسفجي لشدة حرارته. أما الإناث فلأن أفران فروجهن الملائكية معزولة في داخل تكويرة الفرج في ما بين الساقين من خلف زغب من الريش الكثيف، فلم يشع من بين تلك السيقان الممشوقة إلا لونا زهريا دافئا، وأنعكس الضوء الزهري عن الكواعب المشرأبة الحلمات، فاستثار وهجها شدة الضوء المنبثق من تصلب الذكور (43). وبعد أن عاين عن كثب كل فحل فرج إنثاه، وباركت كل إنثى عير ملاكها، حدثت حركة لولبية عجيبة، وأخذت صفوف الملائكة تدور كالثعبان، رأسه قرب أرض الساحة، وذيله في أعلى قممها، وأخذت الأزواج تنحدر بانتظام نحو أرض ساحة سدرة المنتهى المقدسة، وما أن يحاذي كل زوج من ملاك و ملاكة نقطة محسوبة معلومة، حتى تغترف الأنثى جوهرة مكورة بحجم قبضة اليد، من الماس إن كانت استثارة ذكر ملاكها على اللون الأزرق، ومن الياقوت إن كان لون الأستثارة أخضر، ومن اللؤلؤ إن كان لون الأستثارة أحمر. وأدركت حينها ببصيرتي أن الجواهر من الماس واللؤلؤ والمرجان المغطية لأرض الساحة كانت مرتبة بانتظام دقيق، فكل مجوهرة عليها أسم إنثاها من الملائكة، قد وضعت في مكانها على أرض الساحة من زمن سحيق، وأن كل ملاكة تعرف شكلها وموضعها، وأدركت ببصيرتي أن الغرض من هذه الجواهر هو استخدامها للعزل (44) لمنع الحبل أثناء النكاح، فكل مجوهرة كانت مصقولة ومكورة حسب مقاس فرج صاحبتها، وموقع بظرها، ونوع مادتها حسب أشد حرارة في فرنها. وأخذت الساحة تنظف من الجواهر بدوائر مركزها سدرة المنتهى إلى أن بلغت الملائكة كثيب الوفود. لاحظت عندها من قرب أزواج الملائكة من موقعي، أنه بعد اغتراف جوهرتها الفريدة، تناولها الملكة لملاكها، فيقوم هذا بدحسها (45) بيده اليسرى في داخل الفرج فيما يلي البظر، ثم ينتظم كلاهما بسرعة مع اللولب المتحرك في الحركة الدائرية حول سدرة المنتهى، وينطلقان انسيابا إلى الأعلى. وبعد ساعتين، وقف الصف اللانهائي عن التحرك، وعلت منه همهمة ودمدمة، ووجدت نفسي وجها إلى وجه مع زوج من العشاق المحرورين بنار الشبق الغلاب، ينظران إلي بنار الغضب، الملاك متيمنا ذكرا صلبا مديدا، يشع نورا أزرق شديدا، والملاكة مستلقية على ظهرها في الهواء، فاتحة ساقيها، وفرجها يقابل وجهي، ويشعله بضوء زهري دافئ. قال الملاك بنفاذ صبر وبصوت ينذر بالدمار، عليك بحجر العزل يا طين يا قذر. ففهمت في الحال أنه يريد الماسة التي في جيبي، قال جبريل وهو يبتسم متشفيا، أعطهما جوهرتهما يا أبا لهب. خجلت من جرمي وغضبت من تشفي جبريل فقلت: عذرا، ظننتها جوهرة تناسيم، فكف وجه جبريل عن الضحك، وتلون بألوان الغيرة والغضب. تشجعت عندها وأردت أن أقطف شيئا لأشفي بعضا من الشبق، أخرجت الجوهرة من جيبي وهممت أن أدحسها في فرج الملاكة.

أفقت بعد أربعة ساعات ووجدت نفسي ملقى على وجهي وأرض ساحة السدرة تكاد أقفرت من الجواهر. وليس عليها إلا محمد مستمر في وطأ جسد ريحانة المدمى، فتنعكس صورة سوء فعله من السطح وكأن له شريك من تحت، يشاركه في جريمته. أحسست عندها بألم شديد في فكي، فتحسست وجهي فإذا به مغطى بالدماء، ونظرت فإذا بيمناي محروقة الأصابع حتى العظام، ونظرت نحو الملائكة إلى الأعلى، فوجدت أنه أثناء غياب وعيي قد تم اصطفاف الجمعان مواجهة وإلى الأعلى، كل منهم يغالب واجبات برودة الإنضباط ضد لهيب الشبق الغالب الغلاب. وعلى يميني، كان ملقى حجر أسود كبير، أدركت ببصيرتي أنه نتج من احتراق الماسة، التي حاولت دحسها في فرج الملاكة، واندماجها عن طريق الذوبان، مع مادة الحديد، المكونة لأرض جنة المأوى.

علت عندها من الصفوف الدائرية زقزقزة جميلة رتيبة، رقصت على أنغامها رفيف جناحهم بدقيق الإنتظام، وكأنهم كتائب قتال الروم تزاحف عدوها على وقع الطبول، ولكن معلقة في الهواء. أستلقت بعدها ذكور الملائكة ترفرف مستوية على ظهورها مشرعة إلى الأعلى عيورها. وأخذت صاحبة كل ملاك، ترفع يمينها مشيرة إلى العير العظيم، وتبدأ بالدوران حول ملاكها وكأنها حمامة تدور حول عمود قائم من الشعاع. كل تكرر هذا سبعة مرات، وأجنحتها تهف برتابة مع أجنحة الملكات الاخريات ثم تعكس جميعهن اتجاه دورانهن. بعد أن رقصت الملكات هذه الرقصة سبع مرات، أنتصبت الذكور واستلقت الإناث، ثم دوت الزقزقة واقترب الجمعان إلى أن اعتلت الذكور الإناث، وارتطم الجنحان بالجنحان، وولجت الذكور المشرعة في الفروج المولعة، وعلا صوت تضارب الأجنحة ورفيفها، وقرقعة الجواهر والدرر المرصعة لها، ثم علا صوت الذكور في تسبيح الرهز الملائكي الذي لم يسمع منذ ألف ألف عام، واختلط بصوت الإناث في التعرب (46) والتبغنج والرفث، كل حركة نكاح تبعا لنظام مفصل رتيب، السبع وسبعون ألف ألف ذكر مضيئ، تلج معا ثم تخرج معا في/ومن سبع وسبعين ألف ألف فرج رطيب، في رنم ساحر رتيب.

حلقت ببصيرتي التي غشاها خدر شامل عميق، من أثر الوطأ النظامي الدقيق، وطرت بها عاليا فوق سدرة المنتهى، مركز ترامي جنة المأوى المستديرة، فرأيت منظرا تحير من جماله العقول، وتسعد من رؤيته النفوس، وتنتشي من مشاهدته الأرواح، ولم لا وهي تعيش في أرض الخلود: اللون الأزرق يتداخل مع الزهري في تواصل الولوج والخروج، لإنتاج حركة موجية مستديرة من الضوء، تبدأ بانبعاث دوائر الضياء من الصفوف الملائكية الخارجية الملتحمة في فعل الوطأ والنكاح، لتنتقل بنغم وانسياب لطيف إلى الصفوف الداخلية حتى تبلغ السدرة نفسها، ثم تنعكس خارجة إلى الصفوف الخارجية بنفس الإنسياب ونفس الجمال، فكونت حركة الأمواج صورة متحركة لدخول وخروج عمود عملاق، مثلته سدرة المنتهى وإبليس، ينهال غائصا وخارجا في بحر عميق من الضياء.

وعلت في السموات السبع سيمفونية حشود الملائكة بأنغام من رهز وشخير، وخوار وزفير، لتنسجم بانتظام مع الرهز والشخير، والخوار والزفير، والتأوه والأنين، والتوجع اللذيذ والحنين، الصادرين من سدرة المنتهى وإبليس.

سورة الفوضى

بســــــمك اللــــــهم

ولكن للكون قوانينه المنقوشة في اللوح المحفوظ ، وبسبب الخلل في قوانينه المحكمة الذي سببته عملية إسلامي ، بدأ نظام نكاح الملائكة الدقيق في الزوال: يخرج من هنا أوهناك ذكر قبل ذكور الآخرين، أو يولج أحدهم ذكره في لهفة الدخول لفتق العذرية المتجددة أبدا في فتح مبين، دون صبر ودون التزام بالنظام. وما لبث أن تسارع عدد الخارجين عن النظام الدقيق، وما هي إلا ساعات من النكاح الملائكي الشديد، العميق في الولوج، البطيئ في الخروج، حتى عمت الفوضى وانهار النظام، فرفثت ذكورها بإناثها من غير أنغام، ووقعت إناثها على ذكورها، وجامع ذكورها ذكورها، ووطأت إناثها إناثها وفاح عطر النكاح بعبير خير من الدنيا وما فيها، واختلط الحابل بالنابل، والنابل بالحابل، والنابل بالنابل، والحابل بالحابل، أزواجا أزواجا، وجماعات جماعات، من الثلاثة إلى العشرات، بعضها انتظم دائريا، وبعضها على خط ملتو أو مستقيم. وتحولت السدرة وباحتها وكل جنة المأوى وباقي الجنات السبع وما يليها إلى ساحة نكاح شامل هادر. وبالرغم من انشغال بصيرتي في مخر خضم بحر نكاح الملائكة الآسر، أبصرت من متابعة انفجار بركان الجماع الإلهي الفائر بين سدرة المنتهى وفحلها إبليس، أنه لا يوجد بين الله وإبليس حد لمن هو الذكر ومن هي الأنثى، فكلاهما له القدرة على الخلق، والتحول من جنس لآخر، شمولا بأي منزلة بين المنزلتين، وطبعا هذا يشمل طبيعة الجماع من ناحيتي الجلد والقوة وطبيعة أدواته من نواحي الحجم والشكل والعدد والعدة.

وعند هذه النقطة في الزمان والمكان، استنشقت بصيرتي بكل تفصيل وحضور ووضوح، حفل الجماع الشامل الغامر لكل السماوات السبع، لا ترى فيه إلا عدد لا يحصى من الحراب المبلولة اللامعة، المشعة السائلة، داخلة وخارجة، في فروج رطبة، ضيقة مشدودة، تطلق عند الخروج، بحرقة الحرمان الأبدي، حرارة جنسية مكبوته، ثم تلج واردة، بعزم الظمآن هده حر الصحراء. وفي اليوم الثاني من الجماع المتصل اللامنقطع، امتلأ جو جنة المأوى برذاذ مطر غامر دافئ، قوامه خليط من عصير نكاح الملائكة مع الملكات، يشتد انهطالا كل إثنتين وسبعين ثانية، بزخة شديدة من قطرات خليط العصير النكاحي الناتج من الجماع الصاخب الهادر، بين سدرة المنتهى وإبليس. وانكسر من خلل قطرات هذا المطر الجنسي المقدس، الضوء الأزرق المنبعث من الذكور المسحوبة، والزهري المنبعث من الفروج المفتوحة، ليكون تشكيلة مختلطة من أقواس قزح، ليس فيها إلا الأزرق والزهري، متداخلين براحة ودفئ مسكرين ومخدرين.

وسرعان ما غمرت سيول مطر هذا العصير النكاحي الهاطل أرض جنة المأوى، ففاضت منه أنهارها السبع، ما ظهر منها وما بطن، النيل ودجلة والفرات، وسيحون وجيحون، وسيحان وجيحان. واختلط ماء الجنس الإلهي الملائكي بجواهر الياقوت والماس والزبرجد، فانكسرت منها الألوان المتموجة وتراقصت بأطياف ونظام تجن منه العقول.

سورة جهنم

بســــــمك اللــــــهم

في جهنم، وبالرغم من شدة النيران، وعموم التألم والندم، وانتشار السحل وفنون النكال، هبت رياح جنة المأوى حاملة عبير رحيق الوطأ والجماع، مذكره ومؤنثه، فامتزجت بالعبق الجهنمي الحاد، الناتج من رائحة دسم الشواء، فعصف هذا المزيج الجنسي المثير بملائكة التعذيب، والذبح والتحريق، والبتر والتبعيط ، فخدرها وأسكرها، وأسكر معها جموع المعذبين، من ذكور وإناث. وانهار الإلتزام والإنضباط ، فانتقلت عدوى الوطأ إلى جهنم، وانتشرت في سبع طبقاتها أسرع من انتشار النار في هشيمها من المذنبين، من الدرك الأعلى إلى أسفل السافلين. وفي ساعات رأيتها ببصيرتي وكأنها لحظات، انهالت ملائكة التعذيب على سجنائها الأبديين وقوعا ووطأ واغتصاب، وأخذت السياط الملتهبة، والخوازيق المحمية بالنار النووية، فحشتها في فروج النساء وآسات الرجال. وقامت ملكات التعذيب بالتهام المذنبين بفروجهن، وعصرهم بين إثدائهن، وتخنيقهم بحشو ألسنتهن في حلوقهم. ثم فقد النظام، وانتشر النكاح بين جميع الأجناس، من ملائكة وملاكات، ومن معذبين ومعذبات، وملائكة ومعذبات، ومعذبين وملكات. ومن أغرب الغرائب وأعجب العجائب، أن المعذبين بعد أن اشتموا رائحة النكاح الممزوج بالشواء، استمتعوا بهذا النوع الجديد من التعذيب، فتضرعوا لجلاديهم للحصول على المزيد. وبعد ساعات رأيت ببصيرتي ما لم يكن بالحسبان: شكلت السنة اللهيب الحمراء صورة متحركة مثيرة، شديدة الإغواء، للنكاح الدائر بين سدرة المنتهى وإبليس، وبدأت ألسنة زرقاء من اللهيب تدور من حولها، تتراقص في غنج ودلال، وتزفر بوقع مثير، نساف للعقول، فأخذوا يقذفون بأنفسهم، جلادين ومجلودين، معذبين ومعذبين، ساحلين ومسحولين ، في ألسنة النار النووية الزافرة، المتراقصة بمجون،علهم تحديا، يبلغون من النشوة ما بُلغ منها في جنة المأوى عند سدرة المنتهى، ولكن هيهات هيهات، أين نشوة نكاح الجنة من نشوة وطأ النار. وبعد فترة لم تزد عن ساعات، أخذ خليط الوقود من الملائكة والمخلوقات يزيد من حرارة النار، فاشتدت رائحة الشواء، اللحمي منه والملائكي، فالتحمت الفوتونات، لتنتج ألوان في الطيف فوق البنفسجي، وانطلقت هاتفة بسيل ضوئي، هدر إلى الأعلى نحو السدرة وإبليس، الملتحمين في ذروة من ذروات النكاح، فزادت من إثارتهما بألاف المرات، واشتد النكاح في جنة المأوى من أثر فوتانات الشواء حتى تحول إلى سعار وسال الماء المهين، من السدرة وإبليس ، والملائكة أجمعين وملأ الأنهار فصارت بحار.

سورة الروح

بســــــمك اللــــــهم

وفي الجنات الدنيا، تكرر ما حصل في جهنم، فبعد أن عصفت فيها رياح النكاح، قادمة من جنة المأوى ومن جهنم، انتهز سكانها غياب ملائكة الأمن بسبب نقلهم إلى جنة المأوى، فطرح الولدان المخلدون أكوابهم وأباريقهم المرصعة باللؤلؤ والمرجان، على ضفاف نهري جيحان وسيحان، وقاموا بوطأ ما ملكت أيمان أسيادهم من الحور العين، على ضفاف نهر سيحون والنيل ، فدبت الغيرة في هؤلاء الشهداء والصالحين، فقاموا بغصب الولدان المخلدون على ضفاف نهر جيحون، ، ونتيجة للنقص المقدر منذ الأزل في عدد الرجال، والحاصل من مكافئة كل واحد بإثنتين وسبعين من الإناث، بدأت آلات النكاح ونابغاته، حور عين الجنة، بالإستمتاع به وتذوقه واستحبابه، ثم ما لبثن أن جنن به جنونا، وحصلت المعجزات من تفاعل رحيق الحب الألهي العاصف من سدرة المنتهى مع عصير الفرج العذري في الحور العين، فتغيرن من طبيعة الدمى اللاتي خلقهن الله من غير أرواح، غرضهن أن يكن فراشا تحت الشهداء والصالحين، إلى مخلوقات بأنفس وأرواح، غايتهن في الحياة، كغاية كل المخلوقات، تحصيل نشوة الوطأ والنكاح، فقمن بجماع نساء الأرض من ميراث أهل النار، وانتشر الخلق والأبداع، في فنون جماع الإناث للإناث، فاستعملن اللسان، والأصابع والأسنان، والأنوف والآذان، ثم صنعن من فاكهة الجنة الشهية، المختلفة الأنواع والأشكال والألوان، ذكورا يولجنها في فروجهن حسب المقاس المطلوب بالكمال والتمام.

سورة نكاح البرزخ

بســــــمك اللــــــهم

وعلى البرزخ الموحش ما بين عالم الموت والسماء، أحست شداد الثعابين من أمة الشجاع الأقرع في القبور(47)، بما يجري في السماء، فتسربت عدوى الحب والنكاح إلى قلوبها الباردة المتثلجة ، فاستثيرت هي الأخرى ودبت فيها نيران الشبق والشهوات، ولم تجد مهربا في سجنها، وحيدة تحت التراب مع المذنبين من معذبيها، إلا أن تمارس صنوف الوطأ والأتيان معهم. فحولت هراواتها التي تبلغ حجم جبل أحد، إلى خوازيق طوال، وأرسلتها بعنفها المعهود، الذي خلقتها به الله ، في آسات وفروج المعذبين من سكان القبور من الرجال والنساء. ومن سخريات القدر، ومجون اللوح المحفوظ، أن الشهداء والصالحين، والشهيدات والصالحات، وجدوا أنفسهم وحيدين في قبورهم الفسيحة المضيئة، فلم يجدوا في عزلتهم، شركاء للنكاح والجماع، فبادروا بالإستمناء، ولكن ذلك لم يغنيهم عن لذة الجماع، مع جيرانهم في القبور، فأخذوا يصيحون باحتجاج، ويرفعون عقيرتهم بالدعاء والإستنجاد، لله التي كانت جد مشغولة عنهم في نكاحها الكوني مع إبليس.

سورة المراودة

بســــــمك اللــــــهم

وبينما بصريتي غارقة في نشوة تأمل عالم النكاح، والتعجب من سيمفونية الأضواء والأصوات، شعرت بحركة مريبة نحوي من أبي مشعل البراق، وأنذرتني بصيرتي أنه يخطط أن يروادني عن نفسي، فأطلقت لساقي العنان في الحال ، منحدرا أسفل الكثيب باتجاه محمد الغارق في جماع جثمان ريحانة المضرج بالدماء، فركض أبو مشعل خلفي هائما يريدني، وسمعته من خلفي يعدو كالحصان، وكانت له ضوضاء فوق الصهيل ودون النهيق ، ونظرت للخلف فرأيته يعدو، وقد فرش جناحيه المبلولين من مطر النكاح كالديك، بفم مزبد يرغي رغوة بيضاء، وعينان جاحظتين من جنون الشبق الشديد، الناتج من رذاذ رحيق النكاح الملائكي الهاطل المدرار، ورائحة الشواء والتعذيب، القادمة من السعير، وبالرغم من أن ذكره المنتصب أبطأه لحد كبير، فقد كاد أن يلحق بي، وفي ثوان، أصبح على قاب قوسين أو أدنى مني، فجذب قميصي من الخلف وقده من دبر،(48) ولحسن حظي، رده تمزق قميصي إلى الوراء، ونجاني من الوقوع في إثم اللواط ، فتزحلقت حوافره على الجواهر والدر والياقوت، والمكسوة بطبقة لزجة من عصير النكاح الملائكي الدفوق، فتفادى الوقوع بالصفون، جاعلا بيني وبينه مسافة ذراعين أو ثلاثة، فسقطت على ظهرها بيننا ملاكة، من مأدبة الجماع العاصف من فوقنا، بساقين مبتهلتين للأعلى، وفرج مضيئ ينادي للنكاح، فنسي عني وغرز في الحال، وبجنون، ذكره المنتصب في فرن الفرج المنير، ولم يكد أن يوولجه فيه حتى نهق بصوت منكر فوق صوت الحصان، وفوق صوت الحمير – إن أنكر الأصوات لصوت الحمير – لأن شبقه أنساه، أن فروج الملائكة أحر من أفران السعير، فسحب ذكره ، فخرج من فرجها مصليا ومغطى بقروح الحروق، فأخذ ينهق بألم ويرفص ويصيح، ويرفرف في كل اتجاه لا على التعيين، صاعدا نازلا، مقبلا مدبرا، مائلا إلى اليسار وإلى اليمين، إلى أن انتهى في العلى بين صفوف الملائكة، الناكحين والناكحات، والواطئين والموطوئات، والرافثين والرافثات، والمتضاجعين والمتضاجعات، والراهزين والمتبغنجات، والآتيين والمأتيات، والواقعين على الموقوعات، والشاخرين والشاخرات، واللائطين والمسافحات، والآكلين والمأكولات، والمأكولين والآكلات.

رجعت بعد أن زال خطره عني بثقة نحو حمى جبريل الواقف وحيدا فوق كثيب الوفود، ووجهي محتقن من الخوف والمهانة، من هذا البراق البهيمة، فوجدت جبريل يكاد يقع على ظهره من الضحك والشماتة، في ما كاد أن يحدث لي من عار على يدي (أو على جناحي) أبومشعل البراق. وما لبث ذكر أبو مشعل أن تعافى، بعد أن تبلل من مطر الماء الملائكي الهاطل مدرارا من الأعلى، وأصبح الحال، أنه بعد أن تذوق لذة فرن الفرج الملائكي الحارق، يطير بين جموع الملائكة الغارقة بدون عقل في فعل النكاح، وفنون الوطأ والجماع، ليختلس من هنا جسة لأحد الأثداء النافرات، أو يسرق مصة لشفتين انسحبن للتبغنج أو للتأوه أوللشخير. أو يحك ذكره من بين ثديين تركا عن غفلة نافرين في الهواء. وبلغت به الجرأة أنه حاول أن يستغفل أسراب الطيور الحارسات الطوافات حول سدرة المنتهى وأبليس، وقد رأيته في أحدى المرات، يسترق مصة من أحد نهود السدرة النافرات، مستغلا غفلة سرب الحراسة المكلف بذلك القسم في شؤون النكاح، ولكن السرب ما لبث أن رآه، فهجم عليه متلبسا بالجرم الحرام، وأخذ ينهش لحمه من كل الجهات، فسقط أبو مشعل مدمى على أرض باحة السدرة، وارتطم بالجواهر شر ارتطام، فتبعه سرب الطيور كالذئاب، وظل ينهش فيه ولم يتركه حتى لم يبق منه إلا عظام، ولكن مطر النكاح الألهي والملائكي أحيا العظام وهي رميم ، ولم يلبث بعد حين حتى قام معافى وعاد لنيل مناه.

سورة المحنة

بســــــمك اللــــــهم

استمرت نشاطات النكاح في السماء دون انقطاع لمدة سبعة أسابيع، وطوال هذه المدة كنت أقف بجانب جبريل أستمتع بالمنظر اللذيذ المثير، وأستمد قوتي باستنشاق رذاذ النكاح الهاطل المدرار، وأدى فيما أدى إليه فعل عصير النكاح، إلى شفاء يدي التي حرقتها عندما دحستها في فرج الملاكة. وبينما عينا جبريل تلاحقان أبا مشعل بحقد شديد، وهو يسرق اللذات من أثداء الملكات الغافلات الساكرات، أنبأتني بصيرتي أن كل هم جبريل ومبتغاه، هو إهانتي ومعاقبتي على حرمانه من فرج حبيبته تناسيم، وتفويت فرصته للمشاركة في هذا الحفل المهيب، الذي أدى غيابه إلى حرمانه من الخوض في غماره مع حبيبته وحبيبتي تناسيم. وفهمت أن كل جهده أصبح اللآن منصبا على التخطيط للنيل مني.

وصدقت بصيرتي، ففي اليوم الخمسين، جائت تناسيم تطير، في أبهى حلة مصنوعة من الأستبرق والسندس وخيوط الذهب الثمين. فحيت جبريل أحسن التحيات، وقبلته بشبق وحنين، ورمقتني بتحد للحظة ثم أعطتني ظهرها بغير أدب أو شعور. وتجاهلت كلماتي حين قلت لها إلي يا ملاكي يا حبيبتي تناسيم. ولإنشغالي التام بإشباع ناظري بمحاسن تناسيم، لم تر بصيرتي إثنان من خصيان ملائكة التعذيب، استدعاهما جبريل من الدرك الأسفل للنار، أحاطا بي واحد من اليمين وواحد من اليسار، وقبل أن أدرك ما يصنعان، طراحاني على ظهري فوق سفح الكثيب، بمواجهة سدرة المنتهى، ثم غرسا بين الجواهر عمودين من الخشب طوال، وصلباني مفرود الذراعين والساقين بمسد خشن متين، ووقف كل إلى جانب من جانبي الصليب يحرسان وينظران إلى جبريل.

قال لهما جبريل: يا أنكر ويا نكير، لا حاجة لنا في هذا المقام بالخوازيق والأسواط، والسلاسل والكلاليب، اليوم أعلمكما نوعا جديدا من صنوف التعذيب. اخترعه بني آدم في الأرض لحرق الأعصاب، والنهش في الأرواح، وتوصيل العذاب إلى صميم الأعماق.

عندها طارت تناسيم حبيبتي مستلقية على ظهرها في الهواء من قبالي، وحاكى جناحيها يرفان من تحتها الهوينا أفخم فراش، واعتلاها جبريل شاهرا ذكره الطويل المديد، وأخذا يقومان بفنون من أفعال النكاح اللافرجي29، ويمثلان كل أفعال الجماع. جبريل بذكره النوري العظيم، وحبيبتي تناسيم مبتورة الفرج الملائكي المنير. فصرخت والغيرة تقتلني يا جبريل لقد جنيت على نفسك بأمر عظيم، وأنت سيد الملائكة وقدوة الخلق تنكح في امرأة قدر الله أنها عليك حرام. فأجاب جبريل ببرود: أنا لا أقوم بفعل النكاح، ففرج تناسيم مخزون ومحروس في البيت المعمور، وقدم جبريل ذكره لحبيبتي تناسيم، فتناولته بيديها وداعبته وفركت به ثدييها وهي تنظر إلي بغنج وتقول، ليس لك مثل هذا يا طين يا حقير، فتصلب ذكري من رؤية حلماتها يمصها جبريل، وخرج ظاهرا من بين طيات ثوبي.

قالت تناسيم بسخرية وهي تضحك بمجون يثير الحجار: سبحان الله أعدل العادلين، عوضني عن ذكر ضوئي منير، طوله تسعة عشر ذراعا، بذكر باهت من طين حقير، لا يزيد عن سبع أصابع أو أقل من ذلك بكثير؟

وأخذت بعدها تزقزق لتدعو رفاقها الملائكة والملكات، أن يأتوا ليعاينوا ويتفرجوا على ذكر البشر المصنوع من نجاسة الطين القبيح، فأخذت أزواج لا تحصى من الملائكة تأتي وتروح، وتحلق بانسياب في الهواء، ملتحمة في فعل النكاح من فوق الكثيب، وتشير إلى ذكري المنتصب وتعربد وتضحك وتصيح، واتفقوا فيما بينهم أن يغيروا أسم الكثيب، من كثيب الوفود، إلى جبل أبي لهب الشامخ العتيد، هزءا وسخرية بذكري المنتصب الضئيل من جسمي المفرود فوق الصليب.

ثم أشار لهم ملاك خبيث، وزقزق وتغامز مع جبريل، فأخذ كل فحل من الملائكة الزائرين، يرمي بصاعقة من سيفه على سفح الكثيب، وبعد ساعات، نظرت من فوق كتفي الذي خفف من ألم الصليب فيه رذاذ النكاح، فإذا بسفح الكثيب قد تغير من صواعق الملائكة، ونحت فيه شكل فرج آدمي عظيم، بظره نقطة انتصاب صليبي.

زاد تمثال الفرج ومقامي منه في الوسط من شعوري بالإهانة، فأخذت أتحادهم وأدافع عن نفسي وأقول: لقد وعدتني الله بذكر أطول من هذا بكثير، لأنكح وأطأ كما أشتهي في تناسيم. والله الواحدة الحية القيومة، إن رجعت للأرض لأعيشن كالقديسين والصالحين، حتى أستحق وعدها لي بنكح فرج تناسيم، المخزون لعيري في البيت المعمور.

قال جبريل وقد رأى ما حل بي من ضيق وهوان شديد: تنازل عنها يا أبا لهب أفكك من أسرك وأجزيك بالخير العميم.

وأشار، فوضع ملكاه المخصيان، أنكر ونكير، المختصان في مهارات أصناف التعذيب، قدميهما الغليظان على صدري للضغط والتهديد، فلم يخرج من صدري غير حشرجة تقول: تناسيم، تناسيم.

سورة الخصي

بســــــمك اللــــــهم

فجن جبريل وجنت معه تناسيم، وظلا يعذباني بفعل مختلف أنواع النكاح اللافرجي حتى حل علينا اليوم الثاني والسبعون، وأنا صامد لا يخرج من فوهي إلا: تناسيم، تناسيم. ولأن الشر سيف ذو حدين، فقد انعكس نكالهما بي ورد عليهما بالعذاب الشديد، فالنكاح اللافرجي في النتيجة، لا يشفي من شبق أو يروي من غليل، وفرك الذكر بين الثديين لا يغني أبدا عن إطفاء الشبق بالولوج وعن سكر النشوة بالخروج. ولأن فرج تناسيم مبتور ومخزون في البيت المعمور، ولأن ملكات السماء لا يملكن إستا كالنساء، لم يتمكن جبريل أن يأتي حرثه من الخلف، فأخذ من إحباطه الشديد، يتركها من الحين إلى الحين، ليشفي غليله بإغماد ذكره المتفجر شبقا في إحدى الملكات التائهات، فتسعد هؤلاء بالوصال مع الأمير جبريل، وتغضب وتغار من ذلك تناسيم، فتلومني وتسبني بأفظع أنواع السباب. ولكن عندما يرجع جبريل، تأخذ بمشاجرته ونعته بنفس أنواع السباب. فيتذكراني بعد صرف جهد عظيم في الخصام، وينصبان علي بالقذف واللمز والشتم ومجموع ألفاظ الهوان.

وبعد أن روى جبريل شبقه المحرق بالملكات التائهات سبع مرات، بلغت الغيرة من تناسيم حد الجنون، ولم تستطع أن تكبح ما جال في نفسها من القهر العميق. فاستثارت جبريل بفرك ذكره حتى انتصب كالصخر الصوان، بين ثدييها المشرأبين إلى الأعلى كجبلي أحد وعرفات، وعندما حاول جبريل منها الإفلات، لضخ ماءه الملائكي في إحدى الملكات، ثارت تناسيم مصممة على الهلاك دون ذاك، وقبضته بين فخذيها القويين كالفولاذ، وبائت كل محاولاته للإفلات منها بالفشل الذريع، ولما تأججت فيه نار الشبق وطال الإنحباس، انحشر ماءه الملائكي في خصيتيه الملائكيتين، ونفخهما حتى صارتا كقلتين من قلل هجر(49)، وحاولت تناسيم جهدها أن تستحلبه ماءه بفرك ذكره بين كعوبها المستنفرة دون نجاح، وما هي إلا دقائق أو ساعات، حتى انفجرت الخصيتين العظيمتين بصوت صم الآذان، طغى بدويه فوق هدير موسيقى الشخير والخوار، الصادرين من السدرة وإبليس، وانبتر ذكره ذو التسع عشرة ذراع، وانطلقت شظاياه متسارعة نحو الكثيب كالشهب في السماء، فصدمت إحداها نكير وطرحته صريعا على سفح الكثيب، المكسو بجواهر الدر والياقوت والمرجان، أي جوهرة منها خير من الدنيا وما فيها.

ووقع جبريل على أرض سدرة المنتهى مغشيا عليه، وأخذت تناسيم تبكي فحلها الخصي، وابتسمت في سريرتي، فرأت ذلك بصيرتها، فرمتني بالشتائم والسباب، فطار أنكر وهو يبكي من عينيه الضيقتين، والدموع تنزل منهما كالصديد، رفيق عمره نكير، وبعد غياب لم يدم أكثر من المدة التي تمضي بين زختين من زخات الماء النابع من فعل النكاح بين السدرة وابليس، رجع أنكر ومعه سبعة ملائكة من الحكماء والأطباء، وأحاطوا بجبريل يطببوه ويسعفوه، وحملوه نحو سدرة المنتهى وإبليس، وسجوه تحت جذعها للإستشفاء من عصير نكاحهما الإلهي المندفع كالسيل الهادر، وبعد بضع ساعات تكلم معهم، وكان أول ما قال: لعنت الله ولعن أبليس، أبا لهب وكل الهاشميين إلى أبد الآبدين.

سورة القيامة الصغرى

بســــــمك اللــــــهم

وفي هذا اليوم، أي اليوم الثاني والسبعين منذ أن بدأت مأدبة النكاح، بين سدرة المنتهى وإبليس، بدأت بصيرتي تدرك حدوث أمور غاية في الخطورة وتنبأ بالوبال، إن لم يتوقف إبليس في الحال، عن وطأ فروج سدرة المنتهى الإثنين والسبعين. وتزامنا مع بصيرتي، أدركت بصيرة إبليس نفس الشعور، فأخذت ذكوره الإثنين والسبعين بالذبول، وانتشر جو من القلق والتوتر في عموم جنة المأوى وما يليها من الجنات، وفترت رقصة النيران في جهنم، أرض السعير، وأخذت رائحة الشواء بالخفوت والأنحسار.

سمعت جبريل يقول لتناسيم مبتورة الفرج اللذيذ، الجالسة بجانبه تطببه وتواسيه على فقدان عيره المهيب، عند أسفل الكثيب، لقد أحرقت الغيرة قلوب زوجات إبليس المنفيات، بنات الله، اللات والعزى ومناة، وعلمن رغم بعدهن عند أطراف الكون، أن أباهن إبليس خان العهد والوفاق، بعد أن نكح أمهن الله في آخر مأدبة جماع. فقمن بالتسلل للبيت المعمور، واستغللن انغماس حرسه الأشداء في مختلف صنوف الوطأ والنكاح، وعبثن بقوانين الكون التي صاغها أبي وأمي، إبليس والله، ونقشاها في اللوح المحفوظ ، منذ الأنفجار الأزلي المعلوم. وأخذ يقول لحبيبتي كلاما غريبا غير مفهوم: زادت مناة من شحنة الإلكترون، وأنقصت العزى من كتلة البروتون، أما مناة، فقد عبثت بقوة الجاذبية، فضاعفتها ثلاث مرات، ثم زادت من عبثها فأنقصت من قوة الغلوون الرابط للقوراقات، وبذلك هدمت أسس كل الذرات. توقفت عندها تناسيم عن تطبيب مكان خصيتي جبريل وعيره ، وغيمت عيناها الخضراوان بالغم والهم والدموع. وقفت وأخذت تذرع مرج الجواهر عند قاعدة الكثيب، وتروح، فلاحقتها ببصري لأحصد من محاسن جسدها ما عجزت عنه باللمس والعناق، فهزت ذراعها نحوي بقرف واستهجان، وأستمرت في مشيها القلق، مغطية إليتها بجناحيها إن كانت ذاهبة، وصدرها وفرجها إن كانت آيبة. قالت مخاطبة جبريل وهي ترمقني بسهام القرف والإحتقار، والتي وقعت في قلبي بردا وسلام: إذن هي نهاية الكون المعمور؟! وبداية اليوم المعلوم؟ قال جبريل: هذا الأمر في غاية الإحتمال، ولكنني أرجو أن يكون هناك بعض من الوقت المتاح، لإصلاح الأمور في حواسب البيت المعمور. فكر هنيهنة ثم قال بحسرة وأسى وانفعال، والإحباط الشديد ظاهر على وجهه بسبب غياب فرج تناسيم: لا بد من وقف هذا الإحتفال في الحال. وترك تناسيم طائرا وساقيه مفرودتين من الضماد المصبوغ بالدماء، معفرٌ ريش الجناح، وانساب في الهواء بتثاقل وألم، ليبحث الأمر مع أبيه أبليس. فانزاح الغم عن صدري والعذاب، ولأني كنت ما زلت مصلوبا على سفح الكثيب، في شق الفرج المنحوت، لا أستطيع الحراك، تبعته ببصيرتي وشاغلت نفسي بالغذاء من رذاذ النكاح الهاطل المدرار.

بعد أن كلم جبريل إباه إبليس عن كيد أزواجه وبناته الثلاث، اللات والعزى ومناة، وعن عبثهن بحواسب اللوح المحفوظ ، حرر إبليس نفسه من مقابض سيقان سدرة المنتهى بعد جهد وعراك، وقال لها غاضبا وبشرود: إن كيدكن عظيم (50)، وتركها بعزم وهي تصرخ وتبكي وتصيح: لا تتركني يا حبيبي بلبوس، النشوة النشوة يا بلبوس. ثم بدأت تلعن بناتها، ضرائرها الثلاث، اللات والعزى ومناة، وتتوعدهن بسوء المآل، وعظيم العقاب، في يوم الحساب.

أمر إبليس إبنه جبريل وهما يحلقان من فوق الكثيب: ألحقني بمن استطعت من ملائكة البرمجة إلى البيت المعمور، فعلينا أن نعيد بناء برامج اللوح المحفوظ التي أخذني وقت إعدادها آبادا ودهور، في أيام معدودة وشهور، وإلا انهارت الكواكب والشموس، وانطحنت المجرات، وتسارع الزمن وتهشمت الأبعاد، وزال الخلق والحياة من عموم الكون المعمور.

وبعد أن أجال نظره بندم على فوضى الملائكة الغارقة من دون كبت الجماح، في صنوف وأنواع النكاح ، أدار ظهره لسدرة المنتهى ، هكذا، من دون عاطفة أو إحترام، ثم طار لا يلوي على شيئ بثقة علام الأمور، نحو البيت المعمور.

أخذ جبريل يزقزق ويصفر، ويرفرف صاعدا نازلا، مناديا بين صفوف الملائكة الهائمة في فعل النكاح، يدعوها لاتباعه نحو البيت المعمور، فذهب نداءه وصراخه دون جواب، ولم يلبي نداءه أي ملاك. وقال لنفسه كل هذا مضيعة للوقت الثمين، لا بد من اللحاق في الحال بأبي إبليس في البيت المعمور. ثم أن أبو مشعل البراق، مر من أمامه طائرا قاصدا ثدي ملائكي مباح، فأمسكه بقوة من ذيله البراقي المبتل بماء الذكور وماء الإناث، وقال له يا براق السوء اتبعني إلى البيت المعمور، وإلا حولتك إلى هباء منثور، ثم غاص من علاه نحوي وأنا مصلوب في شرخ فرج كثيب الوفود المنحوت، وفكني من إساري والقيود، وسحب محمدا المغمور حتى الرقبة، بطوفان عصير الجنس بجهد – لملاسة جسده – من خلف جثمان ريحانة، ثم قال: فلنسرع لعون إبي، هيا إلى البيت المعمور، فقلت أرفض أن أركب فوق هذا البراق اللائط الخسيس، فرمى جبريل عليه محمدا المصاب بالهذيان من نشوة النكاح، وحملني جبريل بتقزز من نطاقي من دون احترام وطار بنا ينهب الأبعاد إلى البيت المعمور.

سورة البيت المعمور

بســــــمك اللــــــهم

قيد التحرير من الوحي عن طريق جبريل

ودخلنا جميعا إلى الطابق السابع والسبعين مركز حواسب اللوح المحفوظ ، للمثول بين يدي الأمير إبليس، الذي كان مشغولا في تقييم درجات الدمار في البرامج الحاسوبية، التي خربتها زوجاته الغيورات الثلاث، ضرائر الله، اللات والعزى ومناة. وكانت هناك رائحة جنسية ساحرة فاتنة، يملأ شذاها البيت المعمور، تركتها الآلهات الثلاث كيدا، مما أشعل شبق إبليس وكل من كان هناك وأثر ذلك سلبيا في سير البرمجة ودقتها.

قال إبليس مستنكرا عندما رآني ومحمد وأبو مشعل البراق، قادمين مع جبريل: أهذا كل ما استطعت أن تجند وتحشد لهذا الجهد الجليل؟ أبو مشعل خاطف اللذات من الملائكة والملكات الغافلات ، ومحمد مغتصب جثمان ريحانة القتيل، وأبو لهب باتر فرج خطيبتك تناسيم؟

قال جبريل: لم يستجب لي ملاك واحد أو ملاكة، فكلهم في نشوة النكاح غارقين وعن شؤون الكون جد غافلين.

إستل إبليس سيفه الصارم من الغمد العظيم، ففاح من نصله المرهف شعاع يعمي البصائر قبل العيون، فارتعدتُ إلى سابع الأجداد، قصي بن كلاب، وانتفش ذيل أبي مشعل ووقف شعر عرفه الطويل، ثم صفن وهم بتولية الأدبار، وقبل أن تطرف عيني، وقبل أن يرف جناح البراق، خرج من نصل السيف وابل من ضياء، أصاب قلبي في الصميم، ثم أصاب قلب أبا مشعل البراق، وفي الحال أدركت من بصيرتي أن طعنة النور من سيف إبليس، لقنت قلبي وقلب أبي مشعل فنون البرمجة واللغات، وفهمت في الحال معنى كل هذه الأدوات، من إسطوانات كبيرة، وأشرطة سوداء طويلة، ومفاتيح الحروف والأرقام، وكل الرموز من الرياضيات إلى علوم الأحياء والاموات، فقلت متعجبا سبحان الله ! فقال أبو مشعل بنفس التعجب بل سبحان إبليس!

سورة اللوح المحفوظ

بســــــمك اللــــــهم

قيد التحرير من الوحي عن طريق جبريل

قال إبليس: يا جبريل إشرف على هؤلاء الأغبياء في برمجة ماضي ومستقبل الأرض، وتأكد أن تشمل البرمجة أن يرتكز دين محمد، وأن يكون مدى مبتغاه فرج النساء. أكتب أن لهم إثنين وسبعين فرجا إن هم تبعوا ما سأملي لمحمد في القرآن، وسأقوم أنا بإعادة برمجة القوانين الكونية. ومن اليوم فصاعدا سأقيد سرعة سرعة الضوء بأن لا تزيد عن ما يقطعه من مسافة بين الأرض والقمر في ثانية واحدة حتى لا تنتشر أخبار الفضيحة التي سببها اعتداء محمد على ريحانة ، وحتى لا تعلم الخلائق في أرجاء الكون المعمور ما تلاها من فجور في حفلة النكاح. وسأبدأ من الآن بإعادة كتابة القوانين وإثبات العلاقات الطبيعية لتتلائم مع هذه الشروط ومع الدمار التي أحدثته غنوجاتي الدلوعات، اللاة والعزى ومناة.

قال جبريل: ولكن شرط سرعة الضوء هذا يا أبتي سيجعل السفر بين الكواكب والنجوم مستحيل، فأنت أول العالمين بهول المسافات وبطئ سرعة الضوء التي تقترح.

قال إبليس: لا بد من هذا الشرط وهذا القانون.

ثم أنه انصرف للعمل بين آلاف مؤلفة من الحواسب، وخزانات المعلومات، وكان يعمل بينها بسرعة حتى ظهر لي وكأنه موجود في ألف مكان في نفس الزمان.

قال لنا جبريل: صلوا قلوبكم بقلبي، وهيا إلى البرمجة والعمل.

وشعر جبريل في الحال، أن قلبي كان غائبا في التفكير في تناسيم، وأن محمد كان لا يزال يمثل فعل النكاح مع جثمان ريحانة وكأنها جاثية أمامه، فنظر إلى أبي مشعل وقال: سأكلفك بإعادة ما حدث وما سيحدث في الأرض بين شعوبها، لأن أهلها ساهمون في الأحلام عن فروج النساء. إبدإ بإعادة كتابة القرآن كما يمليه عليك وحي إبليس.

قال أبو مشعل بخبث وانبساط: أؤمرني ما تشاء.

وأنصرف أبو مشعل إلى قسم الحواسب المسيطرة على أحداث البشر في الأرض، ما كان منها وما سيكون. وأول ما صنع أنه برمج تاريخ العرب وحرمهم من تحقيق جميع ما كتب لهم في اللوح المحفوظ السابق من انتصارات واكتشفات، ثم أنه زاد في الإنتقام، فكتب في طبعة اللوح المحفوظ الجديدة أن محمدا سيمسخ بعد البعث إلى ثور عظيم. وفهمت من بصيرتي أن مبتغاه أن يعيش محمد للأبد في الجنة تحت الحرمان الشديد، أشد الخلائق فحولة وضخامة في الذكر ودرا للماء المهين، وعجزا كاملا عن تقبيل الشفاه، ومداعبة ومص النهود بتزامن مع فعل الوطأ والنكاح، ثم أنه جعل للبقر أعظم الأثداء وكثر لها من الحلمات زيادة في النكاية والإحباط. وبعد أيام، أمر أبليس أبو مشعل أن يتبعه في تجواله بين الحواسب المهمات، واختفا كلاهما خلف خزانة كبيرة، وما هي إلا لحظات، حتى سمعنا صهيلا ما لبث أن تحول إلى عواء وعويل وبكاء، ورجع أبو مشعل وقد مسخه إبليس إلى جسم خنزير سمين مركب عليه جذع قرد مشعر قبيح. قال جبريل، هذا جزاه بما فعل مع السدرة والملكات الغافلات.

سورة المؤامرة

قيد التحرير من الوحي عن طريق جبريل

بعد أيام من البرمجة المستمرة للوح المحفوظ، قضيتها في رسم مستقبل مشرق لي مع تناسيم الحبيبة، تأكدت في برمجته أني سأصعد للسماء مباشرة بعد موتي دون الإقامة في برزخ الموت، مجنبا نفسي بذلك عذاب القبر ومواجهة الشجاع الأقرع، وقضاها أبو مشعل في إعادة كتابة القرآن حسب ما أملاه عليه إبليس مباشرة عن طريق التلقين من بصيرة إلى بصيرة، توقفنا، أنا وأبو مشعل، وجبريل لنسمح لإبليس ببناء البرنامج الكوني الجديد (أي بالإنكليزية الفصحى compiling the program ) وذهبنا معا، بالإضافة إلى محمد، إلى مقصف البيت المعمور، للإطلاع على آخر الأخبار والأمور. أجلسنا المضيف الملاك في مكان مميز بالقرب من نافذة واسعة تشرف على موضع نزول النيل العظيم، من الجنة الدنيا إلى الأرض، وكانت أمواج الماء العذب تتسابق في نزولها بعكس اتجاه التيار، وتحاول التشبث بالضفاف من أجل البقاء في الجنة، فيصفعها عدد كبير من الملائكة بشديد الصفعات، بمجاديف ضخمة نحو الفتحة المؤدية للأرض فتهوي إلى الأسفل وهي تتدفق دموعا، قال جبريل، من أجل هذا سمينا هذا السيل شلال الدموع.

بعد أن قدمت لنا ملاكة فاتنة مكشوفة النهدين خمرا مخملي اللون الأحمر من نهر الخمر العظيم، في كؤووس واسعة من ذهب مرصع بالجواهر، تمتم جبريل وقد أنهكته الأيام الأخيرة وخصوصا حادث خصيه: إني أكاد لا أصدق أن الأسابيع الأخيرة قد حدثت حقا، هناك شئ غريب مريب، كيف يحدث لي كل هذا؟

قال أبو مشعل: قل لن يصيبكم إلا ما كتب الله لكم.

قال جبريل بغضب: دعنا من هذا الهراء، كيف يكون مكتوب لي أنا القوي المتين أن أطيع هذا المعتوه محمد لأفتن أبا لهب بتناسيم، أنا؟ جبريل إبن الله وإبليس! أسمع لوسوسة هذا الطين الحقير؟

غضب محمد وقال باحتداد: على الأقل فإني لست خصيا مثلك يا جبريل!

قلت وقد أثلجت كلمات محمد صدري: والله إن محمدا تصرف بعكس ما عهدته منه طول حياته من أدب وصدق وحسن أخلاق. هل رأيتم مثلي الجنون في عينيه عندما أخذ في وطأ ريحانة دون خجل أمام الله وإبليس والملائكة أجمعين؟ إن محمدا الذي قام من الموت غير محمد الذي أعرف.

قال جبريل: ولكنه بدأ في جنونه قبل ذلك الحادث بزمن طويل. كيف إذن تفسر تعلقه بثديي ريحانة أثناء الطيران فوق بيت المقدس؟ بل كيف تفسر قبل ذلك مرض شمعون البراق ، والتعويض عنه بريحانة عظيمة الأثداء؟

قلت بإصرار: محمد مكة الذي ربيته بيدي، ليس محمد الذي قام من خلف الكثيب!

قال أبومشعل: لا بد أن قوة طاغية كانت تعمل في الخفاء!

نظرت بدهشة وقلق إلى جبريل وقلت: ولكن ما الذي يعنيه هذا القرد عندما يقول قوة طاغية؟ هل هناك قوة غير قوة الله وإبليس في هذا الكون الرحيب؟

قال أبو مشعل: ألم ترى عند انكشاف الغطاء، أن عمل محمد المشين كان السبب في أشعال الشبق بين الله وإبليس؟

قلت: إذن إبليس هو الذي مس محمد بالجنون، حتى يوقع الله عن طريق رائحة الجنس والدماء، في قبول وطأه والنكاح؟ّ!

قال جبريل: هذا غير معقول، فقد كان تحت إبليس كل ما يروم من الفروج، فاللات والعزى ومناة لم يفارقنه في كل أسفاره، ولكني أشك أن الله في وحدتها قد كادت لتجلبه للجنة لتوقعه في فعل النكاح.

قلت: وكيف إذن تفسر حادث إخصائك؟

قال جبريل: لا بد أن الله شعرت أني سأتحالف مع أبي أبليس بعد فقدي تناسيم؟

انتفض بعدها جبريل بقلق، وأشار للملكة النادلة أن تضع ما شربناه على الحساب، وقال: لقد أنهى أبي إبليس بناء البرنامج الجديد، وعلى العموم، فقد نجحنا في بنائه وليس هناك إلا بعض الأخطاء، سنصلحها فيما بعد. كفى الآن حديثا في التكهنات ولنرجع قبل أن نثير علينا غضب أبي إبليس.

سورة زمزم

بســــــمك اللــــــهم

عندما أفقت في الصباح وجدت نفسي مجنبا قد ابتلت ثيابي وشعري ولحيتي أشد ابتلال. كدت أن أفكر أن كل ما حدث في ذهني وكأنه حلم قديم، ولكن رائحة مائي وماء الملاكة المهين، كانت تملأء الغرفة بعبق مثير. أسرعت بالنهوض متظاهرا بالتأخر عن طواف الصبح حتى لا تشعر أم جميل بما حدث لي ولملابسي وأخذت معي ثوبا ورداء داخليا. استحممت ونظفت نفسي وأنا كاره من الماء الإلهي المهين، وغيرت ثيابي المبتلة في بيت أخي العازب حمزة. كان سكرانا فلم يشعر بي وبما فعلت. وعندما لم أستطع إخفاء ثيابي المبتلة في بيت حمزة خرجت فإذا بالناس تقودني في تزاحمهم للطواف الصباحي نحو الكعبة فإسقط في يدي وجزعت أن أحمل معي في حرم الكعبة ثوبي المبتل من حفل العشق والغرام الذي شهدته في السموات السبع. وما أن مشيت بضع خطوات حتى وجدتني قبالة النصب التذكاري لشهيدي الحب الخالدين إساف ونائلة وألهمتني الله أن أدفنه في أرض المسجد الحرام فركعت على ركبتي والناس تنظر إلي في عجب ودفنته في الرمال (لم تكن أرض الحرم في ذلك الوقت مكسوة بالرخام الطلياني الفاخر) في مكان لا يبعد كثيرا عن بئر زمزم. رآني محمد فكشر تكشير العارف بما أصنع، والتفت بعدها نحو إبن الخطاب وهمس بأذنه شيئا ما فنظر هذا إلي بشزر وكراهية ومال على أبن أبي قحافة يكلمه في أذنه. عندما توازينا في الطواف بصق ابن أبي قحافة باتجاهي وأشاح محمد بوجهه عني وابتسمت أنا بفرح وبهجة وتعجب أبو بكر الذي رثيت له.

في ذلك اليوم مررت بالقرب من دار الأرقم بن أبي الأرقم. سمعت بلالا يرتل سورة المسد بصوته الجميل الندي فلم أشعر بالضيق أو بالمهانة ونظرت نحو السماء ورأيت تناسيم تتهادى بين الشمس والقمر وكان رداءها الحريري الملتصق بجسمها المياد مفتوحا من خلف عنقها إلى ما فوق الشرخ المكون من التقاء سنامتي مقعدتها فقلت في نفسي صبرا جميلا يا أبا لهب.

سورة العدسة

بســــــمك اللــــــهم

بعد أن رفضت أن أخرج لقتال إبن أخي الحبيب في معركة بدر، أصابني مرض شديد الألم فظيع الأثر، وقد عزاه حكماء قريش، لجهلهم، إلى داء العدسة الخبيث، ولكني كنت أعلم ما لا يعلمون دون القدرة على البوح بحقيقة ما أصابني من مرض عضال. والحقيقة التي لا شك فيها أن مرضي نتج من الجراثيم التي زرعها على صدري ملكي التعذيب، أنكر ونكير، أثناء صلبي فوق كثيب الوفود، بين شفرتي الفرج المنحوت. فقد انتقلت هذه الجراثيم، والتي يستخدموها في تعذيب أهل النار من حوافرهم التي داسوني بها أثناء صلبي، إلى ثيابي وجلدي، ولكنها لم تؤثر في جسمي في ذلك الوقت بسبب التأثير المشفي العجيب لرذاذ المطر الجنسي المنهمر على كثيب الوفود من الملائكة والملكات الذين كانوا غارقين في حمى تعاطي الوطأ والنكاح في أجواء جنة المأوى. ولكن بعد عودتي لأرض مكة، بدأ مفعول هذا العصير بالأفول، وبدأت جراثيم جهنم بالنمو حتى قضت علي بعد معاناة شديدة وألم فظيع، وبالرغم من هجر قريش لي بما فيهم أولادي وزوجتي بسبب خوفهم من العدوى، فقد كنت سعيدا أثناء المرض لأني كنت أعلم أن الرحلة للقاء بفرج تناسيم وفروج أخواتها الإحدى والسبعين قد بدأت. ولعلمي أن ما يفصلني عن التمتع برحيقهن ليس إلا هذا البرزخ الحقير من الحياة على هذا الكوكب القميئ.


(1_1) العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس، أبو حامد الغزالي. لا يوجد في اللغة العربية عبارة مجانبة للصواب أكثر من هذه العبارة

(1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات/11}

(2) تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ {1} مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ {2} سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ {3} وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ {4} فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ {المسد/5}

(3) ما يلي آيات قرآنية تذكر رجم الشياطين عند تنصتهم لخبر السماء الدنيا

وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ {16} وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ {17} إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ {الحجر/18}

إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ {6} وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ {7} لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ {8} دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ {9} إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ {الصافات/10}.

تبعا لادعائات الإعجازيين العصريين والذين فسروا "النجم الثاقب" بإنه الثقب الأسود (Blac Hole) فإنه يبدو أن بعض أسراب الجن المتميزيين بحركة "الخطفة" يقذفوا بالشهب الثاقبة ونعجب هنا كيف لم يفطن إعجازيوا الإسلام إلى هذا الإكتشاف العلمي الكبير لأنه من الممكن الحصول عليها عند دخولها للغلاف الجوي واستعمالها لتوليد الطاقة كما اقترح العالم البريطاني المشهور هوبكنز.

وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ {الملك/5}

(4) خلق الجن من مارج (خليط) من نار: بما أن النار عبارة عن ذرات أو جزيئات مستثارة تشع الضوء فالجن إذن عبارة عن خليط من النور وهو مادة خلق الملائكة والطين وهو مادة خلق الإنس. ولا يذكر القرآن أن الملائكة خلقوا من النور ولكن الحديث المحمدي يذكر ذلك.

خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ {14} وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ {الرحمن/15}

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ {26} وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ {27}

(5) روى عبدالله بن مسعود، خبير أتباع محمد في رصد الجن والملائكة، أنه سمع في تلك الليلة أحد الجن الساقطين يعارض عنترة بن شداد ويقول بركاكة الجن المعروفة:

ولقد ذكرتك والشهاب سواقط فوقي ونار جهنم تحرق في دمي

فوددت تأجيج اللهيب لأنه أضاء كشعر رأسك المتوهج

إنظر كيف استعمل هذا الجني مفرد الشهاب مع جمع ساقط ثم غير القافية من الميم إلى الجيم. وركاكة القول هي شأن الجن في كل شعرهم ونثرهم.

(6) ما يلي واحدة من رواية الآيات الشيطانية كما جائت في كتاب الطبري: كان رسول الله حريصا على صلاح قومه محبا مقاربتهم بما وجد إليه السبيل قد ذكر أنه تمنى السبيل إلى مقاربتهم فكان من أمره في ذلك أنه لما رأى رسول الله تولي قومه عنه وشق عليه ما يرى من مباعدتهم ما جاءهم به من الله تمنى في نفسه أن يأتيه من الله ما يقارب بينه وبين قومه وكان يسره مع حبه قومه وحرصه عليهم أن يلين له بعض ما قد غلظ عليه من أمرهم حتى حدث بذلك نفسه وتمناه وأحبه فأنزل الله عز وجل والنجم إذ هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى فلما انتهى إلى قوله أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان على لسانه لما كان يحدث به نفسه ويتمنى أن يأتي به قومه تلك الغرانيق العلا وإن شافعتهن لترتجى فلما سمعت ذلك قريش فرحوا وسرهم وأعجبهم ما ذكر به آلهتهم فأصاخوا له والمؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاءهم به عن ربهم ولا يتهمونه على خطإ ولا وهم ولا زلل فلما انتهى إلى السجدة منها وختم السورة سجد فيها فسجد المسلمون بسجود نبيهم تصديقا لما جاء به واتباعا لأمره وسجد من في المسجد من المشركين من قريش وغيرهم لما سمعوا من ذكر آلهتهم فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد إلا الوليد بن المغيرة فإنه كان شيخا كبيرا فلم يستطع السجود فأخذ بيده حفنة من البطحاء فسجد عليها ثم تفرق الناس من المسجد وخرجت قريش وقد سرهم ما سمعوا من ذكر آلهتهم يقولون قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر قد زعم فيما يتلو أنها الغرانيق العلا وأن شفاعتهن ترتضى وبلغت السجدة من بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله وقيل أسلمت قريش فنهض منهم رجال وتخلف آخرون وأتى جبريل رسول الله فقال يا محمد ماذا صنعت لقد تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله عز وجل وقلت ما لم يقل لك فحزن رسول الله عند ذلك حزنا شديدا وخاف من الله خوفا كثيرا فأنزل الله عز وجل وكان به رحيما يعزيه ويخفض عليه الأمر ويخبره أنه لم يك قبله نبي ولا رسول تمنى كما تمنى ولا أحب كما أحب إلا والشيطان قد ألقى في أمنيته كما ألقى على لسانه فنسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آياته أي فإنما أنت كبعض الأنبياء والرسل فأنزل الله عز وجل وما أرسلنا من قبلك من رسولا ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فنيسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم فأذهب الله عز وجل عن نبيه الحزن وآمنه من الذي كان يخاف ونسخ ما ألقى الشيطان على لسانه من ذكر آلهتهم أنها الغرانيق العلا وأن شفاعتهن ترتضى بقول الله عز وجل حين ذكر اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى أي عوجاء إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم إلى قوله لمن يشاء ويرضى أي فكيف تنفع شفاعة آلهتكم عنده فلما جاء من الله ما نسخ ما كان الشيطان ألقى على لسان نبيه قالت قريش ندم محمد على ما ذكر من منزلة آلهتكم عند الله فغير ذلك وجاء بغيره وكان ذانك الحرفان اللذان ألقى الشيطان على لسان رسول الله قد وقعا في فم كل مشرك فازدادوا شرا إلى ما كانوا عليه وشدة على من أسلم واتبع رسول الله منهم وأقبل أولئك النفر من أصحاب رسول الله الذين خرجوا من أرض الحبشة لما بلغهم من إسلام أهل مكة حين سجدوا مع رسول الله حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أن الذي كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلا فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار او مستخفيا فكان ممن قدم مكة منهم فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة فشهد معه بدرا من بني عبد شمس بن عبد مناف بن قصي عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية (عثمان لم يشهد بدرا) (الطبري: تاريخ الرسل والملوك، الجزء الأول)

(7) حرمت الخمر بعد معركة أحد: أكتب هنا قصة تحريمها من كتاب هادي العلوي

(8) وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ {الشعراء/214}

(9) بعد موت أبي طالب عم النبي وأخو أبولهب، آلت قيادة بني هاشم إلى أبو لهب فذهب إلى محمد وأجاره. وبالفعل تصدى لتهجم قريش على محمد في أكثر من مناسبة. بعدها دفعه أبو جهل ليسأل محمدا عن مصير أبو طالب وعبد المطلب فقال له محمد أنهم في النار. فاعتزله أبو لهب ورفع عنه جواره.

(10) الأغلب أنه كان هناك أسماء لرجال آخرين ولكنها إما حذفت بعد أسلامهم (أو إسلام أقربائهم) فيما بعد أو أن كلمات أخرى استبدلت بإسمائهم: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا {27} يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا (فلانا) خَلِيلًا {الفرقان/28}. "نزلت" في أمية إبن خلف أو أخيه أبي بن خلف.

(11) كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقبِّلُ ويباشِرُ وهو صائمٌ، وكان أمْلَكَكُمْ لإِرْبهِ». (صحيح البخاري )

(12) إساف ونائلة : قال ابن إسحاق : واتخذوا إسافا ونائلة، على موضع زمزم ينحرون عندهما، وكان إساف ونائلة رجلا وامرأة من جرهم - هو : إساف بن بَغْي ونائلة بنت دِيك - فوقع إساف على نائلةَ في الكعبة : فمسخهما اللّه حجَرَيْن(12). (سيرة إبن هشام). والقصة كما حدثنيها أبي عبد المطلب في صباي أن نائلة كانت بنت عم إساف وكانا من أجمل وأوسم شباب جرهم، فوقعا في حب بعضهما ولكن والداهما منعاهما من الزواج وحتى من رؤية بعضهما، فتواعدا على اللقاء عند الكعبة في موسم الحج وعندما التقيا تعانقا أمام الحجيج، فلما رآهما والداهما معا ذبحاهما صونا للعرض والشرف الرفيع عند بئر زمزم تمشيا مع قاعدة "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم،" فانتشرت قصة حبهما انتشار النار في الهشيم ومع الزمن بنى لهما عشاق العرب من شباب وفتيات تمثالين يحفان ببئر زمزم، إساف على اليمين ونائلة على اليسار، تذكارا لاستشهادهما في سبيل الحب، ثم انتشرت بعد ذلك بين العرب قصة مفادها أن دمهما الطاهر سال في الأرض حتى امتزج مع مصدر نبع بئر زمزم، فأكسبه خواصه النادرة المعروفة التي من أهمها قدرته العجيبة على شفاء المرض وتكريسه للعهد بين العاشقين.

(1_12) حدثنا ‏سليمان بن حرب ‏قال عن ‏شعبة ‏عن ‏الحكم ‏عن ‏إبراهيم ‏عن ‏الأسود ‏عن ‏عائشة ‏رضي الله عنها ‏قالت : كان النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏يقبل ‏ويباشر ‏وهو صائم وكان أملككم ‏لإر به -- البخاري

(13) قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {الأنعام/12}

(14) حدثنا ‏ ‏هشام بن خالد الأزرق أبو مروان الدمشقي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏خالد بن يزيد بن أبي مالك ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏خالد بن معدان ‏ ‏عن ‏ ‏أبي أمامة -- سنن إبن ماجة
‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه الله عز وجل ثنتين وسبعين زوجة ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي وله ذكر لا ‏ ‏ينثني. ‏
‏قال ‏ ‏هشام بن خالد ‏ ‏من ميراثه من أهل النار ‏ ‏يعني رجالا دخلوا النار فورث أهل الجنة نساءهم كما ورثت امرأة ‏ ‏فرعون

(15) القرآن: سورة الأحزاب: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها

(16) لم يسلم العباس إلى أن غزا محمد مكة وكان قد شارك وأسر في معركة بدر التي رفضت أن أخرج للقتال فيها من مبدأ رفضي لهاشمي ان يقاتل هاشمي آخر. بعد استيلاء العباسيين على السلطة من الأمويين، وكان هدفهم المعلن ارجاع الخلافة لأهل البيت قاموا بذبح أحفاد علي وحليفهم أبو مسلم الخراساني لأنه طلب من السفاح أن يتنازل عن الخلافة للعلويين.

(17) يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء- آل عمران

(1_17) قال –صلى الله عليه وسلم- : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا ، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-

(2_17) أخبرنا ‏يزيد بن هارون ‏أخبرنا ‏أزهر بن سنان ‏عن ‏محمد بن واسع ‏قال : دخلت على ‏بلال بن أبي بردة ‏فقلت إن ‏أباك ‏حدثني عن ‏أبيه ‏عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏قال ‏إن في جهنم واديا يقال له هبهب يسكنه كل جبار فإياك أن تكون منهم . هناك أسماء أخرى لأودية جهنم منها جب الحزن، و "ويل" الذي يهوي فيه الكافر أربعين خريفا، ثم وادي آثام وربما غيرها.

(2_17) قال –صلى الله عليه وسلم- : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا ، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا". رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-

(18) وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ {الأنعام/38}

وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ {هود/6}

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {هود/56}

وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا { 1} وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا {الشمس/2} وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا {الشمس/3} وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا {الشمس/4} وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا {الشمس/5} وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا {الشمس/6} وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا {الشمس/7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا {الشمس/8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا {الشمس/9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا {الشمس/10} كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا {الشمس/11} إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا {الشمس/12} فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا {الشمس/13} فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا {الشمس/14} وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا {الشمس/15}

(19) ‏حدثني ‏ ‏عبد الله بن محمد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الرزاق ‏ ‏عن ‏ ‏معمر ‏ ‏عن ‏ ‏همام ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏
‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏خلق الله ‏ ‏آدم ‏ ‏وطوله ستون ذراعا ثم قال اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة ‏ ‏آدم ‏ ‏فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن. صحيح البخاري: حديث رقم 3079: موقع الإسلام

(20) خميس بشرق الأرض والغرب زحفه وفي أذن الجوزاء منه زمازم.

(21) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا {21} وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا {الفجر/22}

(22) ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن منهال ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يزيد بن زريع ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عمر بن محمد بن زيد ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب وكان ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه (البخاري)

(23) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ {الحجر/18}

إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ {الصافات/10}

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا {الجن/9}

(24) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ {الرحمن/33}

(25) ففاضت دموع العين مني صبابة على النحر حتى بل دمعي محملي

(26) إنظر كتاب إبن الجوزي :بستان الواعظين ورياض السامعين 24، 25،26 ويتحدث فيه عن كيفية موت الملائكة جبريل، ميكائيل، إسرافيل، وملاك الموت نفسه.

(27) قالت أم سلمة زوج محمد بن عبدالله: خرجنا مع رسول الله إلى الطائف، وكان مع رسول الله مولى لخالته فاختة بنت عمرو بن مخزوم، مخنث يقال له مانع يكون في بيوته، لما يرى رسول الله أنه لا يفطن لشئ من أمر النساء مما يفطن له الرجال ولا يرى أن له في ذلك إربة. فسمعه رسول الله يقول لخالد بن الوليد أو لعبد الله بن أبي أمية: إن افتتح رسول الله الطائف غدا فلا تفلتن منك بادية (أو بادنة) بنت غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فإذا جلست تثنت، وإذا تكلمت غنت، وإن قامت ارتجت، وبين رجليها مثل الإناء المكفو، مع ثغر كأنه الأقحوان. فسمع ذلك رسول الله فقال: لا أرى هذا يفطن لما اسمع، لا يدخلن على نساء بني عبد المطلب. جلال الدين السيوطي: شقائق الإترنج في رقائق الغنج، صفحة 59. والطريف في هذا أن الحملة على الطائف كانت لنشر الإسلام ورفع شأنه مع الوعد الإلهي الصريح أن الشهداء سيحصلون جوائزهم من الحور العين في الجنة ولكن هذا القصة تعطي قبسا لما كان يحصل عليه الرجال الذين لا يقتلون في المعركة من سبي وما كانوا يفعلون بهذا السبي. والمثال الأشهر من هذه القصة هو مثال حديث العزل:. خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبيا من سبي العرب، فاشتهينا النساء، فاشتدت علينا العزبة، وأحببنا العزل، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة). صحيح البخاري. والعزل هنا أن لا يقذف الرجل في فرج المرأة منعا للحبل وكان أبو سعيد الخدري يسأل الرسول عن رغبتهم في العزل أثناء غصب السبي لأنهن إن حبلن فإن أسعارهن في السوق ستهبط.

(28) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ {النمل/20} لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ {النمل/21}

(29) سيصلب من حبه للآخرين، سيرأ الأعمى، ويبعث من قرار الموت ميتا هده التعب، من السفر الطويل إلى ظلام الموت يكسو عظمه اللحما، الشناشيل: بدر شاكر السياب

(30) عن ابن عباس أن رجلاً أتى عمر فقال: إن امرأة جاءتني تبايعني فأدخلتها الدولج فأصبت منها كل شيء إلا الجماع فقال: ويحك بعلها مغيب في سبيل الله؟ قلت: أجل قال: ائت أبا بكر فقال ما قال لعمر ورد عليه مثل ذلك وقال: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مثل ما قال لأبي بكر وعمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلها مغيب في سبيل الله؟ فقال: نعم فسكت عنه ونزل القرآن (أَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيَ النَهارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَيِّئاتِ) فقال الرجل: ألي خاصة يا رسول الله أم للناس عامة فضرب عمر صدره وقال: لا ولا نعمة عين ولكن للناس عامة فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: صدق عمر.
عن معاذ بن جبل أنه كان قاعداً عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له فلم يدع شيئاً يصيبه الرجل من امرأته إلا قد أصابه منها إلا أنه لم يجامعها فقال: توضأ وضوءاً حسناً ثم قم فصل قال: فأنزل الله تعالى هذه الآية (أَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَهارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ) إلى آخرها فقال معاذ بن جبل: أهي له أم للمسلمين عامة فقال: بل هي للمسلمين عامة.
عن ابن مسعود أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أصبت من امرأة غير أني لم آتها فأنزل الله تعالى (أَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَهارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَيِّئاتِ). أسباب النزول، الواحدي، سورة هود صفحة 187

(31) من شناشيل إبنة الجلبي، بدر شاكر السياب.

(32) نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم

(33) وحليل غانية تركت مجدلا تمكو فريصته كشدق الأعلم (عنتر)

إن ابتليتم فاستتروا (حديث محمدي)(34)

(35) خلافا لما تدعي الكتب المتداولة حاليا (إنظر مثلا كتاب البداية والنهاية لإبن الأثير) من أن الجناحين مثبتين في وركي البراق فقد رأيت بأم عينى أنهما مثبتين فوق الكتفين الدابويين. ومما يدل على دقة وصفي أن التوازن في الطيران سيكون مستحيلا حسب الرواية المتدوالة.

(36) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ {يس/69}

(37) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ {21} لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ {ق/22}

(38) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ {25} سَأُصْلِيهِ سَقَرَ {26} وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ {27} لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ {28} لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ {29} عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ{المدثر/30}. الأغلب أن رقم تسعة عشر أخذ من دون فهم بمغزاه من اليهود. فهم يتبعون دورة مكونة من تسعة عشر عاما يضيفون فيها سبعة أعوام كل منها يحوي ثلاث عشر شهرا قمريا وبهذا يحافظون على توازن دقيق بين السنة الشمسية والقمرية.

(39) وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {آل عمران/54}

(40) تفسر كلمة "رفث" على أنه فعل النكاح نفسه أو الكلام عن النكاح بين الجنسين أو المثير للنكاح أثناء فعله. أنظر جلال الدين السيوطي.

(41) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى {النجم/27}

(42) وهل أنا إلا سمهري حملته فزين معروضا وراع مسددا، المتنبي، وسمهرة إسم مدينة في الهند اشتهرت بصناعة الرماح.

(43) خلق الإنسان من طين والملائكة من نور والجن من نار. أي أن الجن خليط من الإنس والملائكة لأن النار عبارة عن "طين" مشع للضوء حسب علوم بني الأصفر.

(44) أكر هنا حديث العزل بعد غزوة بني المصطلق.

(45) في قصة داحس والغبراء يقوم صاحب الغبراء "بدحس" يده في فرج فرسه ليمنعها من الحبل، ولكنها تحبل على أي حال ويسمي المهر الوليد داحس.

(46) إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء {35} فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا {36} عُرُبًا أَتْرَابًا {الواقعة/37} و"العُرُب" من التعرب، وهي أن تتودد المرأة إغراء للرجل جلبا للنكاح أو أثنائه لزيادة إثارته.

لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا {31} حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا {} وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا {النبأ/33} الكواعب هي الأثداء.

(47) ورد في الحديث أن من حافظ على الصلاة أكرمه الله بخمس خصال. يرفع عنه ضيق العيش ، و عذاب القبر ، ويعطيه الله كتابه بيمينه، و يمر على الصراط كالبرق ، و يدخل الجنة بغير حساب. ومن تهاون عن الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة ، خمسة في الدنيا و ثلاثة عند الموت و ثلاث في قبره و ثلاث عند خروجه من القبر. فأما اللواتي في الدنيا فالأولى تنزع البركة من عمره ، و والثانية تمحي سيما الصالحين من وجهه و الثالثة كل عمل يعمله لا يأجره الله عليه ، و الرابعة لا يرفع له دعاء إلى السماء و الخامسة ليس له حظ في دعاء الصالحين.

وأما التي تصيبه عند الموت فانه يموت ذليلا ، و الثانية يموت جائعا و الثالثة يموت عطشانا و لو سقى بحار الدنيا ما روى من عطشه. وأما التي تصيبه في قبره فالأولى يضيق عليه القبر حتى تختلف أضلاعه ، و الثانية يوقد عليه القبر نارا فيتقلب على الجمر ليلا نهارا ، و الثالثة يسلط عليه في قبره ثعبان أسمه الشجاع الأقرع عيناه من نار و أظفاره من حديد طول كل ظفر مسيرة يوم يكلم الميت فيقول : أنا الشجاع الأقرع و صوته مثل الرعد القاصف يقول : أمرني ربك أن أضربك على تضييع صلاة الصبح إلى بعد طلوع الشمس و أضربك على تضييع صلاة الظهر إلى العصر و أضربك على تضييع صلاة العصر إلى المغرب و أضربك على تضييع صلاة المغرب إلى العشاء و أضربك على تضييع صلاة العشاء إلى الفجر. فكلما ضربه ضربة يغوص في الأرض سبعين ذراعا فلا يزال في القبر معذبا إلى يوم القيامة. وأما التي تصيبه عند خروجه من القبر في موقف القيامة فشدة الحساب و سخط الرب و دخول النار.

(48) وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {25} قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ {26} وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ {27} فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ {يوسف/28}

(49) يقول أحد شيوخ الكاسيتات أن عقارب النار تلدغ الناس ويكون سمها بكميات تملأ قلل هجر وقد حسب وطرح هذا الشيخ واكتشف أن كمية السم هذه تبلغ ستة عشر طنا. (أدخل نص الحديث هنا)

(50) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ {يوسف/28}

ليست هناك تعليقات:

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية