الجمعة، أبريل 25، 2008

سورة كثيب الوفود

سورة كثيب الوفود

بســــــمك اللــــــهم

أشار لنا حراس محسوم طيار من جهاز الملائكة الصاعقية، وكانت مدججة بالسلاح الشهبي حتى أسنانها الملائكية، عند أبواب السماء الدنيا بالإستمرار في الطيران دون تفتيش، وبعد أن قطعنا الممر الفاصل بين الجنة والنار، الجنة على اليمين وجهنم على اليسار، استمرينا في الطيران إلى جنة المأوى ومن ثم نحو مركزها إلى سدرة المنتهى، ودون حادث يذكر ، عدا ملاحظتي أن كل صراط مررنا به كان خاليا بالتمام من أي حركة مرور من الأبرقة الطائرة، كانت كلها واقفة ساكنة ترف بجنحها على جانب الممرات السمائية، تنظر إلينا ونحن نحلق فوقها والقلق والحزن باد على وجوهها.

حلق بنا جبريل فوق باحة سدرة المنتهى التي كانت الآن مضائة وكأن النهار يغشاها ولكن بدون أي مصدر ظاهر للضياء، ولعجبي الشديد بدت الباحة شاسعة جدا، فسرت ذلك في نفسي أني كنت مضطربا في المثول الأول بين يدي الله، وأني كنت مريضا، هائم الفكر بتناسيم ولهذا فاتني هذا التفصيل الواضح للعيان، إلا أن شيئا في نفسي ظل يقول أنها وسعت لغرض ما. وصلنا جميعا بعد طيران استغرق ساعتين إلى منصة كثيب الوفود، هكذا سماه أبومشعل عندما حططنا عليه. مال علي برأسه إلى الخلف وقال: لا بد أن شخصية كونية مهمة ستنضم إلينا لاحقا، والله إني لم أسمع من قبل أن إنسانا وضع قدمه على ظهر هذا الكثيب من أيام والدكم آدم. نظرت حولي وقدرت أن جبريل حط بنا في المرة الأولى في مكان سحيق البعد من هذا الكثيب والذي يكاد أن يقع تحت ظلال الشجرة الباسقة ذاتها.

من هذه الزاوية، بدت سدرة المنتهى مترهلة كالعرجون القديم لشدة نحلها وبؤسها. وبسبب القرب الشديد منها، لفحتني موجة ساحقة من الحزن والأسى، زاد منها أنا كنا قاب قوسين أو أدنى من تفاصيل القدم السحيق الذي كان يشمل السدرة وكل ما حولها بضباب رصاصي أسود قاتم.

وما أن دعسنا بأقدامنا على سطح الكثيب، حتى تبين لي أنه ليس إلا كومة كبيرة من الجواهر الماسية والزبرجدية والياقوتية واللؤلؤلية، أي منها خير من الدنيا وما فيها. كان شكله هرميا ولكن أعلاه مسطحا بمساحة لا تزيد كثيرا عن سبعين ذراعا طولا وعرضا، وينساب من هذا الإرتفاع نحو سهل جنة المأوى من اتجاهاته الأربع وبعلو بيت الله الحرام في مكة. مدد جبريل جثة محمد الهامدة أسفل منا عند قاعدة الكثيب، بيننا وبين شجرة سدرة المنتهى. تبعته إلى السهل الواصل بيننا وبين السدرة وانحنيت متظاهرا بمساعدته، وملأت جيبي بحفنة من الجواهر، أي منها خير من الدنيا وما فيها. رآني جبريل ولم يهتم ورآني أبو مشعل فقال لي بعد أن صعدت رجوعا لأقف بجانبه: لن تسمح لنا حرس الملائكة بعبور حاجز جنة المأوى في رحلة العودة، وهذه الحجارة في جيبك وحتى لو هربتها عبر الحاجز الأول فلا تنس أن هناك ستة حواجز أخرى. أبتسم بخبث ثم قال: يقال أنها قيمة جدا عندكم وتستعملها إناثكم للزينة. وأستأنف وقد اتسعت ابتسامته: ولكن إناث الملائكة تستعملها هنا لأغراض أخرى. أخرجتها جميعا إلا ماسة بحجم قبضة يدي، خبأتها وقلت هامسا لنفسي واللات إن هربتها إلى مكة لأقودن قريش لتحكم الأرض، قال جبريل وقد سمعني: ستحكم قريش الأرض ولكن ليس تحت لوائك يا أبا جهنم.


ليست هناك تعليقات:

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية