الأحد، نوفمبر 04، 2007

محمد والأنصار - المدحلة


هذا الضيف الثقيل: محمد والأنصار

الحلقة الثانية

المــــدحلة

في جحري في الدرك الأسفل من وادي هبهب ، تتحول ذرات جسدي إلى بلازما فوارة على درجة حرارة تبلغ الملايين ، سواء أقستها بالميزان المؤي أو الفهرنهايتي أو الكلفني. ولكن بسبب النفي المُقدر لملاك الموت عزرائييل من جهنم ، فإن سكان هذه المفازة الرهيبة ، يظلوا معلقين بين الحياة والموت ، حتى يحق فيهم وعد الله بالحسرة والألم ، بما كــتبت لهم من فنون النكال والتعذيب منذ بَدأَ الأزل.  

ويتكون جحري من اسطوانة يزيد طولها عن المسافة من مكة إلى جدة ، وقطرها من مكة إلى الطائف ، جدرانها من النحاس السميك المَسْقي بالمشيئة الإلهية ، والتي تجعلها تتحمل درجات الحرارة الجهنمية ، والمُقدرة لعذابنا حسب قوانين اللوح المحفوظ الأبدية . وتـُغلف جدرانها من الداخل بمغاطيس قوية الجاذبية، غرضها فصل إلكترونات بلازما جسدي السالبة عن أنوية ذراتها الموجبة ، للزيادة في هول العذاب وإيصال منتهى الشجن.

وفي مساء كل إثنين ، وقبل أن تنزل الشمس من فوق الجنة  ، لتنطفئ أضوائها ، وتنقطع الأشعة من أوصالها، لتنام في عينها الحمئة  في قعر وادي هبهب ، يسحلني جلاوزة مالك من غرفتي في لوكاندا حمالة الحطب ، المشرفة على شفا هاوية هبهب ، بالكالاليب المغروسة في عيني وخصيتي ، على صراط متعرج شديد الإلتواء ، مغطى بالإسلاك الشائكة المسمومة بالغسلين ، إلى أن يصلوا بي إلى هاوية الوادي الرهيب . وعند الحافة يدخلوا خرطوما طويلا في أستي ، ويبدأوا في ضخ  خلايا الأعصاب بمضخات كبيرة حتى ينتفخ جسمي بسائر اعضائه ، ويصبح أعظم بسبع مائة مرة من جبل ثور، فأقع على ظهري كفحل الأبل المنفوخ من الموت وقيظ الصحراء لا أستطيع الحراك ، وتتوزع خلايا الأعصاب المضخوخة بنظام دقيق، يجعل من مرور نسمة الريح على جلدي، كوقع سبعين ألف ألف سوط.  يحضر بعدها الملائكة رافعة عملاقة ، فتغرس في جسدي المنفخوخ كلاليب محمية، ويرفعوني بها ليحشوني حشوا بطرقات مقامع حديدية عملاقة  في  إسطوانتي التي تصبح شديدة الضيق بالنسبة لجسمي العملاق العريض ، ثم يضيفوا ما تيسر لهم من دلاء من الغسلين، ويحكموا بعد ذلك أغلاقها بلحام الاوكسجين ، حتى لا يفقد جسمي أي ذرة من مكوناته عن طريق التبخر أو الإنشطار أو الإلتحام النوويين ، ويلقوا بي نحو درك الجحيم الأسفل حيث تشتد هذه التفاعلات. وكثيرا ما كنت أدعو الله أثناء تدحرجي المؤلم على سفح الهوة ، أن تتعلق إسطوانتي في أحدى الصخور الناتئة في مسيرها نحو القعر البعيد – وكانت تستجيب لي ، حسب مزاجها، من وقت لآخر –  حتى يضطر الملائكة للنزول لقذفها إلى أسفل السافلين من جديد ، وكان أنينهم المكتوم من آلام الحرارة الجهنمية يثلج صدري بالرغم من هول حرارة الجحيم، وفي نفس الوقت يرفع بعض السأم عن الله سبحانها وتعالت والقابعة في سدرة المنتهى في مأواها في الجنة العلى.

أثناء الحالة البلازمية التي كنت أبلغها في جحري في بقية أيام الأسبوع ، كان يتبقى في كياني شئ من الوعي يتطلع شوقا لقضاء يوم الإثنين في لوكاندا حمالة الحطب ، حيث الزقوم الحامي والماء الغالي وعباءة الخيش الخشن والمنقوع لآزال ودهور في القطران الهاري ، وزاد هذا الشوق بعد أن عادت "حرارة" الصداقة وعمق الصفاء بيني وبين الخزرجي عبد الله إبن إبي إبن سلول.

وقبل غروب الشمس من فوق الجنة بثوان ، من مساء ذلك الأحد ، أحست ذرات أعصابي المتأينة أن الرافعة العملاقة بدأت ترفع جحري الإسطواني إلى الأعلى نحو حافة الهاوية ، فغمر روحي المنتشرة في أرجاء الأسطوانة الحديدية شعور بالفرحة الشديدة  مما زاد لحظيا من ارتفاع حرارة بلازمتي ، فاهتزت أيوناتي المثارة برنين متناسق ، فشع منها ضوء أخضر أراح نفسي وروحي إلى حد كبير.

وعند وصولي لحافة وادي هبهب ، غطـَّس الملائكة جحري الأسطواني النحاسي في بحيرة خمير الصقيع الغساقي  الشاسعة للسماح لذرات جسمي الأساسية بالتجمع لتكويني مرة أخرى ببنيتي الإنسانية الأرضية ، وبعد ساعتين من التبريد ، وكانت هاتين الساعتين مسروقتين ظلما من فترة إجازتي الأسبوعية ، نسفت قوات الضفادع الملائكية  باب جحري النحاسي بالمتفجرات البلاستيكية، فاندفع من الهوة المفتوحة فيض القيح والصديد الناتج من خلايا الأعصاب المستهلكة التي نفخت بها في الأسبوع الماضي ، وسالت كلها في البحيرة ، وكاد السيل أن يجرفني معه ، فغرزت أصابعي بين مغناطيسين وأخذت أنظر إلى القيح السائل والصديد الفائر وأنا أعلم أني لا بد ذائـقهما مرة أخرى بعد أن يتم تصنيعهما إما إلى سم غسليني ، أو صقيع غساقي.  

وخرجت من الإسطوانة بحجمي الإنساني ، الذي كنت عليه في مكة ، عاريا كما ولدتني أمي ، أترنح من درجة حرارة جسمي التي بردت حتى وصلت الألفين ، وما أن وصلت الى حافة أرض باحة اللوكاندة الشاسعة ، حتى بادرني أحد الملائكة بدلو طازج من الغساق ، فتفاعلت برودته الشديدة ونـتـنه المسعور مع جسمي الهائل الحرارة ، فانسلخ كل جلدي ولحمي عن عظامي وسقطا إلى كعبي ، فأخذت أمشي هيكلا عظميا عاريا من كسوته من اللحم وأنا أتعثر بكومة أشلائي بين قدمي ، وكأنها الثوب البالي سقط عن جسمي ، وأخذت أجر من خلفي أمعائي "تطشطش" فوق الأرض الحامية ، كثعبان عصا موسى يلاحق أفاعي سحرة الفرعون المذعورة ، وكنت أضطرب في مشيتي وأنا أجاهد للحفاظ على عيني في محجريهما من السقوط.

عندما وصلت إلى منتصف الباحة الفولاذية المصقولة أمام نُُزل حمالة الحطب ، وجدت إبن سلول جالس على آية من آلات التعذيب ، تمثلت بخازوق رهيب مصنوع من الفولاذ الصدئ المبروم والمغلف بطبقة من الإسلاك الشائكة والشفار المرهفة ، وكان هذا الخازوق في لحظة وصولي قد نفذ من بين عظام حوضه وتسلق معدته وصدره الفارغين من الاحشاء ثاقبا فقرات رقبته صاعدا حتى خرج من محجر عينه اليمنى. بالرغم من ذلك كان صاحبي يتظاهر بالراحة والإنسجام ، ويكــتم صراخه ببطولة لا يعرفها الإنس والجان ، خوفا من شماتة ملائكة العذاب. وكان جلده ولحمه وأحشائه ورئيته وقلبه وكبده هو الأخر منتشرة من غير نظام على الأرض بين عظام قدميه ، وخصيتيه المنتفختين وكرة عينه اليمنى – التي أسقتطها خوزقة الخازوق –  تتقافز بين الكل كأنها فراخ دجاجة تحوم حول رجلي أمها. وانتصبت بيني وبينه منضدة ثقيلة من خشب الزيتون المشتعل بنار زهرية خلابة المنظر جنهمية الحرارة ، ومن خلفه ربضت لوكاندا حمالة الحطب متحدبة كضبعة نامت لتهضم فريستها.

قال لي ملاك العذاب المكلف بنقلي بخبث وعلى شق فمه تكشيرة حسبها ابتسامة : لقد أمر سمو أمير اللوكاندا أن نقيم لكما حفلة انبساط قبل الدخول إلى ، حفرتيكما ، عفوا غرفتيكما!

قلت بتحد وقد حدست ما قد تعنيه كلمتي "حفلة انبساط" في هذا المقام: لا أريد أن أحتفل، فإنا أتطلع إلى نيل حقي المكتوب في حمام من حميم ، حتى أطهر جلدي ولحمي من آثار نتن الغساق والغسلين اللعين.

قال والشرر النوراني يتطاير من عينيه كالبرق وهو يهز ذراعه مهددا بسلاحه الفردي – من طراز دبوس أبو مسامير – بصوت من هدرت كرامته: وتلعن الغسلين يا ذميم وهو إبداع الله العليم ؟ تفضل وإجلس على خازوقك قبالة سيد المنافقين!

لم يكن هناك حاجة للمشي إلى خازوقي الصدئ المبروم ، والمزخرف مثل خازوق إبن سلول بالأسلاك الشائكة ، فقد حملني إثنان من الجلاوزة الملائكية على الأكتاف وأجلساني عليه بدقة متناهية. في البدء حملا هيكلي العظمي المعرى ، فانزلق من بين عظام حوضي مقرقعا، ثم ثقب سلسلة عمودي الفقري حتى تخلل كل فقراتها ملامسا حبلي الشوكي إلى أن نفذ من سقف جمجمتي، في الحال سرت حربة من الألم اشتعلت من مكة حتى الجوزاء تنخر في روحي الطافية فوق أشلائي . إنضم إليهما بعدها عدد آخر من الملائكة الذين ركضوا نحو أحشائي المنتشرة على الأرض بمرح ولعبنة، والتقطوا ببهجة وفرح ، قلبي وكبدي ورئتي وخصيتي من الأرض ، وغرسوها بعناية وفن عجيب ، العضو فوق الآخر في نصل الخازوق البارز من فوق رأسي ، فاستقرت فوق جمجمتي كأنها قطع لحمة  منضدة في سيخ شواء.

وقف عندها أمير هيئة تعذيبي وهو ينظر إلي بشقاوة وعلى ثقب فمه أبتسامة شماتة كريهة، وبعد أن نقل نظراته بين أشلائي واشلاء إبن سلول، تفتقت في عقله الفوتوني الصغير فكرة أضائت وجهه الملائكي فرحا، فهرول نحو ما تبقى من أشلائي فوق أرض الساحة ، والتقط مصراني الغليظ وألبسه بحركة مسرحية من ناحية أستي في قمة الخازوق ، وبعد أن سحبه إلى الأسفل وتأكد أن الأسلاك الشائكة نفذت منه لتثبته في مكانه ، تراجع وهو يتلوى من الضحك ، ثم تناول معدتي وسحبها ومن خلفها أمعائي إلى بقعة من الساحة ، إحمرت من شدة حرارتها، ووضعها فوقها. بعد لحظات تمددت غازات هضيم الزقوم نافخة معدتي كالبالون ، إلى أن أصبحت بحجم بطن فيل كبير ، ثم أخذت ترتفع في الهواء بكسل ، وطافت من فوق رأسي واستقرت عالية في الهواء يربطها بأعلى خازوقي حبل أمعائي الدقيقة.

مثل إبن سلول، ظلت بقايا جلدي وأحشائي ولحمي مرمية بين قدمي على الأرض المحمية ، وبدلا من الصراخ ، دفعت عيناي في محجريهما بأطراف عظام أصابعي وما عليها من بقايا لحم متفحم بحركة جعلتها تبدو عفوية ، وكأني أعدل عمامتي في فناء الكعبة، ثم هززت بجمجمتي ، ما مكنني الخازوق من هزه ، لإبن سلول بالتحية متظاهرا بعدم المبالاة . أغاظت هذه الحركات ملائكة التعذيب حتى الألم ، فوقف جلوزهم الأكبر ينظر إلي بعجب وهبل ، ثم إنه عاد لرشده ، فأخرج من جيبه هاتفا جوالا ، وأخذ يصرخ فيه بسرعة وصوت هستيري : "سَرَعَ ، حَطَمَ ، سَطَحَ  لَهَبَ سَلَلَ " ، وما هي إلا لحظات ، حتى خرجت من مرآب اللوكاندا مدحلة هائلة العجلات تهدر كهزيم الرعد ، وكان مكتوب على راية سوداء مثبتة فوق قمة مقصورة القيادة بالخط الكوفي العريض : الحطمة  ومن تحتها الآيات الكريمة :

كَلَّا لـيُدْهَسَنَّ بالْحُطَمَةِ {4} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ {5} مَدْحَلَةُ اللَّهِ المـــُفَغفِصَة{6}

الَّتِي تــَهرسُ الْأَفْئِدَةِ {7} إِنَّهَا عَلَيْهِم مُدَبــْْدِبَة {8} فِي عَجَلٍ مُلَـوِدَة {الهمزة/9}

وللإمعان في تثقيلها ، انتبدوا لقيادتها الملاك "دحدل" وهو وحش من الملائكة،  فاض شحمه النوراني وتهدل من نوافذ مقصورتها حتى كاد يلامس أرضية الساحة ،  وأخذت الحطمة تهدر نحونا بلؤم ، وعن قرب بدت مقصورة قيادتها المزخرفة بالسلاسل والكلاليب الصدئة كرأس ضبع حديدي. نظر إلي إبن سلول بابتسامة رعب مشوب بالفضول ، فهو مثلي لم يرى أو يسمع حتى ذلك الحين ، عن أي نوع من صنوف التعذيب استعمل فيه هذا النوع من الآلات المدحدلة.

مالبثت الحطمة أن وصلتنا بالرغم من بطأها الشديد ،  ومشت بحقد ، وعلى مهل من فوق إبن سلول ، ورأيت لحمه يصعد مع فتات عظامه وينتقل مع العجلات المحمية وهي تهدر وتدور . وفي زمن خلته دهور ، اختفت عظامه تحت عجلاتها الفولاذية الصقول ، ولم ينفعه صمته البطولي في الصبر على الألم ، فقد صرخت بالنيابة عنه عظامه بأصوات منكرة وهي تتهشم بعزم القدر.

استمرت الحطمة في السير إلى أن وصلت آخر الساحة ثم استدارت بصرير يقطع الأوصال ويخرق الآذان، وفهمت لماذا صقلت عجلاتها وأرضية الساحة بهذه الملاسة. عاد الوحش الميكانيكي يقوده الوحش الملائكي، وأخذ يسوي جسد إبن سلول بالأرض، وبعد عدد كبير من الجولات الرائحة والغادية في مختلف الإتجاهات والمسارات، التحم جسم رفيقي في رقيقة حمراء من أنسجة اللحم والدم ونخاع المخ والأعصاب ليغطي نصف مساحة ساحة حمالة الحطب الدائرية والبالغة مساحاتها مئة وأربعة وأربعين فدانا.

بعد أن عاين أمير الجلاوزة كمال نشر رقيقة إبن سلول ، أشار بيده للوحش دحدل أن يدحدل بمدحلته الحطمة نحو منضدة الزيتون ، فأقبل هذا عليها بمدحلته بنهم شديد، فطوى جذوع الخشب المشتعل تحتها بفرقعة سادية مدوية ، وظل يمخر الساحة رائحا غاديا على طول قطرها إلى أن صنع من الخشب خطا مشتعلا يفصل إبن سلول عن النصف الآخر من الساحة. عندها فهمت ما تخطط لي تلك الشياطين المتأملكة، وكما توقعت، تقدمت الحطمة نحوي كــنابغة بدينة من نابغات مكة تغنج نحو واردها ، إلى أن وصلتني ، فوجدت نفسي أسحب نحو الأرض ، أسحق وأهشم من تحت العجلات الهادرة ، والخازوق ما زال في مؤخرتي يمزق ما تبقى عالقا من أحشائي على عظامي، وأنا أصرخ وأتأوه وأشتم بأعلى صوتي ، وأتعجب من جلد إبن سلول على تحمل الألم الرهيب تحت البأس الشديد لعجلات الحديد. وبعد عدد كبير من المسارات ، حولتني الحطمة إلى رقيقة دموية أخرى تشبه رقيقة إبن سلول غطت نصف الساحة المحاذي للوكندة حمالة الحطب.

ووجه الإعجاز والإبداع في هذا الفن الطريف من المثلة والتنكيل ، أنه ينشر أعصاب الإنسي على مساحة الإثنين والسبعين فدانا من ساحة اللوكاندة ، مما يجعل حساسيتها للألم تزيد بإثنين وسبعين ألف مرة . وبعد أن أتم سلاح الهندسة الملائكي قياس سمك رقيقتينا المفروشتين ، ورضاء أمير جلاوزة الملائكة عن القياسات، جاء جلوز منهم بخرطوم غليظ ليسقي مسطحنا بوابل من الغسلين ، وأخذ يتلذذ برشه رذاذا على جسدينا المسحوقين بسادية مجنونة غرستها فيه الله المنتقمة شديدة العقاب ، والتي لا مثيل لساديتها إلا في أعالي السماء. وأخذ بعض الملائكة يتدافعون ويتشاجرون كالصبيان لينالوا حظا من متعة رشقنا بالغسلين.

وللغسلين أثر عجيب في الأمشاج البشرية ، فلأنه مصنوع من خلاصة القيح السائل من قروح المعذبين في عموم مفازات جهنم، فإنه ينشر فيمن يمس آلام الانفس التي لا تحصى والتي أفرزته من أجسامها بعد جولات المعاناة الطوال عبر بوادي الزمان. وما هي إلا لحظات بعد أن غطتنا طبقة لزجة من مخاط الغسلين ، حتى أخذت أشعر ، بحكم انتشار حواسي الواسع فوق أرض الساحة ، أن مقاومة رفيقي إبن سلول في طريقها للإنهيار .

سمعت أذني المبسوطة في أرجاء جسمه المفروش في نصف ساحة اللوكاندا ذرات بلعومه المسحوق وهو يقول لمسطح عقله : لا بد أن الإبتهال والتوبة لله ، وطلب الشفاعة من محمد سينجيني من هذا الكابوس.

نسيت آلامي لحظيا وصرخت بإذنه التي التحمت بجسدي في لقائنا السابق،  وبصوت صامت مدوي : إياك والوقوع في حبائلها وشراك محمد.

وخطر لي بما سمح به عقلي في حالة تسطحه ، أنه لا بد من الإستنفار لنجدته عن طريق تذكيره بمواقفه المبدأية من جرائم محمد ، وخرج مني برغم هول آلام تفاعلات الغسلين مع ذرات وقوارقات أعصابي: عزيزي إبن سلول ، ألا ترى  أن الغرض من عملية تسطيح عقلك هو التقليل من قدرتك على التفكير السليم؟ ركز انتباهك معي ولا تفكر إلا بالأحداث وسيرها الخطي مع الزمن وكأنك تحلق فوق مسطح يثرب بعقلك.لا تحرمني التفكير التأملي ذو العمق العظيم الذي تعودته منك.

إبن سلول بصوت خافت: أتركني وشأني يا إبن لبنى ، والله تعالت لم يحل بي ما ترى إلا من عدوانكم علينا، وكما قال مسيلمة فإن قريش لقوم يعتدون.

قلت بإصرار وكأني لم أسمعه: عزيزي أبو عبد الله ، حدثني عن أول معرفتك بمحمد  ، فقط إروي لي الاحداث ، ألا ترى أن كل الغرض من هذا العذاب أن تقع في نفس الوهم الذي قحمه محمد برؤوس قومك ، ألا ترى أنك إن صدقت به أن هذا العذاب سينتقل إلى مبتغاه في روحك؟ هل ستهديه النصر بعد هذا الصمود وهذا الإباء؟

إبن سلول وهو يبكي: يا صديقي أبا لهب ، لم تعد عندي القدرة على التحمل ، ساستسلم لهما فربما رفعا عني هذا السم الهاري ، لو توقف الأمر على آلام أهل الأرض لتحملت ، ولكنهما يضخان في مخيلتي آلام ومعاناة أهل آلاف من الكواكب!

(أبو لهب ومسطح عيونه تبكي): ويحك يا صديقي ، وويل للعرب ! من للوفاء بعدك ؟ من للإباء بعد عبد الله إبن سلول ؟ من يوفي العهود ؟ من يقف للحق ؟ بل من يبقي في وجدان أمتنا شيئا من العزة؟ من أين لنا الإنسانية من بعدك ؟ من للذراري ؟ من لجدار الكرامة الأخير؟ إياك يا ابن سلول ! إياك!

إبن سلول وقد اشعلت كلماتي العاطفية الفكر في عقله المسطح ، بالرغم من حصار قورقات الغسلين التي أخذت تتخلل الفراغ بين ألكترونات وأنوية ذرات عقله: ماذا تريدني أن أقول؟ وهل يشفي الكلام من الغسلين يا أبا لهب؟

تنفست عندها الصعداء ، فملأ الغسلين رئتي المفروشتين في العراء ، فأوشكت أن أتساقط لأسأل محمد الشفاعة ، ولكن إبن سلول أحس بدوره بذلك فصر بأسنانه لينقذني قائلا بإصرار: ما الذي تريدني أن أقول؟

(أبو لهب): السؤال الذي لا زال يحيرني يا إبن سلول هو لماذا وقعت يثرب لقمة سائغة لخرافات محمد في ظرف شهور ، بينما ظل يدعو بين ظهرانينا لثلاثة عشر عاما دون أن يتبعه من ساداتنا وعقلائنا أحد ، ولم يتبعه عندنا إلا المستعضعفون وشرذمة قليلة من رجالات قريش المهمشين والمغامرين؟

إبن سلول: عزيزي عبد العزى، قبل أن أبدأ ، فليشهد الكون أنه لم يرى رفيقين مثلنا بهذا القرب الشديد وهذه الصداقة الحميمة. عفوا لا داعي لهذه الكلمة تحت وقع الغسلين. ولكن يا عزيزي يثرب لم تقع كما قلت لقمة سائغة له في بضعة شهور! صحيح أن نجاحه في البدء بيننا فاق نجاحه عندكم بكثير ، ولكن كثير منا ظلوا واقفين شوكة في حلقه حتى وافهم الأجل.

كنت أعلم أن ما يقوله صحيح ، ولكني في سبيل الحفاظ على عقله المفرود تحت لفح الغسلين الماحق قلت مبالغا: إذن أشرح لي كيف حدث وسطا عليكم في عقر داركم سطوة لم تعرفها العرب أو حتى أي شعب منذ بدأت الخليقة!

إبن سلول: الموضوع صعب يا أبا لهب ، ومع أنه احتل مجال تفكيري في الألف والأربعمئة عام الماضية ، فإن بعد الزمن وعذاب النار أثرا في دقة تذكري له، والآن ونحن تحت وطأة الغسلين، فإن الذاكرة عبر القرون تفقد التفصيل ويطغى عليها انتقائية الأحداث. كما أن الموضوع طويل وليس هناك متسع من الوقت لإيفائه حقه من البحث والتحليل!

(أبو لهب):  كما تعلم يا عزيزي، فالزمن ليس بذي أهمية في عالم الخلود، وتحت هذا الغسلين الهاطل يطول الزمن حتى لو كان يوما واحدا. ولا تنسى أن مدة أقامتنا هنا قد تصل لملايين السنين ، وما لم ننه اليوم يمكن بحثه مستقبلا، واسمح لي أن أذكرك أن غرضنا هنا هو الحفاظ على بعض من العقلانية تحت هذا التعذيب السادي ، فالهزيمة الحقيقية هي أن نسمح لخزعبلات محمد أن تسلبنا كرامة التفكير الحر ، وأن تصادر بذلك معجزة الحياة والوعي الكبرى! وأعتقد أنك توافقني أن الخلود في النار ، وحتى الموت الأبدي يهون إذا ما قورن بفقدان العقل.

إبن سلول بعد تردد: حسنا، لا بأس عليك يا أبا لهب، بما أنك تسألني أن أقارن رفض مكة لمحمد بقبول يثرب له ، فلا بد أن نبدأ المقارنة من الأساس.

(أبو لهب وبحماس): نعم لا بد من ذلك.

إبن سلول: يا عزيزي يثرب واحة في الصحراء ، والحد بين الصحراء والواحة واضح، فمسطح يثرب العالية ويثرب السافلة عالم والحرات المحيطة بهما من كل جهة عالم آخر، وأما بالنسبة لكم ، فمن الصعب أن تعرف أين تبدأ مكة وأين تنتهي الصحراء ، فمكة هي الصحراء عينها. وما يهمنا في هذا المقام هو أن نتذكر نقطتين: الأولى أنكم تجار وبالرغم من وهم استقراركم فقد احترفتم السفر ، أما نحن فمزارعين مقيمين أبا عن جد وعلاقتنا بالأرض غير علاقتكم. والنقطة الثانية أن أراضي مكة ذاتها كانت لمعيشتكم شيئا ثانويا ، لانها ليست إلا امتدادا للجبال المقفرة المحيطة بها ، ولولا زمزم لم يختلف المكان عن أي كتلة من تلك الصخور الجرداء. أما بالنسبة لنا فإن الأرض كانت رديف الحياة.

(أبو لهب): لقد جانبت الصواب هنا يا عزيزي ، فمكة كانت عزيزة علينا

إبن سلول: لا أشك في هذا ، فقد استخدمتوها لحلب العرب من أرزاقهم ، ولكن ما أعنيه شيئا آخر. ما أريد أن أقول أن أراضي يثرب التي يمكن زرعها كانت محدودة بالرغم من سعتها الكبيرة مقارنة بمكة. عند مجئ محمد ، كنا قد استصلحنا ما يمكن استصلاحه ، ولم يبق هناك إلا بعض من الأرض الهامشيه المكلفة الإستصلاح ثم تأتي بعدها الحرات لتحيط بنا من كل جانب إلا من الشمال حيث تبدأ الصحراء.

ولأن الأرض محدودة ، فقد كان التنافس عليها شديدا ، ولا يوجد بين كل شعوب الأرض سبب أقوى من الأختلاف على الأرض لنشر الفرقة والعدواة بين الجماعات البشرية، وفي يثرب لم تتوان أي عائلة من الوثوب على جيرانها لسلب أرضهم إن رأوا منهم وهنا. كما أن تنامي عدد العائلات الطبيعي أدى دائما إلى الخلاف والحرب بني أولاد العمومة. أما أنتم فلم يكن هناك من نزاع على الأرض إلا ما دخل تحت الفخر والعناد.

في مكة بئر ماء وحيد ، بئر زمزم ، ومن المستحيل أن تجتمع حوله أي كتلة بشرية دون أن تكون متحدة، أما عندنا في يثرب ، فأرضنا واحة ، وهذا يعني أنها تقع فوق حقل ماء جوفي يمتد بنفس مساحتها المترامية الأطراف، فأينما حفرت بئرا استخرجت مياها ، وكما تعلم يا أبا لهب ، فإن آبارنا كثيرة ومائها وفير وهي منتشرة في كل أنحاء المدينة .

صمت إبن سلول وصمت معه وقد غشت قلبي المفروش سحابة داكنة من الجزع الشديد، لم يكن ذكر الماء في جهنم بالأمر الهين، وكان غيابه شبه الكامل من النار واستبداله بالحميم المصنوع من جزيئات الماء المعدلة قد فرض على ساكنيها قانونا ضمنيا صارما بعدم ذكر الماء أو حتى التفكير به، وقد تمسك به حتى ملاكئة العذاب . بعد صمت دقائق طويلة بدت وكأنها دهور صارعت فيها صحراء بلعومي التي ثارت بعنف شبقا لطعم ماء زمزم ، تمكنت من العودة إلى مناجاة صاحبي إبن سلول محاولا ثنيه عن التكلم عن الماء.

(أبو لهب) : يبدو أن الغسلين قد أفقدك القدرة على اللتركيز ، يا عزيزي إبن سلول ، نحن نتحدث هنا عن أسباب سطوة محمد عليكم ، فما دخل تعدد الآبار وانتشارها في أرض يثرب بهذا.  

إبن سلول: صبرا يا إبن لبنى. ما أريد أن أقول أن الإعتماد البئر الواحد في مكة حتم عليكم الوحدة والتعاون ، بينما تعدد الآبار عندنا واعتمادنا على الزراعة كانت من أسباب الفرقة واكتفاء كل جماعة بأرضها ومائها. زمزم جعل من مكة حاضرة لها مركز تمثل بالبيت الحرام ، أما المدينة فقد انتشرت فيها العشائر ، كل فوق أرضها لحماية مائها ونخلها ومحاصيلها.

بطريقة لا أفهمها ، فاحت في الجو رائحة ذكر المياه والآبار، فبدأت ملائكة العذاب بالهيجان ، واستنفرت جوارحها الملائكية لإستشعار مصدر ذكر المياه على شفا وادي هبهب في قلب النار، وأحست مع إبن سلول أنها توشك أن تكتشف مناجاتنا السرية ، ودب في نفسي الرعب خوفا من أن تنهي الملائكة انسجام بسطتنا الرقيقية، ولكن بذكاءه المعتاد غير إبن سلول من مجرى حديثنا بسرعة.

إبن سلول: الحرم وما تحته في مكه فرض أن تكون مكة مدينة مركزية وبالتالي فرض على سكانها أن تكون نظاما سياسيا وعسكريا موحدا، بينما أجبرت طبيعة أراضي يثرب الزراعية إلى إنتشار سكانها واستقلالهم عن بعض. ومن دلائل استقلال عشائرنا عن بعض وتشرذمنا سياسيا وعسكريا انتشار الآطام والحصون في شتى أنحاء المدينة ة وأذكر أني عددتها مرة بأكثر من مئتين وتسعين أطما وحصنا، كل مجموعة منها مبنية لحماية قبيلة معينة فوق أرضها وآبارها. ولأثبات ما أقول أنظر تشابه بنية خيبر مع المدينة ، فمن أحداث اجتياح محمد بعد أن اشتدت شوكته نرى أن قبائلها بالرغم من تجانسها لم تتمكن من التوحد في كتلة عسكرية واحدة لقتال محمد ولكن بسبب تعدد آطامها وحصونها دافعت حصنا حصنا مما سمح لمحمد وجيشه بالإنفراد بكل حصن على حدة ، أما مكة فسقطت له دفعة واحدة ولم يكن هناك إمكانية تسمح للمتشددين ضده بالصمود في قلاعهم الخاصة.

من ناحية أخرى ، فإن تجارتكم أعطتكم استقرارا أمنيا ، ونظاما سياسيا قويا ، وطريقة اجتماعية موحدة ، وقيادة جماعية حكيمة.

(أبو لهب): هل تتكلم عن دار الندوة؟

استمر إبن سلول وكأنه لم يسمع سؤال سؤالي : لقد أجبرتكم تجارتكم على بناء نظام من التحالفات القوية على امتداد جميع خطوط التجارة وفي جميع أرجاء جزيرة العرب. وبالرغم من انقسام قريش إلى عائلات متنافسة فقد وحدها حرمان أرضها المدقع من موارد العيش في كتلة واحدة.

(أبو لهب): رويدك يا إبن سلول ، فقد كنا كنا منقسمين إلى بطون متناحرة على التجارة ، فقد سيطر الأمويون على تجارة اليمن، وكان لنا، بنو عبد المطلب، الحظ الأكبر من تجارة اليمن

إبن سلول: هذا صحيح ، ولكنك يا أبا لهب لا تستطيع أن تنكر أنه ما من قافلة خرجت من مكة أو أقبلت عليها إلا وكان لكل فرد من مكة فيها مصلحة أو تجارة. لقد كانت تجارتكم تجارة شراكة على أوسع المستويات ، فقد كان من المعتاد أن يرسل هاشمي تجارته مع قافلة يقودها المخزوميون ، أو أن يحمل أموي بضاعته على قافلة جهزها الهاشميون.

(أبو لهب): هذا صحيح ، ولا يسعني أن أقول أن شراكتي التجارية مع أنسبائي من بني أمية تشهد على قولك بالصدق.

 إبن سلول: وبهذا تشابكت المصالح وضعف الولاء للعشيرة بالولاء للمصالح الشخصية ، ووقفتك أنت شخصيا مع بني مخزوم وبني أمية ضد بني هاشم في حادث الصحيفة خير دليل على ذلك. نعم لقد جعلتكم مصالحكم التجارية صفا واحدا في مواجهة أي خطر يهدد نظام الأحلاف الذي جهدتم في بناءه سواء أكان قادما من الخارج أو من الداخل.

قلت: نعم وكانت جل خلافاتنا تحل بالحوار في دار ندوة قصي بن كلاب.

إبن سلول: وسقف نمو التجارة كان السماء، ففارس والهند والروم كانت أسواقا هائلة الحجم بالنسبة لحجم مكة ، وتستطيع أن تبتلع كل ما حلمتم أن ترموا في جوفها.

(أبو لهب مشجعا بعد نزول زخة من الغسلين لفحت مسطح إبن سلول بالشؤم والإحباط): لا يسعني إلا أن أوافقك يا عزيزي

إبن سلول بهون شديد: الأمن والإستقرار في مكة كانا مرتبطين بالأمن والإستقرار في جزيرة العرب على مستوى واسع، ولهذا كان لا بد من قيادة صارمة وعيون ساهرة على حماية ما بنيتم من معاهدات ، سواء في داخل مكة أو مع العرب خارجها.

(إبو لهب): لقد قام والدي عبد المطلب بالكثير من الجهد في هذا المجال.

إبن سلول: أعلم ذلك ، ولهذه الأسباب، رفضت أنت وجميع أخوتك أن تؤمنوا بمحمد بالرغم من كل محاولاته في استدراجكم. ولولا إهانة أبا الحكم (أبو جهل) لمحمد لما أسلم حمزة.

(أبو لهب): نعم، كان الحفاظ على وحدة قريش يصب في مصلحة الجميع.

إبن سلول: قارن هذه الحالة بوضعنا في يثرب. الأرض عندنا كانت تعني الحياة ، والأرض والماء يا عزيزي في واحات جزيرة العرب سلعة جد نادرة كانت تسيل لعاب كل قبائل العرب لها. ولهذا تقوقعت كل عائلة في أطمها لحماية نفسها وللعمل بأرضها وللعناية بمحاصيلها . ومن هذه الحقيقة ترى إن مجال نفوذنا ونشاطنا وبالتالي وعينا لم يخرج كثيرا عن حدود يثرب وحاجاتها. قد يظن البعض أن أطماع القبائل البدوية في أرضنا ومائنا كانت ستوحدنا ، ولم يفطنوا أن محدودية هذه الموارد وصراعنا الداخلي عليها أديا إلى شرذمتنا وإنهاكنا.

بعد جولة تأوهات شديدة استمر إبن سلول: سامحني يا عزيزي ، أنت تعلم من زياراتك لي في يثرب أن وضعنا كان جد مختلف عن وضعكم الموحد والمستقر في مكة . قبيل مجيئ محمد ، كنا نعاني من حروب طاحنة مريرة توجتها مأساة يوم بعاث. وكأن بحار الخصام والموت وأنهار الدم التي سالت في ذلك اليوم بين الأخوة والجيران لم تكـفي ، فخرجنا من المذبحة دون أن يحسم الوضع لأي تحالف. وعشنا بعدها لسنين طويلة لا يجرؤ الرجل حتى على التجول بعيدا عن أطمه في يثرب وحيدا خوفا على حياته ، كانت حياة كراهية ورعب متواصلين يا أبا لهب.

ولهذا فإن استضافة أحد المارقين عن مجتمع الجزيرة في بيئتنا المتناحرة المنقسمة لم بكن بالأمر الصعب ، بالعكس بإمكانك أن تتخيل أن مجيئ شخص مثل محمد وما وعد به أهل يثرب من مكاسب أقتصادية على حساب قريش ، أغنى قبائل العرب، جعل عشائرنا المتناحرة تتسابق في التحالف معه. لم يكن بإمكان إحد في يثرب أن يقف متفرجا أمام وعود محمد بالسطو على تجارة قريش وقطع الطريق على قوافلها ، فمقارنة مكاسب مالية سريعة كهذه بالجهد والعناء اللازمين لإستصلاح أراض جديدة في واحتنا جعلت كـفة حلفاء محمد بيننا ترجح بسرعة.

كان إعجابي بإبن سلول قد تأصل من حادث وقع قبل يوم بعاث ، ولأن كل همي في هذه اللحظة هو الشد من أزره وأيضا من أزر نفسي ، فقد أجبته بصوت فيه شئ من العتاب: ويحك يا إبن سلول ! لقد سطحنا الملائكة فوق هذه الساحة لغرض لئيم ، وإيجازك هذا لن يغني عنا شيئا! يجب أن نبقي وضوح الرؤية في عقولنا ، هيا يا اخي ! فصل لي أخبار تلك الأيام!

قال إبن سلول بعد أن فكر لفترة طويلة ، خشيت فيها أن سموم الغسلين قد نفذت فيها إلى القوارقات المكونة لذرات خلايا دماغه: يا أبا لهب، هناك الكثير من الشقوق التي أحدثتها عجلات الحطمة في مسطح جسمي ، وللأسف فإنها تقع في نفس مكان ذاكرتي عن تلك الأيام والحروب.

تنهد ثم أضاف: ربما أن غياب الذاكرة أفضل ، كم كانت مريرة تلك الأيام. قتل فيها الأخ أخاه ، وانقسمت فيها العشائر ، وتعددت أحلافها ، حتى حالفت عشائر الخزرج عشائر الأوس ضد أخوتها من الخزرج ، وحالف الأوس الخزرج ضد الأوس ، إلى أن أوصلتنا العداوات أن نحالف اليهود من بني قريظة والنضير ضد بعض. 

(أبو لهب) : لا بد من ذكر بعض التفاصيل يا إبن سلول!

أخذت تأوهاتي وإبن سلول من نخر الغسلين في أعصابنا ترن كالرعد في أذنتينا المتبادلتين  والمفرودتين على وسع الساحة، ومن بين أمواج طنين الملائكة العالي ، وصرير عجلات الحطمة الطاغي ، انتشر نتن الغسلين في الساحة ، وارتفع فوقها بضباب كسول ، كالهم الثقيل، بلون القئ الأصفر القاني، وما لبث أن زحف حتى أحاط بأعمدة مدخل لوكاندا حمالة الحطب وتسلقها كمجول  قميئ ، زاد من شكلها الموحش بشاعة وشرا. وخيم على الجميع جو كئيب له رائحة عفن الموت ، فخشعت حشرجة ملائكة التعذيب ، وتوقفوا عن التشفي بعذابنا إلى أن طواهم الصمت . وشعرت أن جو هذا العذاب وصل من فوقنا في جنة المأوى أعلى حدود النشوة ، عندما اختلط هدير الحطمة ، مع ضباب الغسلين  الأصفر، مع الضوء الأحمر القادم من فوانيس أبواب اللوكندة ، التي ظهرت في الخلف وكأنها ضبعة بالف فم ، وفي كل فم ألف ناب ، وفي كل ناب ألف حد.

ولأنه لا بد مما ليس منه بد ، وبالرغم من أن أجنحة  اللوكاندا وممراتها مصممة للأحتفاظ بالهواء الآسن ، فقد وجد بخار الغسلين طريقه إلى أمعاء حمالة الحطب المودية إلى جحور ضيوفها ، وقبيل غروب الشمس من خلف أسوار اللوكاندا ، بدأ أنف أمير جلاوزتنا يشع شعاعا أحمر شديدا ، وأخذ يصيح خوفا وألما : بخار الغسلين أدماني يا أغبياء ، ولكن لم يكن هناك من مجيب. عندها ، ومن انعكاس الضوء النازف من أنفه والذي أنار الساحة بلون الدماء ، إكتشف أن جميع جلاوزته كانوا يتدحرجون ألما فوق رقيقتي جسد إبن سلول وجسدي من أثر سموم الغسلين في فوتانات أجسامهم، وزاد طينه بلة ، عندما فتحت ألاف النوافذ من اللوكاندا بالقوة ، وانحدر منها سيل لا ينقطع من القذائف قوامها الخوازيق الفولاذية ، والأعضاء البشرية المبتورة ، من سيقاه وأذرع ورؤوس، مدعمة بالزجاج المكسر ، وطفت هذه القذائف فوق سيل من أقذع السباب فنا وإبداعا ، وسمعت أصواتا تهتف:

"لا غسلين ، لا غساق ، الله الزانية في الجحيم"

 ، فيجيبه هتاف من نوافذ أخرى:

" يا مناة ، يا عزى ، الله ترفث مع أبليس".

عندها أحس مسطح أعصابي ، ومعه مسطح أعصاب إبن سلول ، أن قلب أمير الجلاوزة قفز في صدره حتى كاد أن يقف ، فأمر باضطراب لطمت أمواجه مسطح أعصابي بشدة ، بوقف صب رذاذ الغسلين على جسدينا. وبعد أن رأى هبو بخاره الأصفر ما زال يتراقص من خلل أشعة الضوء الأحمر النازف من أنفه ، أمر بخرطوم الغساق ، ورشنا بنفسه بوابل شديد البرودة ، فتجمد كل شئ بما فيه شرذمة من ملائكة التعذيب.

بعد أن تأكد كبير الجلاوزة من توقف انتشار ضباب الغسلين، نبح في هاتفه الجوال طالبا قوات النجدة : "نجد ، نفض حمل حطب رسل طار أبش قوى صعق خص"  وفي لحظات ، علا هدير محركات  طائرات الأباتشي المقاتلة ، ترافقها طائرات عمودية لنقل الجند الملائكي والذي كان يعمل في جهنم بدون أجنحته لسهولة احتراقها، وتدلت منها الأمساد والحبال , وأخذت تنزل منها أمواج كثيفة من مقاتلة الصاعقة الملائكية ، المسلحة بقاذفات اللهب النووية ، ولسوء حظي وحظ إبن سلول، فقد نزلت هذه الملائكة الثقيلة بحوافرها المحذية بالمسامير الماسية فوق جسدينا ، وبدأ زحفهم بتشكيلات قتالية كبيرة نحو حمالة الحطب من فوق جسدينا، وهم يقذفونها بوابل لا ينقطع من نيران مدافعهم. ومن ظلام الجو الرصاصي، أطلقت طائرات الأباتشي سيلا مدرارا من الصواريخ الهيدروجينية الموجهة ، نحو نوافذ حمالة الحطب ، التي أخذت تحترق بحرارة تكاد تبلغ ما يعاملونا به في قعر وادي هبهب.

ما أن اطمأن القائد الجلوز من القضاء على انتفاضة حمالة الحطب ، حتى نبح في هاتفه "رسل حطم زاد جرف نهى"، وببطئها المعتاد، خرجت الحطمة تهدر مرة أخرى من المرآب ، وقد ركب على مقدمتها جاروفا عرضه سبعون مترا ، وأخذت تجرف خليط جسدي المتجمد في تركيبة الآلام مع الغساق والغسلين ، رائحة غادية ، دون مبالاة بالصرير الحاد الذي أحدثه حك مقشطتها مع أرض الساحة المبلطة بالفولاذ الصقيل ، وكان الصرير شديدا وصوته عاليا قبيحا حتى قارب في بشاعته صوت سبعون ألف من الحمير . وكان الملاك المتهدل الأرداف ، يتخبط في قيادتها وهو يسد أذنيه من شدة الصرير الذي يحدثه بنفسه ، ومن حين لآخر كان شحمه النوراني يتشابك مع عجلاتها أو يمس الأرضية المسمومة ، فيخور من الألم  كسبعين ثور من تفاعل مزيج الغساق والغسلين مع فوتونات جلده. وبعد أن أنتهى من تجميعي في مركز الساحة ، جمع جسد إبن سلول بنفس الطريقة وانتهى المسكين يشخر وهو مغشى عليه. وعندما تم تجميع جسدينا في كومة من الرقائق الممزقة ، التي بدت ككومة كتب محترقة حتى السواد ، أحضروا برميلين فارغين من براميل الغسلين ، وكنسوا فيهما ركام جسدينا.

ومن برميلي ، سمعت جلوز يقول لآخر وهو يهرش بحافره من خلف ساقه هرشا شديدا ، فتحدث حذوته الماسية جروحا طويلة على ساقه مسيلة منها ضوءا أصفر مقزز:  الحمد لله ، أعتقد أننا لن نراهما لحزمة كبيرة من سبعينات السنين.

قال الجلوز الآخر وهو يدحل ببرميل إبن سلول نحو باب اللوكاندا: مخطأ كالعادة يا رفيقي ، كنت قد رأيت بعيني أمرا ممهورا من أميرنا مالك بأن يكتب أسم كل منهما على كل ألكترون وكل بروتون من ذرات جسديهما، ولهذا فلن تستغرق عملية بناء جسدهما أكثر من عدة ساعات من نفخها في الصور الكوانتي الجديد.

قال الجلوز الهراش الذي أوكلت له دحدلة برميلي : وهل سنعد لهما حفلة أخرى في الأسبوع المقبل؟

قال الجلوز رفيقه وكأنه يتعمد أن نسمعه: نعم ، عندي أوامر خاصة من الجنة العليا أن أحضر لهما حفلة من مشاوي الزقوم.

قال الجلوز الهراش باستثارة وفرح: أراهنك بيومين من وقتي مع نساء هبهب أنهما لن يصمدا !

قال الجلوز الأول: مع أني تعجبت من صبرهما اليوم إلا أن هذا رهان خاسر ، بالطبع لن يصمدا.


 ملاحظات:

 في النار يتم تعظيم الألم وتكبيره عن طريق تضخيم الأجسام: قال الرسول مبيناً عظم أجساد الكفار في النار: (ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع) - صحيح البخاري- كِتَاب الرِّقَاقِ بَاب صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وقد اختلفت الأحاديث في عملية التكبير هذه فمنها ما يورد أن سمك جلد الكافر في النار سيكون إثنان وأربعون ذراعا ومنها من يقول أن سمكه سيكون سبعون ذراعا أو مسيرة ثلاث ليال. وقد فسر أبو لهب هذا الإختلاف باختلاف أنواع التعذيب حسب الجرائم المرتكبة بحق الله.

عودة للأعلى

  كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {يونس /27}

 عودة للأعلى

حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا {الكهف/86}

عودة للأعلى

مالك هو الأمير الأعلى لملائكة التعذيب في جهنم ويحمل رتبة المارشالية . وكان النبي محمد قد قابله في معراجه الأول واستاء لعدم ابتسامه له. راجع الحلقة الأولى

عودة للأعلى

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي: بماء كالمهل قال : « كعكر الزيت ، فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه ، ولو أن دلوا من غسلين يهراق في الدنيا لأنتن بأهل الدنيا » هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. من المستدرك على الصحيحين للحاكم.

عودة للأعلى

قال الرسول: (ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد، وعرض جلده سبعون ذراعاً، - وفي رواية أخرى - وفخذه مثل ورقان - وهو جبل أسود بالحجاز على يمين المار من المدينة إلى مكة - ومقعده من النار مثل ما بيني وبين الربذة)[6]  موضع بينه وبين المدينة ثلاث مراحل، رواه أحمد وإسناده حسن.

عودة للأعلى

تتبع الجنة والنار التقويم الإسلامي الهجري ولهذا يبدأ اليوم الجديد من لحظة غروب الشمس إلى غروبها في اليوم الثاني. ولأن أبو لهب كان قد منح فسحة من النار في كل يوم إثنين (راجع الحلقة الأولى) فإن يومه هذا يبدأ من لحظة غروب شمس الأحد.

عودة للأعلى

هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ {ص/57}

لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا {النبأ/24} إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا {النبأ/25}

الغساق: بالطخارية: هو المنتن والطخارية لغة طخارستان

الغساق هو ما وصفت من الشيء السائل، فالواجب أن يقال: الذي وعد الله هؤلاء القوم، وأخبر أنهم يذوقونه في الآخرة من الشراب هو السائل من الزمهرير في جهنم، الجامع مع شدة برده النتن.

عن أبي سعيد الخدري، عن النبي، قال: "لو أن دلوا من غساق يهراق إلى الدنيا لأنتن أهل الدنيا" . وهذا أعجاز علمي لأول براءة أختراع للغازات السامة.

قال: ثنا ابن لهيعة : "أتدرون أي شيء الغساق؟ " قالوا: الله أعلم، قال: "هو القيح الغليظ، لو أن قطرة منه تهراق بالمغرب لأنتن أهل المشرق، ولو تهراق بالمشرق، لأنتن أهل المغرب".

فإن قال قائل: فإنك قد قلت: إن الغساق: هو الزمهرير، والزمهرير، هو غاية البرد، فكيف يكون الزمهرير سائلا؟ قيل: إن البرد الذي لا يستطاع ولا يطاق يكون في صفة السائل من أجساد القوم من القيح والصديد.

عودة للأعلى

تتخصص الضفادع الملائكية ، في القيام بالمهمات الصعبة في البحار والمواد المائعة (مثل الغسلين) وتشبه في تنظيمها وتدريبها الضفادع البشرية إلى حد كبير مع فرق أنها تستخدم أجنحتها الملائكية كزعانف للسباحة.

عودة للأعلى

عن ثنا أبو يحيى عطية الكلاعي، أن كعبا كان يقول: هل تدرون ما غساق ؟ قالوا: لا والله ، قال: عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية أو عقرب أو غيرها، فيستنقع فيؤتي بالآدمي، فيغمس فيها غمسة واحدة، فيخرج وقد سقط جلده ولحمه عن العظام. حتى يتعلق جلده في كعبيه وعقبيه، وينجر لحمه كجر الرجل ثوبه.

عودة للأعلى

كل الملائكة تحت أوامر مشددة تمنعها من ذكر إسم الله بصيغة المؤنث وأعتقد أن ذلك جزء من التزامها سبحانها وتعالت بالحجاب.

عودة للأعلى

لأن الله لم يعلم الملائكة الأسماء ، فإن لغتها تختلف عن لغة بني آدم باستخدامها للفعل الماضي فقط. ففي هذه الجملة، عنى ملاك التعذيب "أسرع لي بالحطمة لتسطيح أبا لهب وإبن سلول". وقد تطلبت منا هذه اللغة العجيبة وقتا طويلا جدا لتعلمها بعد أنتقالنا للعالم الآخر ولا نزال. ولصعوبة فهم هذه اللغة فسأترجمها إلى لغة البشر كلما دعت ضرورة لذلك. راجع مقالتي عن تأويل القرآن في هذا الموقع: الصراط القويم في تأويل القرآن الكريم

عودة للأعلى

هكذا كانت هذه السورة قبل أن ينسخها جبريل وإبن أخي محمد  إلى الآيات الركيكة التالية:

كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ {الهمزة/4} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ {الهمزة/5} نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ {الهمزة/6} الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ {الهمزة/7} إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ {الهمزة/8} فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ {الهمزة/9}

عودة للأعلى

من مظفر النواب يصف طحن مجنزرة إسرائيليه لطفل عربي:

وكيف مشت مجنزرة على طفل

وكيف مسيرها مهل

وكيف تقاطعت شرفاتها بعموده الفقري في حقد

وكيف اللحم في الشرفات ينتقل

ولم يسمع له صوت

وما زالت على خديه بقايا من ظلال المهد

والقبل.

عودة للأعلى

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ {الحديد/25}

عودة للأعلى

 أدى النمو السكاني الكبير للمدينة وإرتفاع مستوى المعيشة في العقود القليلة الماضية إلى إستنزاف جزء كبير من المياه الجوفية القريبة من السطح وزيادة ملوحتها. أما في الماضي فتشير المصادر التاريخية إلى أن الحصول على الماء كان يتم بحفر آبار لا تزيد في عمقها على بضعة أمتار، كما أن قرب الماء من السطح أدى إلى انتشار العيون في المدينة. ويحوي المصدر التالي الكثير من المعلومات الممتازة والمراجع حول هذا الموضوع:

الاتجاه العام لتوزع الملوحة في المياه الجوفية السطحية بالمدينة المنورة ، د. حامد موسى الخطيب، أستاذ الجغرافيا الطبيعية المساعد بكلية المعلمين بالمدينة المنورة. ويمكن تنزيله من الرابط التالي: http://www.al-madinah.org/magazine/issue12/08.doc

عودة للأعلى

قامت الله سبحانها وتعالت بمكرها المعروف بتعديل خواص رابطة الهيدروجين مع الأوكسجين في جزيئ الماء في جهنم بشكل يسمح له بالتواجد كسائل تحت درجات الحرارة العالية وذلك للحفاظ على خواص الدم والمخاط والقيح والصديد وخواص الأعصاب الناقلة للألم. ولا يتواجد الماء في جنهم إلا بشكل الحميم وهو ماء تصل درجة حرارته إلى ألاف الدرجات دون أن يتبخر.

عودة للأعلى

Social and Economic Conditions in Pre-Islamic Mecca, Mahmood Ibrahim, International Journal of Middle East Studies, Vol. 14, No. 3. (Aug., 1982), pp. 343-358.

عودة للأعلى

نزل الامر لمحمد بقتال قريش بعد بيعة العقبة الثانية ، أي أثناء معيشته في مكة ، وفي هذا دليل على أن قريش لم تخرجه من دياره كما تزعم الآية، ولكنها حاولت أن تبقيه بينها خوفا على تجارتها، وسواء صحت تفاصيل رواية إبن أسحق أم لا ، فإنه لا شك أن قريش كانت تخشى خروج محمد عليها والتحالف مع أي قبيلة يمكنها أن تهدد طرق تجارتها ، ولهذا كان من مصلحتها أن يبقى محمد في مكة بأي ثمن. ما يلي منقول من سيرة إبن هشام وفيه تلميح على الأزمة الكبيرة التي وجد محمد نفسه بها من تراجع الكثير ممن آمن به عنه:

نزول الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال

بسم الله الرحمن الرحيم . قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي وكان رسول الله قبل بيعة العقبة لم يؤذن له في الحرب ولم تحلل له الدماء إنما يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على الأذى ، والصفح عن الجاهل وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم ونفوهم من بلادهم فهم من بين مفتون في دينه ومن بين معذب في أيديهم وبين هارب في البلاد فرارا منهم منهم من بأرض الحبشة ، ومنهم من بالمدينة ، وفي كل وجه فلما عتت قريش على الله عز وجل وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة وكذبوا نبيه وعذبوا ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم فكانت أول آية أنزلت في إذنه له في الحرب وإحلاله له الدماء والقتال لمن بغى عليهم فيما بلغني عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء قول الله تبارك وتعالى { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور } - : أي أني إنما أحللت لهم القتال لأنهم ظلموا ، ولم يكن لهم ذنب فيما بينهم وبين الناس إلا أن يعبدوا الله وأنهم إذا ظهروا أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر . يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين ثم أنزل الله تبارك وتعالى عليه { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } أي حتى لا يفتن مؤمن عن دينه { ويكون الدين لله } أي حتى يعبد الله لا يعبد معه غيره .

عودة للأعلى

كانت أذنتينا قد استبدلتا خطأ عندما قطعنا ملائكة التعذيب بالمناشير السلسلية الآلية. راجع الحلقة الأولى على هذا الرابط:

http://abulahab.blogspot.com/2007/02/blog-post_21.html

عودة للأعلى

أسم ثوب للنساء ، من إمرؤ القيس: إلى مثلها يرنو الحليم صبابة    إذا ما اسبكرت بين درع ومجول

عودة للأعلى

تترجم هذه العبارة الملائكية إلى :   "النجدة ، انتفضت حمالة الحطب ، أرسلوا طائرات الأباتشي وقوات الصاعقة الخاصة"

عودة للأعلى

إن أنكر الأصوات لصوت الحمير/ سورة لقمان. راجع مقالتي لإستخدام هذه الآية في تجربة علمية حديثة:

http://abulahab.blogspot.com/2006/09/blog-post.html

عودة للأعلى

ليست هناك تعليقات:

Links

    لا يعني إدراج الروابط التالية أن أبو لهب يوافق على كل ما يرد فيها وعلى وجه التخصيص , فنحن نرفض وندين أي مقالات معادية للقضية الفلسطينية أو القضية العربية