الثلاثاء، يونيو 29، 2010

دليل قراءة المدونة

دليل قراءة المدونة

إن أهم أسباب نجاح الدين وإنتشاره في العالم، هو الحل البسيط والشعبوي الذي يقدمه لإشكالية وجود الفرد الأساسية في هذا الكون، وهي مسألة الموت ، وما يترتب عليها من مسائل أخرى في غاية الأهمية ومنها مسألة معنى الحياة ، والغرض منها. ومن أكثر الأمور التي عابني عليها أصدقائي ، من الدينيين بشكل خاص، ومن بعض اللادينيين، هو تهميشي لنظرة الإسلام لهذه الإشكالية التي تحرك أشد العواطف في النفس الإنسانية وأقساها على التحمل. ومن تجربتي الخاصة في الحياة ، فإني أعلم جيدا أن الهم الناتج من التفكير في حتمية موت النفس الإنسانية يكون أقصى ما يكون عندما يتعلق الأمر بأكثر المقربين إلي وأهمهم أطفالي الأربعة ثم والدي. ولا شك أني عانيت كثيرا، ولا زلت ، من نظرتي لهذا الكون الموحش والمأساوي والذي أراه من قناعة لا تعترف أو تصدق باستمرار الحياة وديمومتها بعد الموت. 

لهذا فإني أدرك أن تبسيط رؤية المسلمين وتعميمها في بعض مقالات هذه المدونة ، وتمثيلها بأنها لا تتعدى الحلم بالشهوات والملذات في الجنة ، يصّعِبُ جدا من المهمة التي أتخذتها لنفسي ، وهي القيام بواجبي في تنوير شعبي ومحاولة المساهمة في تقدمه. وينبع تنطعي لهذه المهمة من قناعتي الراسخة - والمبنية على دراسة طالت عمري الواعي كله - أن الفكر الإسلامي هو أساس تخلفنا الشامل. ولهذا ومع أني أكتب وأنا مليئ بالأسى لما ينتج عن كتاباتي من ألم عند من أحب من أبناء شعبي، فإني أرى أن ما أقوم به هو واجب "مقدس" ، يفرضه علي ما أراه وما ألمسه من معاناة يومية ، تتمثل في الأحتلال الأجنبي والإستبداد المحلي والتقاعس الشعبي. 

وكم أتخيل برعب شديد كيف سيكون شعور والدي وموقف أصدقائي المتدينيين مني إن هم عرفوا بما أفكر وبما أكتب . ومع أن جميع المقربين إلي يعرفون أني غير متدين وأني لا ألتزم بالطقوس الإسلامية مطلقا، إلا أني في "حياتي الحقيقية" أتجنب ما استطعت مواجهة المسلمين وفضح الإسلام كما أفضحه في هذه المدونة. وهذا الموقف ، والذي قد يعتبره الكثير نفاقا وجبنا، يمثل الجحيم بعينها في حياتي، ويمزقني في كل لحظة، إلا أني أعرف جيدا ما الذي سيحل بي ، وأهم من ذلك ما سيحل بأحبتي إن أنا "خرجت" وواجهت الملأ بما يعتمر في صدري عن حقيقة الإسلام كما أراها. 

بالطبع ، فإني واثق من رأيي أن الإسلام على المستوى الشعبوي مذنب أكثر مني في ابتذال الإجابة على مسألة الموت ، فهو يجعل حلها قائما على القيام بطقوس آلية هدفها تخدير الفرد ورده عن التفكير العقلاني ، وربما أهم من ذلك قولبة تفكيره الروحي ، والقبول بأمره الواقع المتمثل بحتمية الموت، مقابل برمجته بأمل زائف في الخلود المبني على جني الملذات الحسية من أكل وشراب ومتعة جنسية تجنى بعد الموت في الجنة، هذا إضافة إلى تبعات هذا الحل من نظرة  ذكورية رخيصة للجنس والنساء، ولكني أعلم جيدا أن هذا الموقف، أي موقفي في بعض مقالاتي التي تبسط المسألة، قد يبدو وأنه يتناسى أن هناك إرث فكري إسلامي كبير يترفع عن هذه النظرة . وحقيقة الأمر أني أعلم جيدا أن الإسلام كيف نفسه عبر القرون  للإجابة على إشكالية الموت على كافة المستويات ، من إجابات بسيطة شعبوية في أدنى السلم الفكري كما يتمثل بالقرآن والحديث، إلى إجابات كلامية وفلسفية معقدة ، يعتمدها النخبة أو من يسميهم أبو حامد الغزالي بالخاصة، وبين هذين القطبين يوجد طيف متشعب من الآراء يستطيع المسلم أن يجد فيه مبتغاه مما يرضي نفسه وقدراته الفكرية.

ولهذا فإني أرى أن الإجابة في بعض مقالاتي على الإرث الإسلامي الشعبوي البسيط، والمنتشر بين الأغلبية الساحقة من المسلمين ، بمثل أسلوبه وفكره ، هو واجب مشروع للنفاذ لعقول "العامة" ، ولكني أحب أن يعرف القارئ أني لا أنسى ، وكما تدل مقالاتي الجادة في هذه المدونة ، أنني أعي أننا كلادينيين نجابه أيضا إرثا فكريا عصيا ، بني على مدار قرون عديدة من بعد "تنزيل" القرآن وتدوين الحديث، من قبل بعض أعتى العقول التي عرفتها البشرية، خصوصا وأن هذا الفكر يرتكز بقوة على الفكر العالمي الغيبي والسائد بين مختلف الأديان.

لقد أدت الظروف السياسية والإجتماعية التي سمحت للإسلام بالسيادة على كم كبير من البشر إلى نشوء الفكر الإسلامي النظري الذي (أجبر على) تبنى  سذاجة القرآن والحديث كقاعدة له، ولا يسمح المجال في هذا المقال القصير أن نتوسع في شرح اسباب هذا التبني، ولكن يكفي أن نقول أن الإسلام منذ ظهورة بني على العنف والإستبداد والقهر، فلم يسمح إلا بسيادة هذا الفكر وانتشاره ، ونزيد القول أن هذا القمع أتى كخليط قمع من الأعلى نفذته الطبقات الحاكمة بتحالف مع القمع الأسفل والصاعد من العامة ، فنتج من ذلك فكر لا منطقي يسمح بقبول الشيئ ونقيضه معا ، وأدت هالة العلم النظرية هذه بدورها إلى ترسخ الفكر الشعبوي الخرافي المبتذل، والذي ما زال يسود طبقات شعبنا بحيث يتربى عليه أطفالنا ويتمكن من عقولهم من قبل أن تتاح لهم فرصة التدريب على الفكر المنطقي العلمي.

لهذا فإني أرجو من القارئ العزيز لهذه المدونة، سواء أكان لادينيا أم كان مسلما، أن يتفهم أن المقالات الساخرة في هذا الموقع ، تحاول أن ترد على الفكر الشعبوي الإسلامي المبتذل ، والمتواجد في القرآن والسنة، بطريقة أحاول أن أجعلها سائغة سهلة وبعيدة عن الفكر الفسلفي الذي لا يقرأه إلا ما ندر من المتخصصين والمفكرين. وأنا أسمح لنفسي بهذا الإسلوب، ليس لأني أقصد عدم الإحترام أو إهانة القارئ شخصيا، ولكني أنطلق من مقولة أن الدين حق عام ، يفترض أن يسمح بنقده بأي طريقة كانت، خصوصا وأن الإسلام، يحوي الكثير في خطابه الرسمي لهذا النوع من نقد الآخرين كما يتمثل في قصة إبراهيم مع قومه ، وكما يتمثل في تسفيه محمد لدين قبيلته وتهديده لهم بأصناف العذاب الوحشي: (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (لأعراف:176) 

ومن دراسة سريعة لإحصائيات زيارات الموقع والتي يقدمها غوغل الجليل ، وجدت أن أكثر المقالات قراءة ، سواء في عدد الزيارات أم في مدة القراءة ، هي المقالات الساخرة القصيرة، وأن أقل المقالات قراءة ، هي المقالات العلمية التي أحاول فيها الرد على فضائح الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. وهذا يشير بطريقة، ولو غير وثيقة ، أن مقالاتي الساخرة لها أثر أكبر في النفوس، مع إعترافي بتواضع هذا التأثير، وعزائي في نجاح مدونتي المتواضع والذي كنت أصبو لها أن تكون أكثر تقبلا وانتشارا، هو أني على ثغرة من ثغر العرب، وأني أحاول جاهدا ألا يؤتين فيها من قبلي!

سأغطي لاحقا في هذه الصفحة المواضيع التالية ، وحسب توفر الوقت والطاقة:

  1. قناعتي الخاصة عن محمد

  2. نظرتي إلى التاريخ الإسلامي المبكر

  3. لماذا تقمصت شخصية أبي لهب

  4. حقيقة موقفي من "الإيمان" بخالق لهذا الكون

هناك 9 تعليقات:

Godless يقول...

بوركت يدك ابا لهب وامرأتك الطباخة على الحطب

rai يقول...

قد بحت بما يجول بخاطري في احد المرات في مدونتي بنفس موضوعك , فهو شائك بين النفاق وبين الخوف والكذب وايضا بالذكاء والحيلة وهذا مايجعل من الكثيرين ان ينتقدوا مايحصل او يباركوا للوضع حتى انهم ايضا قد يخبروني بانهم ايضا يعملون بنفس الطريقة التي اتبعها , حتى اكتشفت بانها هي الطريقة الناجحة في الوطن العربي الدكتاتوري حيث انها تعتبر فشلا ذريعا في العالم الغربي الحر .

بوركت عزيزي
وعودة موفقة

Abu Lahab يقول...

العزيزين Godless Saudi, Rai

لكما امتناني على الزيارة والتعليق. وإنشاءت العزى سأقوم بتجديد روابط المدونة لتضم روابط لمدونتكما الرائعتين.

أجمل التحيات
عبد العزى

مايكل القرشي يقول...

أحسنت، فالسخرية قد تكون الوسيلة الأنسب لإيصال الأفكار لأكبر شريحة ممكنة

مدونة شيقة سأبدأ بقرائتها

Abu Lahab يقول...

أهلا وسهلا حبيبي مايكل،

إن كنت من قريش، فأنت منا وإلينا، قدرتنا العزى على خدمتك

إبن من أخوتي الكرام؟

أطيب التحيات
والدكم عبد العزى

غير معرف يقول...

كلمات صادقة

candide l'ingénu يقول...

Je partage ta peine que tu ressens chaque jour en voyant les etres les plus chers dans ta vie croire à ses conneries, mais au moins toi tu la chance d'etre non pratiquant sans que personne ne te dérange,il ya des pays ou il est intolerable de rater une seule priere ou on est obligé de participer à ces conneries

غير معرف يقول...

ساقوم بقراءة جدية لمدونتك، شكرا لك على جهدك الثمين و تقبل مني خالص التحية.

Abu Lahab يقول...

شكرا ولك أجمل تحياتي
عبد العزى

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية